وزير الاتصالات: توقيع اتفاقية تعاون لتطوير حلول رقمية في مجال الرعاية الصحية باستخدام AI    بعد تثبيت سعر الفائدة.. هل تتأثر سوق الذهب المحلية؟    أيمن الجميل: مشروع الدلتا الجديدة إنجاز تاريخي    ورشة عمل حول تطبيقات الصحة والسلامة المهنية بالمنشآت الحكومية بالمنوفية    انفجارات في سماء إيلات بعد اعتراض صواريخ هجومية    الاتحاد الأوروبي ينتقد مناورات الصين واسعة النطاق قبالة تايوان    الأونروا: نزوح 800 ألف شخص من مدينة رفح بسبب التصعيد العسكري    بشكتاش يفوز على طرابزون 2/3 ويتوج بطلا لكأس تركيا بمشاركة تريزيجيه    ماذا قال الحلفاوي عن مصطفى شوبير قبل مباراة الأهلي والترجي؟    تحقيقات موسعة بواقعة ضبط أكبر شحنة كوكايين في 2024 ببورسعيد    "دمي فلسطيني".. والد بيلا حديد يعلق على إطلالة ابنته بالكوفية الفلسطينية في "كان" السينمائي    إيرادات الأربعاء.. "السرب" الأول و"بنقدر ظروفك" في المركز الرابع    «دنيا سمير غانم كانت هتبقى معانا».. هشام ماجد يكشف مفاجأه عن الموسم الأول من «أشغال شقة»    أكثرهم «برج الحوت».. 5 أبراج سيحالفها الحظ خلال الفترة المقبلة (تعرف عليها)    إعلام إسرائيلي: من المتوقع صدور أوامر للوزراء بعدم التطرق لقرارات محكمة العدل    انطلاق المؤتمر السنوي ل «طب القناة» في دورته ال 15    وزارة الصحة: نصائح هامة للمواطنين تفاديا لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة    الوجودية واختياراتنا في الحياة في عرض «سبع ليالي» ب مهرجان نوادي المسرح    العثور على جثة متحللة لمسن في بورسعيد    وزير السياحة يبحث زيادة حركة السياحة الوافدة لمصر من سلطنة عمان    قرار قضائي جديد بشأن التحقيقات مع سائق «ميكروباص» معدية أبو غالب (القصة كاملة)    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    انعقاد الجلسة الخامسة لمجلس جامعة الدلتا التكنولوجية    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    الجودو المصري يحجز مقعدين في أولمبياد باريس 2024    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    فيديو.. ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية الإيراني    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا.. والاحتلال يتحمل مسئولية إغلاقه    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    كولومبيا تعلن إقامة سفارتها فى الأراضى الفلسطينية برام الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الخالق فاروق يكتب : ما الذي يفعله محمود محيي الدين في قطاع التأمين؟

القيادات الجديدة لشركات التأمين الهجينة هم من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني برواتب تصل إلي 60 ألف جنيه شهرياً
مكافآت العضو الواحد في مجلس إدارة الشركة القابضة للتأمين في العام المالي (2008/2009) تصل إلي 2.4 مليون جنيه سنوياً
محمود محى الدين..وزير الإستثمار
دائماً ما كان ينقل عن القائد النازي ووزير الدعاية «جوبلز» مقولته الشهيرة: «حينما تتردد أمامي كلمة ثقافة ومثقفين فعليَ أن أتحسس مسدسي»
والمعني كما هو واضح لا لبس فيه ؛ فالرجل ونظامه النازي كله وفي مقدمتهم «هتلر» كانوا أشد عداء للثقافة والمثقفين لأن الأخيرين هم الأكثر دراية ومعرفة بمخاطر هذه السياسات النازية علي مستقبل ألمانيا وعلي العالم أجمع وهكذا تماماً حينما كان يحلو للرئيس السادات وصف المثقفين بكلمة «أراذل» أو «الأفندية» تقليلاً من شأنهم واستخفافاً بدورهم.
