وسط حالة من الحزن والأسي شيعت أسرة ميريهان منير جثة نجلتهم التي تم انتشالها أمس الأول من أسفل كوبري الجامعة والتي لقيت مصرعها غرقاً في حادث انقلاب مركب نيلي أمام حديقة النيل بطرة بعد تسرب المياه إليه، الذي أسفر عن مصرع 10 فتيات وإصابة 9 آخريات كن علي متنه في نزهة نيلية نظمتها كنيسة مارمينا بالعمرانية. بين ترانيم صلاة الجنازة في كنيسة مارمينا بالعمرانية وصراخات والدة ميريهان منير وصلت سيارة إسعاف تحمل جثة الفتاة بعد أن تم انتشالها بواسطة فرق الإنقاذ والضفادع البشرية من أسفل كوبري الجامعة، حيث تم الصلاة عليها داخل الكنيسة وسط حشد من أهالي وجيران المجني عليها الذين اتشحوا بالسواد حزناً علي فراقها والذين ظلوا يرددون قولهم: «الرب يرحمها.. الرب معها» وقد تحرك المشيعون للجنازة إلي مقابر العائلة بمنطقة السيرة لدفنها وسط أجواء من الحزن والأسي التي خيمت علي جميع الحاضرين خاصة والدتها وجدتها. أكد المهندس طلعت سريال أحد أقارب المتوفاة أن ما حدث للفتيات ال 19 اللاتي كن يستقللن المركب الغارق لا يرضي أحداً ويعد مأساة كبيرة أصابت الجميع، ثم تساءل عن التقصير الذي أدي إلي الحادث، وعن المسئولين الذين تركوا المركب يعمل دون ترخيص، مشيراً إلي الإهمال من جانب المسطحات المائية التي من المفترض أن تقوم بالتفتيش علي تلك المراكب. وأضاف: إنه لا يريد تعويضاً مالياً لأسرة الضحية ولا يريد أي شيء من المسئولين سوي محاسبة الجاني وسلامة بناتهم اللاتي لم تفعلن شيئاً في هذه الدنيا سوي الخروج للتنزه ثم عودتهن داخل نعوش. أما مينا بولي فيقول إن المأساة كبيرة علي الجميع ولابد من محاسبة المسئولين الذين تركوا بناتها تصعدن إلي ذلك المركب المتهالك، وكذلك محاسبة المسئول الأول عن الحادث وهو قائد المركب، حيث قام بتحميله أكبر من حمولته الأساسية والذي أدي إلي تسرب المياه إلي المركب وغرقه. وأضاف: إن الطمع والجشع اللذين سيطرا علي قائد المركب مقابل حفنة من المال هو من أضاع تلك الضحية وغيرها من زميلاتها اللاتي لم تتجاوز أعمارهن ال 13 عاماً. وأشار إلي أن دور الأمن والمسطحات المائية كان ضعيفاً حيث إن الصيادين وأهالي منطقة طرة هم من قاموا بإنقاذ الضحايا وانتشال 4 جثث، وعندما حضر الأمن ترك باقي المفقودات لساعات طويلة حتي جرف التيار الجثث إلي مناطق بعيدة من مكان الحادث، حيث تم انتشال جثة في القناطر الخيرية وجثة أخري أمام مستشفي السلام الدولي وثالثة أسفل كوبري الجامعة. انتقلت «الدستور» إلي مستشفي السلام الدولي حيث ترقد عبير جمال إحدي الناجيات من الحادث التي أكدت أنها كانت في رحلة مع زميلاتها بالمدرسة المرحلة الإعدادية التي قامت بتنظيمها كنيسة مارمينا بالعمرانية، وعندما وصلن إلي حديقة النيل بطرة طلبن الخروج في نزهة نيلية بالمركب، وما أن صعدن علي متن المركب وجدن أعدادهن تفوق حمولة المركب الأساسية لذلك طلبن من سائق المركب تقسيمهن إلي فريقين إلا أنه أكد لهن أن العدد غير زائد. وتستطرد: إنهن ركبن المركب مع المشرفات علي الرحلة إلا أنهن شاهدن الماء تخرج من بين أقدامهن وعندما حذرنا السائق من وجود تسرب للمياه أكد لهن أن المركب سليم ويعبر النيل يومياً، وهو ما جعلهن يشعرن بالطمأنينة، وما هي إلا دقائق حتي امتلأت المركب بالمياه وطلب منهن السائق أن ينتقل إلي الناحية الأخري، وهو ما جعل المركب يميل ولم تدر بنفسها أو بزملائها اللاتي كن معها. وأضافت أنها كانت تعاني ضيقاً في التنفس وسرعة في ضربات القلب ولخطورة إصاباتها تم نقلها إلي العناية المركزة التي ظلت بها لمدة يومين. من ناحية أخري، تعيش أسر الفتيات الثلاث المفقودات حتي الآن حالة من الترقب والحزن داخل حديقة النيل بطرة والتي لم يغادروها حتي الآن في انتظار استخراج جثث بناتهم. وقال الباباوي شحاتة إبراهيم عم الطفلة دميانة عطية «8 سنوات» وإحدي المفقودات إنه ظل هو وأسرة الفتاة بالحديقة لمدة ثلاثة أيام متواصلة في انتظار انتشال جثة الطفلة. وأشار إلي أنه لا يستطيع المغادرة إلي منزله أو تغمض عيناه ونجلة شقيقه بالنيل فهو ينتظر حتي يتم انتشالها، مضيفاً أن المسئولين أهملوا في البحث عنها وتسببوا في ضياع جثتها، حيث قاموا بالاستعانة بغطاس واحد يتجاور عمره ال 65 عاماً للبحث عن 6 فتيات مفقودات، وهو ما تسبب في ضياع الجثث بعد أن جرفها التيار، علاوة علي أن الحديقة خالية تماماً من أطواق النجاة أو وسائل الإنقاذ المفترض وجودها في أي حديقة تطل علي مياه النيل، وهو ما زاد من الكارثة، ثم اختتم كلامه بقوله: «لنا الله مفيش غير ربنا هو اللي هيجيب حقنا.. إحنا نسكت علشان يتكلم الله». فيما باشرت نيابة المعادي تحقيقاتها الموسعة حول الحادث برئاسة وليد سمير وتحت إشراف المستشار محمد غراب، حيث تم الاستماع إلي أقوال باقي المصابات اللاتي أكدن أن المتهم الرئيسي بالتسبب في إصاباتهم هو سائق المركب الذي دفعه جشعه والاستهتار بأرواح البشر لمقتل 10 فتيات وإصابة 9 آخريات. وكشفت المعاينة التصويرية للمركب الذي تم استخراجه وجود ثقب بجسد المركب من الأسفل بطول 60 سم وعرض 25 سم وهو المتسبب في اندفاع المياه إلي سطح المركب وغرقه، ومن المقرر أن تقوم اللجنة الهندسية المنتدبة من الهيئة العامة للملاحة بمعاينة المركب صباح اليوم لإعداد التقرير النهائي حول أسباب الحادث، وعما إذا كان به وسائل أمان من عدمه.