في أسبوع واحد شن قادة الحزب الوطني هجوما كاسحا ضد الدكتور البرادعي تجاوزوا فيه كل حدود الأدب واللياقة والاختلاف السياسي.. المثير للانتباه أن هذا الهجوم الوطني (نسبة إلي الحزب الوطني) يأتي والبرادعي خارج مصر، كما أن الجمعية الوطنية للتغيير ليست في أفضل حالاتها، وجميع القوي السياسية مشغولة بالبحث عن مصالحها وغنائمها قبيل الانتخابات التشريعية القادمة، مما يجعلنا نتساءل عن سر هذا الهجوم الحكومي ضد البرادعي الآن.. ولماذا غير الحكم من أساليب هجومه؟ حيث كان الإعلام الحكومي هو الذي يتولي تلك المهمة قذفا وقدحا، فلم يتركوا عيباً أو نقيصة إلا وقد ألصقوها بالبرادعي واستعانوا ببعض الكتاب العرب ونقلوا عنهم هجومهم علي الرجل. كان قادة الحزب الوطني يبعدون أنفسهم عن الدخول في هذا الهجوم وعندما كانوا يسألون عن البرادعي فإنهم يبدأون كلامهم بذكر محاسن الرجل وعلمه وقامته وقيمته الدولية مع دعوته إلي الدخول لأحد الأحزاب المصرية القائمة.. ظلت تلك استراتيجية الحكم في التعامل مع البرادعي دون بذاءة أو خروج لفظي عن النص.. رغم حجم الحراك السياسي الذي أثاره البرادعي في الشارع، وما مثله في فترة ما من حلم التغيير بعد أن أثبت للمصريين وجود بديل ثالث غير الوطني والإخوان.. ورغم هذا الضغط المعنوي والإعلامي فقد ظل الحزب الوطني متجاهلاً بالتعليق مسألة ظهور البرادعي علي الساحة السياسية. فجأة ومنذ بداية الأسبوع الماضي شن أربعة من قادة الحزب الوطني هجوما علي الرجل، جاءت ضربة البداية علي لسان وزير الإعلام أنس الفقي والذي وصف البرادعي بأنه مجرد ظاهرة إعلامية بل تحداه أن يعرف سعر تذكرة الأتوبيس، ولم تمض ساعات حتي دخل الدكتور علي الدين هلال الحلبة وقال ما لا يليق به أو بالرجل، وأن البرادعي (بيلقح جتته) للدخول إلي الحزب الوطني، كما انتقد الدكتور فتحي سرور البرادعي في أهرام السبت الماضي، وسار علي نهجه مفيد شهاب، وربما وأنت تقرأ تلك السطور تكون بعض منصات هجوم الحزب الوطني قد أطلقت بعض صواريخها علي الرجل. ما سبق يطرح سؤالاً منطقياً هو.. لماذا الآن هذا الهجوم بينما الرجل ودعوته ليستا بمثل القوة التي بدأ بها؟ عندي هنا سببان يبرران الهجوم الكاسح لقادة النظام علي الرجل وهما: 1- التفاهم الأخير الذي جري بين البرادعي والإخوان المسلمين، خاصة بعد أن أعلنت الجماعة عن دعمها للرجل وللجمعية الوطنية للتغيير وحجم التنسيق الذي بدا جيدا وانعكس علي عدد التوقيعات اليومية التي تحققها الجماعة علي بيان التغيير.. ومثلما قال لي أحد قادة الحزب الوطني إن الإخوان المسلمين هم الخط الأحمر للحكم ومن يتحالف معهم فإنه يعادي الدولة، وظني أن ذهاب البرادعي للجماعة وتصريحات كلا الطرفين قد أثارا غيظا وتوترا لدي الحزب الحاكم فكان الهجوم الذي رأيناه مستخدمين كل الأساليب. 2- كثرة زيارات البرادعي للخارج ولقاءاته ببعض السياسيين المؤثرين في العواصم الرئيسية، وربما أسفرت تلك اللقاءات عن ضغوط دولية علي الحكومة المصرية مثلما جري منذ أيام، عندما تقدم بعض الأعضاء البارزين بمجلس الشيوخ الأمريكي- وعلي رأسهم المرشح الرئاسي السابق جون ماكين- بمشروع قانون يطالب بدعم الديمقراطية والحريات في مصر وإلغاء قانون الطوارئ ورفع أي رقابة للحكومة المصرية عن المساعدات الأجنبية، مما أثار ضيق الحكومة والتي ربما رأت أن سفر البرادعي ليس بهدف إلقاء محاضرات أو الحصول علي تكريم خارجي فقط، بل إن لقاءاته الدولية وتحركاته الخارجية تشكل ضغطا دوليا علي النظام، فكان هذا الهجوم العنيف الذي نراه الآن ضد البرادعي.