والآن.. حينما يظهر اسم وصورة وشخص «الدكتور عاطف عبيد» في نشاط التأمين التجاري في مصر فعلينا أن نتحسس جميعاً جيوبنا واقتصادنا فالرجل لم يكتف بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة أحد المصارف الكبري ذات الصفة الدولية ؛ والتي يتحصل منها علي عدة ملايين من الدولارات سنوياً في صورة أجور ومرتبات ومكافآت؟ وإنما بالإضافة إلي ذلك بدأ في رئاسة مجلس إدارة شركتين جديدتين للتأمين التجاري ؛ إحداهما للتأمين علي الحياة أو الأشخاص والثانية علي الممتلكات.
فما الحكاية.. وما المخاطر الجديدة؟
من الأمور المعروفة والمستقرة في علم الاقتصاد الحديث ؛ أن قطاعي البنوك والتأمين يمثلان رئتي التنفس لاقتصاد هذه الدولة أو تلك ؛ فالأول يقوم علي تعبئة المدخرات المتاحة لدي الأفراد والهيئات والمؤسسات العامة أو الخاصة أو العائلية ويعيد ضخها مرة أخري في صورة استثمارات أو إقراض للمشروعات والمستثمرين سواء للشركات العامة أو الخاصة.
أما الثاني (شركات التأمين التجاري) فبدونها لا تستقيم أمور اقتصاد الدولة عموماً والمشروعات خصوصاً ؛ فهي التي تقدم التغطية التأمينية من المخاطر «Risks» فتحقق عبر هذه المظلة دورة استثمارية إضافية علاوة علي دوره في درء المخاطر والتعويض عنها في حال وقوع هذا الخطر بجميع أشكاله (الحريق السرقة الأضرار وتأمين المسئولية.. الخ)
وقبل عام 1956 كان معظم هذين القطاعين الحيويين في يد المؤسسات الأجنبية والأفراد الأجانب يوجهونها وفقاً لنمط للأولويات لا يتفق تماماً مع رغبات وطموحات التنمية والتطوير اللذين ناضلا المصريين من أجل تحقيقها ؛ وهو ما دفع قيادة ثورة يوليو عام 1952 ؛ إلي اقتناص فرصة العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 لتأميم ووضع الحراسة علي مكونات هذين القطاعين الاقتصاديين الاستراتيجيين.
بل إن محاولات «طلعت حرب باشا» الأولي كانت في اتجاه إنشاء بنك وطني (بنك مصر) وشركة تأمين وطنية (شركة مصر للتأمين) عامي 1920 و1934 علي التوالي.
وهكذا تنبهت الحركة الوطنية المصرية والدولة الوطنية المصرية مبكراً إلي أهمية وحيوية هذين القطاعين وضرورة توجيه محافظها المالية لصالح خطط التنمية والتصنيع.
يكفي أن نشير إلي مجموعة من الحقائق الاقتصادية والمالية الخاصة بهذا القطاع الحيوي:
1- أن شركات التأمين العاملة في السوق المصرية بلغت عام 2007 حوالي 28 شركة وفرع لشركة أجنبية منها أربع شركات حكومية (مصر الشرق الأهلية المصرية لإعادة التأمين) تستحوذ وحدها علي حوالي 80% إلي 85% من نشاط هذا السوق سواء في مجال الأقساط السنوية أو التعويضات المدفوعة أو حجم الاستثمارات والأصول العقارية وغير العقارية.
2- أن حجم الأقساط المتاحة لدي هذه الشركات الحكومية الأربع قد تجاوزت 3.6 مليار جنيه ذلك العام وبلغت جملة التعويضات المدفوعة 3.1 مليار جنيه، كما أن صافي عوائد استثماراتها قد تجاوزت 2.2 مليار جنيه هذا بخلاف أصولها العقارية والمالية التي قاربت 19.5 مليار جنيه. وقد أدي نشاطها ذلك العام إلي أرباح قدرت بنحو 750.0 مليون جنيه والجدول التالي يظهر الآتي:
3- لقد جري إعادة تنظيم هذا القطاع الحيوي عبر عدة مراحل بدأت أولها في عام 1957 من خلال تمصير الشركات والفروع الأجنبية للتأمين ووضع الحراسة علي بعضها ثم إدماج بعضها مثل دمج شركة الإسكندرية لتأمينات الحياة وشركة الجزيرة للتأمين وشركة لورين لتأمينات الحياة وشركة ناشونال امبيلويرز لتأمينات الحياة وغيرها في شركة واحدة هي شركة الإسكندرية لتأمينات الحياة.
