المغربي طلب الحوار مع «المصور» ليهاجم وسائل الإعلام ووزير الاستثمار يعاتب صديقه نظيف وحكومته لأنهم تخلوا عنه وزير الإسكان يسعي لمعركة مع محيي الدين لأنه يتهمه بعدم تحمل عبء الهجوم بسبب الصفقة مثار الجدل وتركيز حملة الهجوم عليه وهو بريء منها حسنين كروم من الآن، وحتي انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر المقبل، سيقدر لنا متابعة مجموعة من الألعاب أو الألغاز أو الصراعات -اختر لها ما تشاء من مسميات - التي سيقوم بها النظام والحزب الوطني وأجنحته المتصارعة.. بحيث تتجدد معارك قديمة بينها أو تظهر فجأة خصومات جديدة أو تنقلات من مجموعة لأخري، وقد كشفت المعركة التي فتحها وزير الإسكان ورجل الأعمال أحمد المغربي وقيامه بهجوم مضاد بدءا من يوم الأربعاء الماضي ردا علي سلسلة الاتهامات الموجهة إليه وإلي أبناء خالته الشركاء معه في شركة «بالم هيلز» وهي المشاركة مع شركة «أكور الفرنسية» لشراء أرض ميدان التحرير من الشركة القابضة للسياحة، والتي انفجرت علي مدار العامين الماضيين، وتدخل الرئيس مبارك فيها بواسطة محافظ القاهرة الدكتور عبد العظيم وزير لوقفها، تم تعديل الاتفاق، ثم قرية «توت آمون» علي ساحل بحيرة ناصر بأسوان وتدخل الرئيس مباشرة وطلب إلغاءها بين «بالم هيلز» وشركة «مصر - أسوان»، ثم قضية تخصيص هيئة المجتمعات العمرانية لشركة «بالم هيلز» مليون متر في القاهرةالجديدة والتي انفردت «الدستور» بإثارتها مدعومة بالوثائق، ولم يحدث تحرك حكومي لمواجهتها، وقد ظل الوزير صامتا والهجمات ضده تملأ حتي الصحف الحكومية، وتطالب بإقالته، وفجأة يعلن الحزب الوطني أن مكافحة الفساد «ستكون في برنامجه الانتخابي الذي سيعلنه» وبعدها يبدأ المغربي هجومه الإعلامي للدفاع عن نفسه، معتمدا هذه المرة علي جهده الذاتي، وكان تحركاً كاشفا عن صراعات جديدة داخل مجلس الوزراء والحزب، واختار مجلة «المصور» لينطلق منها فاتصل برئيس تحريرها زميلنا وصديقنا حمدي رزق وطلب منه أن يجري حوارا معه وهو ما حرص حمدي علي تأكيده حتي لا يفهم أحد أنه الذي سعي للوزير، وهو ما يثير الدهشة أولا لأن حمدي سبق وهاجم الوزير في «المصري اليوم»، وثانيا لأن المغربي لم يطلب إجراء الحوار مع رئيس مجلس إدارة الأهرام زميلنا وصديقنا الدكتور عبد المنعم سعيد الذي سانده وهاجم حمدي من أجله، كما لم يطلب الحوار مع أي من رؤساء تحرير الصحف الحكومية ولم يطلب مع «المصري» أو «الدستور» أو «الشروق» أو «الوفد» ليرد علي ما نشرته من هجمات ضده، وهو ما يثير علامات استفهام، زالت عند قراءة الحديث، وأبرز ما فيه أنه هاجم وسائل الإعلام ومنها الحكومية ووزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين وغمز أو عاتب صديقه رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف والحكومة لأنهم تخلوا عنه ولم يوضحوا حقيقة أنه لا علاقة له بقضية شراء أرض ميدان التحرير، وبدا واضحا أنه يسعي لمعركة مع محيي