يعتبر أهل كايرو أنضج عمل قدمه بلال فضل حتي الآن رغم أنه في البداية أعطانا انطباعا أنه مقتبس من تيمة فيلم المذنبون والتي بدورها مأخوذة من تيمة (جريمة في حفل)، حيث تشير أصابع الاتهام إلي الجميع ويكشف التحقيق أن مرتكب الجريمة شخص واحد لكن الباقي"مذنبون"في حق المجتمع.ولكن ما جنب المسلسل تهمة الاقتباس هو الدمج بين ثلاث حالات معروفة لعلاقات الفنانات برجال الأعمال الأولي مقتل ذكري علي يد زوجها في عيد الأضحي منذ سنوات، والثانية السي دي الجنسي للراقصة دينا مع حسام أبو الفتوح، والثالثة بالطبع ذبح سوزان تميم، وقد نجح بلال في دمج الحوادث الثلاث بشكل درامي ودون افتعال أو إقحام وهي نقطة تحسب للعمل. لكن مسلسلاً محليًا في شخصياته وأحداثه وتفاصيله من الصعب يقبل أن يكون اسمه مأخوذًا من لفظ أجنبي.كنا نعلم قبل رمضان أن اسم المسلسل «شغل كايرو» وهي كلمة تراثية من الفلكلور الغنائي المصري ولها دلالتها المباشرة التي يمكن أن تتجاوز تعريب الاسم الأجنبي لكن أن يتغير إلي أهل كايرو ففي رأيي أنه مجرد «إفيه» لفظي.. ومشكلة بلال رغم قدراته الدرامية التي نمت كثيرا هي رغبته في إطلاق الإفيهات طوال الوقت بما يخل من اتزان الشخصيات وإيقاع المشاهد خصوصا في مشاهد نجوي مساعدة صافي أو مشاهد أخيها الذي جاءت شخصيته نمطية جدا فلماذا دائما ما يكون أخو البطلة بمثل هذه التفاهة والاستخفاف ويصبح مجرد سجادة يتم تنفيضها كل عدة مشاهد سواء من أمه أو أخته بشكل شراشيحي منفر..خاصة أن بلال قام ببناء الحلقات بطريقة الحدث الواحد أي أن كل حلقة تحتوي علي حدث أو تفصيلة واحدة رئيسية بينما بقية الحلقة هي تداعيات لهذا الحدث أو حواش من حوله، وبالتالي فإن المشاهد المطولة لاستظراف أفراد الأمن -التي لم تنتهي ورديتهم منذ بداية الحلقات - ومشاهد نجوي في البداية ومشاهد التلقيح بالكلام الماسخ علي والد أمينة - صافي هي أضعف مشاهد الحلقات كتابة وإخراجا..كذلك جاءت فكرة تثبت الكادر الأول للشخصية وكتابة سطور تعريفية لها مسألة شكلانية جدا، حيث إنه بمجرد ظهور الشخصية يتم تعريفها سواء من الشخصيات المحيطة بها أو من خلال تعريفها هي نفسها لنفسها، وبالتالي تبدو مسألة كتابة «نبذة مختصرة» مجرد تقليد غير فني وضعف سردي اما حكاية تقسيم الشاشة التي طالما أذهلتنا في مسلسل 24 لكيفر ساذرلاند فيتأرجح استخدامها هنا ما بين اللعب بالكادرات كأن يتم تكرار كادر الشخصية مرتين دون مبرر درامي أو توظيف بصري أو أن تكون نابعة من الموقف نفسه مثل حديث شخصيتين في التليفون أو المقارنة بين حال شخصيتين أو حالتين دراميتين متناقضتين وهنا تصبح موظفة وناضجة.ولا يمكن إنكار شخصية الإضاءة التي قدمتها نانسي عبد الفتاح مع المخرج محمد علي في أولي تجاربه الدرامية رغم أننا لم نر المستوي نفسه في تجاربه السينمائية وهو ما يضعنا أمام تساؤل حول حجم تأثر حساسية الفنان بالإمكانات المتاحة له حيث يبدو أنه قرر التخلي عن فكرة البساطة الإخراجية التي كان يدافع بها عن ضعف مستوي أفلامه ولا يمكن إغفال دور الموسيقي التصويرية لتامر كروان كعنصر سردي في بعض المشاهد وعنصر إيهامي بالغموض البوليسي في مشاهد أخري خصوصا مع مساحات الصمت أو مشاهد «الفلو اب» أي المتابعة المجمعة التي تربط ما بين الشخصيات عقب كل حدث رئيسي.وكما كتب أيمن قمر ولحن وليد سعد وغني الجسمي في أحد أهم تترات الموسم الحالي نقول (عيني علي أهل كايرو) ولكنها يا «عيني» الإعجاب وليست «عيني» السخرية.