..أفدح خسائر مصر وأكثر ما نحتاجه ونحن علي أعتاب 2011 هو أن تصبح مصر وطناً للعدالة وبلداً ودولة قانونية. فالدولة القانونية، ليست هي الدولة القادرة علي إنتاج نصوص وتشريعات ملزمة وحاكمة بل هي الدولة القادرة علي إنتاج نصوص تحترم الحقوق والحريات ولا تغتال الناس بالتلفيق والقهر حتي تزهق أرواحهم،التي لا تجد خلاصاً لها إلا عند خالقها ومخلصها!! كارثة أن يكون القانون في أجازة، فعندما يغيب القانون عن وطن، تغيب العدالة والحرية لكن الكارثة الأكبر أن تكون عودة الغائب «القانون» ستاراً ترتكب خلفه أكثر الأفعال هتكاً للعدالة والحرية.. فيموت الناس كمداً وألماً. القانون يصدر دائماً وتتصدره عبارة «باسم الشعب» يستمد منها شرعيته، لأنه هو الأداة التي يعبر بها عن إرادته ويدافع بها عن حقوقه، ويفقد هذه الشرعية إذا ما صدر لحماية الحاكم من الشعب تعبيراً عن إرادة النخبة أو الفرد. الدولة القانونية هي التي يقوم فيها القانون بدور الحارس الذي لا ينام، والقضاء بدور حامل الميزان معصوب العينين الذي لا يميز بين الرعايا وأصحاب النفوذ.. بين المخلصين للحاكم والمارقين عليه.. بين أنصاره ومعارضيه. في الدولة القانونية يضبط الحاكم نفسه علي القانون الذي يصدره الشعب، أما الدولة الاستبدادية فهي التي يضبط القانون فيها علي مقاس ورغبة الحاكم ليضبط الشعب كله وفقاً لرغباته.. وبالقانون!! شرعية القانون لا تتوقف فقط علي شكل نصوصه وصياغته، ولا بلاغة عباراته وديباجته ولا في توافر الأغلبية التي وافقت وأصدرته بل أولاً شرعية هذه الأغلبية في تمثيل الأمة وليس التمثيل بها في الدفاع عن المتهم البريء. القانون في الأمم المتحضرة قيمة إنسانية، نصوص تكاد تكون مقدسة لأنها تسعي لإفشاء العدل والرحمة، تسعي لإغلاق وتفريغ السجون لا فتحها علي مصراعيها وحشرها بالأبرياء قبل المذنبين أساتذة الجامعات والأطباء والصحفيين، بينما قطاع الطرق ولصوص المال العام يمرحون خارج السجون!! القانون في الأمم التي تعاني الاستبداد نصوص شيطانية تسعي للبطش، والتنكيل والترهيب تفشي مشاعر الخوف ليحني الشعب رأسه وظهره فلا تري في الوطن غير رأس واحد!! ورءوس أينعت فقطفت قهراً وسقطت كمداً. الشعوب التي تصدر باسمها القوانين.. تريد العدل، وتحب الرحمة وتكره الظلم وتؤمن بالإنصاف وتمقت الطغيان وترفض أكذوبة المستبد العادل وتشتاق للرحيم العادل، الحازم بغير لدد أو عنف، الطيب بغير ضعف، الحاسم بغير قسوة المترفع أن يكون حكماً وخصماً. الشعوب تكفر بالقوانين التي تصنع لتصيد الضعفاء وتحترم فقط إذا ما طالت الشرفاء وتتحول فجأة لقدس الأقداس إذا ما كان الواقع في براثنها من المعارضين. الشعوب تكره رائحة التلفيق حتي ولو كان الطهي تم في وعاء القانون.. تنفر من التنكيل حتي ولو جاء محمولاً علي شعارات براقة لا تخفي لون وطعم الحقيقة المرة. للحديث بقية