الدين لأنه يتهمه بأنه بدلا من تحمل عبء الهجوم بسبب الصفقة لأن وزارته المتهم الرئيسي فيها، فإنه ترك الحملة تتركز علي المغربي وهو بريء منها. الوزير قال تعليقا علي خبر نشرته «المصري اليوم» عن المشادة التي حدثت بينه وبين محيي الدين في اجتماع مجلس الوزراء وتركه الاجتماع غاضبا ثم عودته إليه: «الغلطة الوحيدة في معلومات المصري اليوم أنني لم أترك المجلس، إنما استأذنت للدخول إلي الحمام، نعم، أثرت الموضوع بعدما أصبح ثابتا في أذهان الرأي العام، وأنني مش عارف أعمل فيه حاجة، وكنت أسجل اعتراضي علي سكوت د. محمود محيي الدين في مواجهة هذه الحملة علي وزير زميله في موضوع، هو الأساس فيه، لكنه لا يريد اسمه يرتبط «خالص» بصفقة ميدان التحرير، الأساس أنه هو البائع». أما بالنسبة لغمزه أو عتابه لنظيف بسبب صمته هو الآخر ووعده له بأن يفعل شيئا فقال: «لم تظهر النتيجة لكني متأكد أنه سوف يأخذ موقفا فيها». والغريب أنه وفي اليوم نفسه - الأربعاء - نشرت الأخبار علي نصف صفحة، و«الأهرام» علي أقل من الخمس، ما قالت إنه بيان، كان دفاعا عن الوزير وشرحا لما سبق ونشرته هيئة المجتمعات العمرانية ردا علي الدستور وكذلك نفي صلة الوزير بأرض التحرير، ولوحظ أن الصحيفتين تشيران إلي مصدر البيان بينما رفضت نشره الصحف الحكومية الأخري، ثم اتضح أنه نقلا من موقع الحزب الوطني الإلكتروني، ثم بدأت صحف أخري تشير إلي الموضوع متجنبة ذكر المصدر باستثناء زميلينا وصديقينا إبراهيم منصور في «الدستور» ومحمد فودة في «المساء»، المهم أن هذا الموقف من الصحف الحكومية كشف عن تعارض في مواقف الحزب نحو المغربي، لأنه لو كان له موقف مساند بشكل كامل له لتم النشر في كل الصحف، أو أجري الوزير حديثه مع «الأهرام» مثلا بدلا من «المصور» ولو كان له موقف معارض تماما لما نشرته الأخبار والأهرام مع حرص الحزب علي اخفاء أنه مصدر المعلومات حتي لا يبدو مساندا للوزير. وفي اليوم التالي - الخميس - ظهر المغربي علي التليفزيون الحكومي في برنامج «مصر النهاردة» مع زميلنا وصديقنا خيري رمضان، مؤكدا أن هذه أول مرة يظهر في قناة أرضية - أي حكومية - وتوعد كل من سيكتب عن وجود صلة له أو لعائلته بأرض التحرير بتقديمه للنائب العام، مما استفز خيري فأسرع بمقاطعته بهدوء قائلا: تقصد تقديم بلاغ؟ فتدارك الأمر، وقال: طبعا، وظهر الوزير واثقا وقويا وأصبحت مشكلته الحقيقية لا صفقة جزيرة «توت آمون» أو المليون متر في القاهرةالجديدة وإنما أرض التحرير. ولم يتأخر رد محمود محيي الدين عليه، وبادله عنفا بعنف، عندما استغل حضوره الاحتفال مع العاملين في ازدواج طريق الصعيد - البحر الأحمر بقوله للصحفيين: «طالبني الكثيرون بضرورة الرد، إلا أنني قررت ألا أفعل لأنني أقدر المغربي، فهو تحت ضغوط كثيرة بسبب أكثر من موضوع، ولو أن السيف علي رقبتي فلن أغير من قواعد عمل الشركات التي وضعتها خاصة عدم التدخل في عملها، والشركة القابضة للسياحة أعلنت