أعلنت السلطات الروسية استمرار حالة الطوارئ حول مركز إعادة معالجة وتخزين النفايات النووية في ماياك بمنطقة الأورال بسبب انتشار الحرائق في روسيا، وفقا لما أعلنته الإدارة المحلية. وكانت السلطات الروسية أكدت في وقت سابق أنها تسيطر تماما على الأوضاع حول المركز النووي الفيدرالي الواقع قرب مدينة ساروف بمقاطعة نيجني نوفوجورد. وكذلك بالنسبة للمفاعل النووي في جمهوردية موردوفيا ذات الحكم الذاتي. كما أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنها قامت بنقل المواد المشعة من مقاطعة موسكو إلى مناطق تحت السيطرة. وفي الوقت ذاته يجري اهتمام خاص بمنطقة بريانسك خوفا من إمكانية تسرب أي إشعاعات من المنطقة المحيطة بمفاعل تشيرنوبل الذي انفجر عام 1986. من جهة أخرى صرح مدير إدارة الأرصاد الجوية الروسية ألكسندر فرولوف أن موجة الحر التي تجتاح روسيا منذ مطلع يوليو وتسببت بحرائق هائلة وصلت حتى منطقة موسكو هي الأسوأ "منذ ألف عام", هذا فيما تقوم دول عديدة أوروبية وسوفيتية سابقة بمشاركة روسيا في إخماد بؤر الحرائق. وفي الوقت الذي يرسل فيه المسؤولون الروس رسائل تطمينية إلى الرأي العام الداخلي والخارجي، لم يتمكن أي مسؤول روسي من تحديد مواعيد معينة للتغلب على الكارثة التي بدأت تضرب العاصمة الشمالية سانت بطرسبورج. فيما أعلن وزير الحالات الطارئة سيرجي شويجو أن 99% من الحرائق بفعل العامل البشري، وهو ما لم يجد تفسيرا إلى الآن، ولكنه أثار مخاوف من استخدام ما يجري في تصفية حسابات سياسية داخلية أو خارجية. من جهة أخرى أصدر الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف مرسوما بتسريح عدد كبير من ضباط وقادة الأسطول البحري الحربي الروسي بتعمة التقاعس عن تنفيذ المهام التي كلفوا بها، وعلى رأسها المشاركة في إخماد الحرائق التي تكاد تغطي روسيا بالكامل. واتضح فيما بعد أن إحدى القواعد العسكرية التابعة للأسطول البحري الحربي الروسي واجهت ظروف معقدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحرائق، غير أن قادة الأسطول نفوا وقوع كارثة في هذه القاعدة، ما أثار غضب الرئيس الروسي. على الجانب الآخر من الكارثة، يطبق الروس المثل القائل بأن "مصائب قوم عند قوم فوائد" بحذافيره. فالكارثة تلحق أضرارا بالغة بالبعض وتوفر للبعض الآخر فرصة نادرة للحصول على أرباحٍ فاحشة. أما الحكومة فقد أصبحت عاجزة، ليس فقط عن إخماد الحرائق، بل وأيضا عن منع عديمي الضمير من الإثراء عن طريق بيع وسائل يدعون أنها مضادة للغازات المنبعثة عن حرائق الغابات. ومن المتعذر أيضا منع وكلاء السياحة من رفع أسعار الرحلات إلى مناطق لا حرائق فيها ولا دخان، كما تقول دعاياتهم. وإلى جانب هؤلاء ثمة صيدليات تبيع عشرات الآلاف من الكمامات القِماشية التي لا تجدي أى نفع في مواجهة الدخان والتلوث الذي ارتفع إلى 5 أضعاف المعدل الطبيعي. ونقلت صحيفة (إزفستيا) عن المديرة التنفيذية لرابطة شبكات الصيدلة في روسيا نيللي إيجناتيفا أن الطلب على الكمامات ازداد بنسبة 30 %. كما الطلب أيضا على المياه العاديةِ والمعدنية وأدوية الجهاز التنفسي والمهدئات. وتضاعف الطلب أيضا عدة مرات على المرطبات والمشروبات الباردة والبيرة. أما الطلب على المكيفات والمراوح فحدث ولا حرج، حسب الصحيفة. إذ بدأت أزمة مكيفات في روسيا كلها منذ منتصف شهر يوليو الماضي وأصبحت المراوح العادية تباع بخمسة أضعاف ثمنها. أما مشكلة القمح الروسي فقد أثارت تساؤلات، حيث وصفها البعض بأنها وسيلة للابتزاز على غرار أزمات الغاز التي افتعلتها روسيا مع أوكرانيا وتمارسها الآن مع بلاروسيا. إذ أوصى رئيس شركة الحبوب الدولية يوري أوجنيف الحكومة الروسية بإيقاف صادرات الحبوب ابتداءً من الأول من سبتمبر. وهي التوصية التي لاقت ترحيبا فوريا ومفاجئا من رئيس الوزراء فلاديمير بوتين الذي رأى أنه ينبغي تأمين احتياجات المستهلك المحلي الروسي أولا. بينما اعتبر البعض القرار مجرد ذريعة لكسب الوقت اللازم لحين ارتفاع أسعار القمح إلأى مستويات عالية ومن ثم يبدأ المورد الروسي تصدير محصوله. يذكر أن موجة الجفاف أدت إلى ارتفاع أسعار القمح في بعض المناطق الروسية بحوالي 70 يورو للطن الواحد. أما المؤسسات الزراعية التي لم تؤثر عليها ظروف الطقسِ فقررت تأجيل بيعِ محصولها بانتظار ارتفاعٍ أكبر في أسعاره. ومن ناحية أخرى لم تكن أسواق الحبوبِ العالمية أفضل حالا. ففي الشهر الماضي ارتفعت أسعار القمحِ فيها بحوالي 50 % بسبب التوقعات بتقليص حجم واردات القمح الروسي إلى النصف. وتخشى الدول الأوروبية من تضخم أسعار المواد الغذائية، فارتفاع سعر حبوبِ الأعلاف سيؤدي إلى زيادة أسعار اللحوم والحليب ومشتقاته. وفي موسكو انقسم الخبراء في هذا الشأن إلى معسكرين، فمنهم من ينادي بوقف صادرات الحبوبِ الروسية اعتباراً من بداية الشهر القادم. وهناك من يطالب باستمرار هذه الصادرات، مبررين ذلك بكفاية مخزون الحبوب، وبضرورة تعزيز مركز روسيا في السوق العالمية وإبعاد صفة الابتزاز عنها وكونها شريك غير موثوق به. ومن المعروف أن مصر بدأت تبحث عن موردين آخرين للقمح من بينهم الولاياتالمتحدة وأستراليا والأرجنتين. إذ قد تطبق روسيا قرارها على العقود المصرية التي وقعت قبل سريان مفعول القرار. وكان من المقرر أن تقوم روسيا بتوريد 180 ألف طن من القمح قبل 31 أغسطس الحالي. إضافة إلى 360 ألف طن أخرى في فترات لاحقة.