وكذلك جري دمج شركة «بيرل ليمتد» للتأمين وشركة أفريقيا للتأمينات العامة وشركة «لاجنيفيواز» للتأمين علي الحياة في شركة القاهرة للتأمين.
ثم في عام 1965 جري إعادة تنظيم هذا القطاع لخلق كيانات كبري قادرة علي المنافسة وتحدي هيمنة الكيانات الدولية للتامين فاستقرت علي ثلاث شركات حكومية كبري للتأمين (مصر الشرق الأهلية) وأنشئت الشركة المصرية لإعادة التأمين لكي تتخصص في عمليات إعادة التأمين «Reinsurance» من أجل الحفاظ علي أكبر نسبة من أقساط إعادة التأمين داخل مصر وتقليل الصادر منها إلي الخارج.
4 - وفي إطار إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، التي بدأت واقعياً منذ عام 1974 بدأ السماح بتأسيس شركات خاصة للتأمين تحت دعوي إفساح المجال للقطاع الخاص وللمنافسة الإيجابية، فتأسست شركة قناة السويس للتأمين (1979) وشركة المهندس (1980) وشركة الدلتا للتأمين (1980) وها نحن اليوم بصدد نحو 27 شركة خاصة وفرع لشركات أجنبية لم تقدم للسوق المصرية أنواعاً جديدة من الوثائق التأمينية كما لم تؤد إلي تغيير جوهري في هيكل الإنتاج والتسويق في هذا القطاع وهو ما أدي بالبعض من أنصار الخصخصة و«البيع» إلي التفكير في خطوة عملية جديدة عام 2006 تحت عنوان «إعادة هيكلة قطاع التأمين المصري» بطلب مباشر من مؤسسات دولية علي رأسها البنك الدولي الذي عرض فكرة توفير قروض بمئات الملايين من الدولارات لهذا الغرض من أجل تنفيذ أحد أهم توجهات منظمة التجارة العالمية التي وقعتها مصر منذ عام 1995 والرامية إلي ما يسمي «تحرير قطاعات الخدمات» من السيطرة والتحكم الحكومي وفتح المجال واسعاً للقطاع الرأسمالي الخاص في أهم مرتكزين اقتصاديين للدول وهما قطاعا البنوك والتأمين.
كيف يتحرك أصحاب المصالح الجدد؟
تشكل خلال الثلاثين عاماً الماضية (لوبي) «Loby» مصالح شديد القوة والبأس يعمل باستمرار من أجل التخلص من الملكية الحكومية للشركات عموماً وفي قطاعي البنوك والتأمين خصوصاً. يكفي أن نشير إلي أسماء بارزة في هذا العالم الهائج مثل السيد «أنسي نجيب ساويرس» (فرع المجموعة الأمريكية للتأمين «AIG» والدكتور «عاطف عبيد» رئيس وزراء مصر السابق و«ياسر هشام الملواني» و«جون كلود جبران» و«انتوني كابيلي» و«فيليب برية» و«همام محمد همام» و«هاني عثمان الدنا» و«سمير إبراهيم محمد الوزان» و«محمود علاء الدين كامل» وعمر عبد الله الفطيم وغيرهم كثيرون وهم جميعاً من كبار رجال المال والأعمال في مصر والمنطقة العربية.
