لماذا هذا الاهتمام الإعلامي بخروج وزير ودخول آخر؟!.. ما الجديد الذي اختلف هذه المرة عما سبق؟.. لا شيء.. نفس السيناريو المتكرر منذ سنوات.. فلا الرأي العام عرف أسباب دخول هذا الوزير أو خروج ذاك.. ثم ما الذي سيجعل القادم الجديد مختلفا عن السابق.. بأمارة إيه؟. إذا قرأت تصريحات الوزراء والمحافظين الجدد للصحف بعد أدائهم اليمين الدستورية.. ستجدها إكليشيهات مكررة كأنهم حفظوها من كتاب للمطالعة الموحدة.. تبدأ بالتأكيد علي أن المنصب تكليف وليس تشريفًا!!.. مع استعراض توجيهات الرئيس إليهم (طبيعي أن يكون للرئيس توجيهاته). لا نعرف لماذا لم ينعم الله علينا حتي الآن بوزير جديد.. يبدأ عمله حاملا معه رؤيته الواقعية المصحوبة بتوقيتات زمنية محددة.. لإنجاز ملفات العمل داخل وزارته.. ظني أن سبب ذلك يعود إلي أن التكليف بالوزارة يقع علي صاحبها فجأة كالقضاء المستعجل.. عندما يدق التليفون ويطلب المتحدث التوجه لقصر الرئاسة لأمر مهم.. وفي الطريق يعرف الخبر.. فلا استعداد ولا رؤية طبعا. ليس لدينا قواعد منظمة تستغرق زمنا معقولا في مسألة الترشيح للعمل الوزاري.. كأن يلتقي رئيس الوزراء المرشحين ويستمع منصتا إلي رؤيتهم للعمل الوزاري المرشحون إليه.. ثم عندما يستقر الرأي علي المرشح للوزارة.. يذهب إلي مجلس الشعب ومعه برنامجه ورؤيته للعرض علي المجلس.. والأخير يمتلك حقا دستوريا في قبول أو رفض هذا الترشيح (!!). شيء من هذا لم - ولن - يحدث.. لأن هناك واحدًا فقط في هذا البلد الذي يملك حق اختيار أو خروج كل هؤلاء الوزراء.. إنه الرئيس الذي يملك وحده كل هذه الصلاحيات. لم يعرف رئيس الوزراء الحالي نبأ إعفاء وزير التعليم يسري الجمل من منصبه واختيار بديلا له إلا بعد إعلان الخبر.. رغم أن الوزير الجديد أصبح أحد أعضاء الحكومة وسيعمل تحت رئاسة نظيف.. كيف سيعمل ويتصرف وزير التعليم الجديد مع رئيس الوزراء.. وهو يعلم - يقينا - أن من اختاره لهذا الكرسي ليس رئيس الحكومة. منذ سنوات طويلة كان رئيس الجمهورية يكتفي فقط باختيار الوزارات السيادية كالداخلية والخارجية والعدل والدفاع.. ويترك بقية تشكيل الحكومة إلي رئيس الوزراء المكلف.. الذي يلتقي المرشحين ثم يقدم قائمة بهم لرئيس الجمهورية.. وعادة لم تكن تلك القائمة تشهد تغييرا كبيرا.. لكن مع ظهور أكثر من قوي داخل كيان الدولة والحزب الحاكم نفسه كأمانة السياسات.. تقلصت المساحة الممنوحة لرئيس الوزراء في اختيار الوزراء شيئا فشيئا.. فوجدنا أمانة السياسات تختار وزراء المجموعة الاقتصادية.. وللرئيس حقه في اختيار مجموعة الوزراء السياديين.. ويترك لرئيس الوزراء اختيار وزراء الخدمات مثل: العمل والبيئة والصحة والتعليم.. لكن الجديد الذي كشف عنه التعديل الوزاري الأخير.. أن حتي هذه الوزارات لم يعد لرئيس الوزراء الحرية في اختيار وزرائها أو حتي حق الاعتراض.. كما أنه لن يفعل.. حرصا منه علي منصبه والذي لم يصل إليه عبر صناديق الانتخاب.. بل باختيار شخصي من الرئيس لذا وجب السمع والطاعة.. فلماذا إذن كل هذا الصخب علي دخول وزير وخروج آخر. نقطة البداية عندما يشكل الحكومة رئيس وزراء منتخب من الشعب.. وهذا هو عشم إبليس.