أكثر من مرة أن الوزير المغربي لا صلة له بأرض التحرير، وهذا كان يكفي». واللافت أيضا أن الصحف الحكومية أسقطت من تصريحات محيي الدين هذا الرد العنيف علي المغربي، بينما أشارت إليه الصحف المستقلة، إذن هناك أزمة حقيقية بين المغربي ونظيف، صحيح أنها خفيفة ولم تتجاوز العتاب لعدم مساندته علي الرغم من أنه كان مساندا له علي طول الخط لدرجة أنه صرح منذ حوالي عامين معترفا بأنه علي خلاف مع وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد، وإذا جاء رشيد رئيسا للوزارة فلن يعمل معه، وأكد علي صداقته لنظيف، لكن المغربي يطلب المستحيل من نظيف، بعد أن أصبح الرئيس طرفا في قضية «توت آمون» وله الحق في حيرته من صمته في قضية أرض التحرير لأن نظيف كان متحمسا للاتفاق وروج له، ثم صمت بعد إثارته وهو ما يثير التساؤلات أيضا. أما بالنسبة لمحمود محيي الدين، فقد وضع المغربي يده علي السبب، بقوله إنه لا يريد أن يرتبط اسمه بصفقة ميدان التحرير رغم أنه المسئول عنها، وهذا صحيح إلي حد كبير، ولكن المغربي لم يفهم الأسباب الحقيقية، وهي التغييرات التي طرأت علي مواقف محيي الدين، فبعد أن كان أنشط أعضاء مجموعة بيع كل شيء تملكه الدولة، ودخل في معارك علنية مع وزير البترول سامح فهمي، عندما كان يتم التجهيز لبيع جميع معامل تكرير البترول، ثم التقدم خطوة لبيع شركة مصر للطيران، مدعوما طبعا بمجموعته، إلي أن تم إيقاف أفرادها عند حدودهم بواسطة أجهزة سيادية فإنه خرج من هذه المعركة ومن معركة بيع عمر أفندي مدركا أن الأمور ليست بهذه السهولة التي تصوروها وبدأ يسير في اتجاه آخر، وهو تطوير ما تحت يد وزارته من مصانع وفتح استثمارات فيها والتباهي بأنها تحقق أرباحا، والدعوة لنشر المجمعات الاستهلاكية الضخمة، ولم يبق إلا أن يرفع شعار الاشتراكية، صحيح أنه ينفذ سياسة فرضها الجناح الآخر في النظام والحزب، لكن الغريب أنه بات متحمسا لها، ولا أعرف إن كان السبب إحساسه بقوة قبضة الجناح الآخر، أم أن الهزيمة التي تلقتها مجموعة بيع كل شيء قد لاقت ارتياحا لديه لأنها أعادته إلي انتماءات أعمامه من قادة ثورة يوليو وهما زكريا وخالد محيي الدين - أطال الله بقاءهما - وانتماءات المرحوم الدكتور فؤاد محيي الدين - وزير الصحة ورئيس الوزراء الأسبق - ودخوله انتخابات مجلس الشعب المقبلة عن دائرته كفر شكر، معقل العائلة ولا يمكن شعبيا أن يرتبط اسمه بالبيع والمستثمرين ورجال الأعمال وما قد يعتبره البعض في الدائرة خيانة منه لتاريخ العائلة والثورة؟ كل شيء جائز .. وربكم الأعلم بما في الصدور لكننا أمام معارك وانشقاقات أخري داخل الوزارة والنظام، وأعتقد أن نتيجتها سوف تظهر بعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب سواء في تشكيل وزارة جديدة أو تعديل وزاري سيكون المغربي أبرز الخارجين وإحساسه بذلك دفعه لفتح المعركة من الآن، وقد يحاول الحزب وهو يرفع شعار مكافحة الفساد إغلاق عدد من قضاياه.