ويكون مع هذا العالم الجديد «كادر تأميني» تلقي تدريبه وتعليمه الأولي في هذا النشاط داخل شركات التأمين الحكومية الكبري، ثم غادر لتلقي توجيهه التعليمي والفكري الجديد في المعاهد الأمريكية، فجاء مصحوباً بأفكارها وتجاربها التي أقل ما يمكن وصفه بها أنها مخربة لأي مشروعات طموحة للتنمية الجادة والحقيقية في مجتمع نام. وما علينا سوي مراجعة تفاصيل الكارثة المالية والاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة وأوروبا منذ خريف عام 2008 ومنها انتقلت بتأثيراتها المدمرة إلي بقية اقتصادات العالم وأدت إلي خسائر قدرت بأكثر من أربعة تريليونات دولار في الدول العربية وحدها.
علي أية حال.. لقد بدأ التفكير والتمهيد لتنفيذ الخطة الجديدة لما سمي «إعادة هيكلة قطاع التأمين» علي عدة مراحل:
المرحلة الأولي: التمهيد والترويج:
ووفقاً لها جري الترويج لفكرة دمج الشركات الحكومية للتأمين في شركة واحدة أو ما أطلقوا عليه «كياناً عملاقاً» قادراً علي المنافسة وخلال هذه الفترة التي امتدت من عام 2004 حتي عام 2006 تشكل «كونسورتيوم» مكوناً من ممثلي:
- بنك بي.إن.بي باريبا الفرنسي.
- البنك التجاري الدولي CIB.
- خبراء اكتواريون من مكتب ميلمان للمحاسبة.
- محاسبون ومدققون ماليين من مكتب إرنست آند يونج.
- قانونيون من بيكر آند ماكينزي.
وانتهي هؤلاء بوضع تقرير أوصي بتغيير الشكل القانوني لملكية الشركات الأربع الحكومية والسماح بدخول مساهمين آخرين إلي جانب الحكومة أي باختصار الدفع بهذه الشركات إلي طريق الخصخصة.
المرحلة الثانية: التنفيذ المرتبك والمسكون بالخطر:
لم يتأخر القائمون علي الأمر، فجري اتخاذ ثلاث خطوات عملية:
الأولي: استصدار القرار الجمهوري رقم (246) لسنة 2006 بإنشاء الشركة القابضة للتأمين وبناء هيكل إداري وتنظيمي «متطفل» علي الشركات العامة يبتلع بدوره ويمتص جزءاً كبيراً من غنيمة أرباح الشركات العاملة فعلاً كما سوف نري بعد قليل.
الثانية: استصدار قانون جديد للتأمين رقم (118) لسنة 2008 لتعديل قانون الإشراف والرقابة علي التأمين رقم (10) لسنة 1981 وبمقتضاه انتزعوا فكرة خبيثة وخطيرة سوف يكون لها تأثير مدمر وهدام علي كيان الشركات العامة للتأمين وهي فكرة فصل نشاط التأمين علي الحياة (أو الأشخاص) عن نشاط التأمينات علي الممتلكات وفي محاولة لفتح السوق إجبارياً للشركات الخاصة لإدراكهم بأن نظام التأمين والمعاشات التقاعدي سوف تجري عليه تغييرات ستؤدي حتماً إلي دفع العاملين والموظفين في الدولة وفي القطاع الخاص إلي استكمال هذا النظام بنظم تكميلية لمعاشات التقاعد غالباً ما ستكون شركات التأمين علي الحياة أو الأشخاص.
الثالثة: إجراء عمليات الدمج القسرية لشركات التأمين الحكومية فجري:
1- إدماج الشركات الثلاث (مصر الشرق المصرية لإعادة التأمين) في كيان واحد هو مصر للتأمين.
2- ضم محفظة تأمين الممتلكات والمسئوليات في الشركة الأهلية للتأمين إلي الكيان الأول والإبقاء فقط علي محفظة التأمين علي الحياة والأشخاص، الذي يحقق خسائر كبيرة بسبب وثائق التأمين الجماعي علي الحياة خاصة وثيقة التأمين الجماعي علي «أفراد القوات المسلحة» الذي يحقق خسائر سنوية كبيرة للشركة دون قدرة علي الرفض أو المراجعة.
3- وتقرر منح عملية الدمج عامين كاملين يبدأ بعدها خطوة أخطر وأدق تتمثل في إعادة تفكيك هذا الكيان «العملاق» علي حد زعمهم من خلال فصل محفظة «تأمينات الحياة» في كيان أو شركة مستقلة، وكذلك محفظة التأمين علي الممتلكات في شركة أخري مستقلة وهي مسألة لها من الأضرار الفنية والتسويقية ما سنعود لتناوله بعد قليل.
المرحلة الثالثة: التفكيك مرة أخري:
في الوقت الذي كان شعار القائمين علي الخطة الجديدة هو «خلق كيان عملاق» قادر علي المنافسة في السوق (لاندري المقصود بالسوق الإقليمية أو الدولية أو المحلية) فقد بدأت علي الفور الجانب الآخر من الخطة والتي يمكن أن نطلق عليها من الناحيتين الاقتصادية والمالية والتأمينية «خطة التفكيك».. كيف؟
بدأت الخطة بالإجراءات التالية:
1- في اجتماع الجمعية العمومية للشركة القابضة الوليدة منذ أسابيع وبرئاسة د. محمود محيي الدين وزير ما يسمي الاستثمار والصحيح هو وزير البيع والتصفية صدرت توصية بإنشاء «شركة مصر لإدارة الأصول العقارية «MAM» تكون مملوكة للشركة القابضة التي هي مجرد مجلس إدارة وعدد محدود من الموظفين برأس مال مصرح به 300 مليون جنيه ورأس مال مصدر 30 مليون جنيه، بينما رأس المال المدفوع 7.5 مليون جنيه ؛ وجري سحب أصول عقارية للشركات العامة تقدر بنحو 19.4 مليار جنيه في ذلك الوقت مما حرم هذه الشركات من ظهير اقتصادي ومالي ضخم وترك هذه الثروة العقارية في أيدي أشخاص كل همهم هو بيع واستئجار هذه الأصول العقارية التي تزيد علي 120 عقاراً ضخماً في مثلث وسط القاهرة وعشرات غيرها في المحافظات مثل الإسكندرية والإسماعيلية وأسيوط وغيرها. وقد بلغت حجم المحفظة الاستثمارية لهذه الشركة «اللقيطة» حوالي 22 مليار جنيه في نهاية عام 2009.
2- ثم جري تأسيس ما سمي «شركة مصر لإدارة الاستثمارات المالية» تتولي إدارة صناديق هجينة لإدارة المحفظة المالية والاستثمارية المستولي عليها من شركات التأمين الحكومية وأُنشئ لهذا الغرض صندوقين يتوليان هذا النشاط هما:
«صندوق مصر للتمويل والاستثمار»، حيث قيد في هيئة الرقابة المالية الموحدة في 16/11/2009 خاضعاً لقانون سوق المال رقم (95) لسنة 1992 وبرأسمال مصدر ومدفوع مقداره 30 مليون جنيه وهو كما جري توصيفه كصندوق استثمار ذي ملكية خاصة مغلق وغرضه طرح وثائق للمستثمرين المؤهلين مثل الشركات القابضة المملوكة للدولة وفي شراء أدوات الدين الحكومي (السندات وأذون الخزانة) وغيرها من القيم المنقولة ويبلغ رأس مال هذا الصندوق مليار جنيه تساهم فيه الشركات القابضة التابعة لوزير الاستثمار.
صندوق آخر تحت مسمي «صندوق مصر للتأمين النقدي ذو العائد اليومي التراكمي» يتولي الاستثمار في أدوات الدين العام الصادر من الحكومة والبنوك والشركات والودائع وبدأ نشاطه في أوائل مايو 2010 وبرأس مال قدره 250 مليون جنيه.
فأموال شركات التأمين الحكومية يجري تهريبها إلي صناديق وشركات هجينة ووهمية تمهيداً للبيع بالتجزئة لهذه الشركات وأصولها وأوراقها المالية في مرحلة لاحقة والتي بدأت بشائرها في العمليات المشبوهة لبيع العقارات التاريخية في منطقة وسط القاهرة.
3- وفي نفس الوقت جري توقيع اتفاقية قرض مع البنك الدولي في 26 مايو 2010 (كمرحلة ثالثة) بحوالي 500 مليون دولار لما أسموه «دعم القاعدة الرأسمالية للبنوك وقطاع التأمين» فخصص منه حوالي 400 مليون دولار لدعم البنوك المتخصصة مثل (البنك العقاري والبنك الصناعي) و100 مليون دولار للشركة الأهلية للتأمين.
والحقيقة أن الهدف من هذا القرض هو إعادة هيكلة هذين القطاعين بما يؤدي فعلياً إلي إعدادهما للخصخصة الكاملة والتخلص نهائياً من حصة الملكية العامة والحكومة في هذه المؤسسات المالية.
ذئاب القصعة:
في هذا الإطار الكلي للتحول تجري عملية أخري لا يلتفت إليها كثير من المحللين والدارسين ألا وهي تغيير هياكل البنية الإدارية والوظيفية بحيث تحولت هذه المؤسسات المالية وهنا نقصد شركات التأمين إلي «قصعة للذئاب» من حواشي لجنة السياسات ؛ حيث جري اختيار القيادات الجديدة سواء لما يسمي «الشركة القابضة للتأمين» أو الشركات التابعة الجديدة مثل «شركة مصر لإدارة الأصول العقارية» و«شركة مصر لإدارة الاستثمارات المالية» والصناديق التابعة الجديدة بعناصر من أعضاء لجنة السياسات والحزب الوطني وقدامي قيادات الأمن والجيش في أكبر عملية اغتصاب لثروات هذه الشركات ومواردها المالية ؛ حيث يقدر مبالغ العقود المالية لكل من هؤلاء بما لا يقل عن 60 ألف جنيه شهريا ؛ علاوة علي المكافآت وبدلات حضور اللجان وبدلات السفر وغيرها.
خذ مثلاً ما جري تخصيصه من مكافآت لأعضاء مجلس إدارة الشركة القابضة للتأمين من واقع الأرباح الموزعة في ختام السنة المالية 2007/2008 فقد بلغت 24.1 مليون جنيه وفي العام التالي (2008/2009) بلغت 26.5 مليون جنيه أي أن متوسط ما يحصل عليه عضو مجلس إدارة هذه الشركة القابضة اللقيطة يتجاوز 2.4 مليون جنيه في ختام السنة المالية، علاوة علي ما يتقاضاه شهريا والمقدر بحوالي 750 ألف جنيه في المتوسط علي مدار العام، ويضاف إلي هؤلاء أعداد كبيرة من أبناء المحاسيب والأقرباء يأتون بهم بعيدا عن قوانين العمل المعمول بها، ومن خلال نظام للعقود يتجاوز قيمة العقد الواحد خمسة آلاف جنيه كحد أدني ويصل في بعض العقود إلي خمسة عشر ألف جنيه.
إذن نحن إزاء وليمة كبيرة من المال العام وتبديد متعمد لموارد هذه الشركات.
المخاطر الفنية لعمليات الدمج وإعادة الفصل..!!
كما سبق وأشرنا فإن خطة نهب المال العام في شركات التأمين تجري علي عدة مراحل:
ففي الأولي: جرت عملية دمج بعض هذه الشركات، بحيث جري غربلة الهيكل الإداري والوظيفي والتنظيمي للشركات وإضعاف أي محاولة لمقاومة مخطط الخصخصة.
وفي المرحلة الثانية: تجري عملية فك وتفكيك هذا القطاع.
والسؤال: ما ملامح عملية الفصل والتفكيك؟ وما مخاطرها علي الهياكل المالية والملاءة المالية لهذه الشركات العامة؟
كما عرضنا قبل قليل فقد بدأت عملية الفصل وإعادة التفكيك في اللحظة ذاتها التي بدأت فيها ما يسمي «خلق كيان عملاق للتأمين» ودمج ثلاث شركات في شركة واحدة هي مصر للتأمين، وقد اتخذت عملية الفصل والتفكيك الأشكال التالية:
1- فصل الأصول العقارية المملوكة لشركات التأمين العامة والمقدرة وقتئذ بنحو 19.5 مليار جنيه عن بقية أصول هذه الشركات ووضعها تحت زمام شركة جديدة هي «مصر لإدارة الأصول العقارية» وتحت قبضة وزير التصفية والتفليسة «د. محمود محيي الدين»، وهكذا أصبحت هذه الثروة العقارية يتيمة الأم والأب بعد أن أبعدت عن محفظة الشركات صاحبة التاريخ في تكوينها وإدارتها. وبالطبع عين مجلس إدارة لهذا الكيان الممسوخ من رجال الحزب والمتلمظين علي المال العام.
2- فصل النشاط الاستثماري للشركات وإحالته إلي كيان جديد تحت مسمي «شركة مصر لإدارة الاستثمارات المالية» وبدورها تشكل مجلس إدارة للشركة الوليدة من المحاسيب والحزبيين مقابل عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا.
وهذه الأصول المالية والعقارية المملوكة أصلا إلي شركات التأمين الكبري الثلاث (مصر - الشرق - الأهلية) تمثل محفظة مالية متكاملة تتيح لها قدرات هائلة تضمن توازنها المالي والاستثماري في مواجهة أي ظروف طارئة من جهة، وتجعل منها كياناً اقتصادياً ومالياً قادراً علي المنافسة في السوق الإقليمية (السوق العربي) والأفرو - آسيوي في مواجهة الشركات الدولية من جهة أخري.
وبالتالي فقد أدي سحب هذه الأصول ووضعها في كيانات هزيلة وتحت قبضة كيان «لقيط» مثل الشركة القابضة وتحت عين وسيطرة وزير كل مهمته هي بيع الأصول العامة، إلي جعل شركتي التأمين الحاليتين في مهب الرياح العاصفة.
3- الخطوة الثالثة وقبل النهائية علي طريق تصفية وخصخصة هذه الشركات العامة العملاقة هو ما يجري حالياً من فصل نشاطي التأمين علي الممتلكات والتأمين علي الأشخاص أو الحياة في شركات منفصلة تماما، كما يطالب البنك الدولي ورجال المال والأعمال العاملون في هذا المجال وفي مقدمتهم د. عاطف عبيد.
ومن شأن هذه الخطوة الجديدة تحقيق نتائج وتداعيات خطيرة أبرزها:
- تدمير الجهاز الإنتاجي والتسويقي الذي تمتلكه هذه الشركات والذي امتلك عبر خمسين عاما كاملة الخبرة والمران والدراية بأحوال السوقين المصري والعربي.
- تفتيت الكيانات الإدارية والفنية لكل شركة تتولي نشاطاً منفصلاً.
- إضعاف المحافظ المالية والملاءة المالية للشركات، خاصة تلك التي سوف تتخصص في مجال التأمين علي الأشخاص، بما يجعلها ضعيفة تنافسيا أمام الشركات الخاصة والفروع الأجنبية العاملة حالياً في السوق المصرية.
- تدمير العلامات التجارية التي سبق وتحققت لهذه الشركات مثل شركة الشرق للتأمين (تأسست عام 1931) والتي تتعرض مقارها بالمحافظات للإغلاق (176 مقراً ومركزاً) تمهيدا لبيعها وكذلك الأمر للشركة الأهلية للتأمين.
وهكذا يجري بالفعل تفتيت هذه الكيانات العملاقة، بما يؤكد أن مزاعمهم بشأن الدمج لم تكن سوي مرحلة علي طريق التدمير ونشل الشركات العامة، أما عن بداية حكاية التفكيك لشركات القطاع العام عموما فسوف نرويها لكم بالمستندات والوثائق في مقال آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.