شيع الآلاف من أهالي قرية كحك بحري بالفيوم جثامين 7 من شباب القرية الذين راحوا ضحية منزل الدرب الأحمر بالقاهرة وهم «عيد السيد علي» 18 سنة طالب بالصف الثالث الثانوي، و«سعد السيد كامل رمضان» 22 سنة، وابن عمه «عبد الرحمن سعد محمد كامل» 18 سنة طالب بالصف الثاني الثانوي التجاري، و«هشام محمد حسانين علي» 22 سنة فران، و«عبد الله السيد عوض الله» 20 سنة عامل، وابن عمه «عمار رشاد عوض الله» طالب بالفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة الفيوم قسم التاريخ و«تامر محمد عوض» من قرية المقراني 33 سنة متزوج ولديه 3 بنات، وقد وصلت جثامين الضحايا إلي القرية مع صلاة العشاء مساء أمس الأول الأربعاء في 4 سيارات إسعاف من القاهرة في ظل غياب قيادات المحافظة الشعبية أو التنفيذية أو الأمنية ووسط حالة من الذهول قام أهالي القرية بدفن جثامين الشباب الذين لم تتجاوز أعمار بعضهم 16 عاما، كانوا جميعا يعملون في مخبز بمنطقة الدرب الأحمر يستأجره أحمد عيد البلة أحد أبناء قرية كحك وجميع العاملين به من أبناء القرية. وقد التقت «الدستور» أهالي وأسر الضحايا وعاشت ليلة كاملة مع أهالي القرية الذين لم يفيقوا بعد من هول الصدمة، وفي منزل الضحية «عيد السيد علي» 18 سنة أكدت والدته «سعدية محمد السيد» أن ابنها طالب بالصف الثاني الثانوي، وكان من المقرر أن يعود إلي القرية يومها لمعرفة نتيجته ودرجات الثانوية بعد نجاحه وتفوقه إلا أنه لم يعد، ووسط حالة من البكاء ظلت الأم الثكلي تدعو لابنها وتذكر أنه كان يساعدها ويساعد إخوته في مصاريف البيت. وأشار شقيقه الأكبر وليد إلي أن شقيقه عيد كان حافظا لكتاب الله وكان متفوقا وكانت أمنيته أن يلتحق بكلية التجارة لتميزه في الرياضيات والحاسب الآلي، وأوضح أن شقيقه اعتاد منذ أن كان في الصف الثاني الإعدادي السفر للعمل في القاهرة ومساعدة أسرته في حين شن هجوما حادا علي المعاملة القاسية التي تعرضوا لها في مستشفي المنيرة والمتاعب التي واجهتهم لحين استلام جثث ذويهم، مشيرا: إننا انتظرنا أكثر من 12 ساعة لإنهاء إجراءات استلام الجثث وتعرضنا للمتاجرة بنا من جانب الموظفين بالمستشفي والذين لم يقوموا بأي إجراء إلا بعد دفع المقابل المادي لهم وتحملنا 300 جنيه عن كل جثة مقابل نقلها من القاهرة في سيارة الإسعاف ولم نجد أي مسئول من محافظة القاهرة لتيسير الإجراءات أو حتي المعاونة في نقلهم من المستشفي إلي محافظة الفيوم، ووسط بكاء حاد قال: لقد اتصل بي قبل وفاته بساعات ليطمئن علي والدته ونتيجة الثانوية العامة. وقد فجر سيد أيوب محمد حسين أحد عمال المخبز والذي نجا من الحادث، مفاجأة أنه كان معهم وغادر المنزل ليلة سقوطه وأن هذا المنزل استأجرناه ب200 جنيه في الشهر ويقيم به 16 فردا من العاملين بالمخبز ويصل عدد المقيمين فيه أحيانا إلي 40 فردا، وإنه متهالك ولا يوجد به سوي حجرة كبيرة وبلا دورة مياه، وإنه كان من طابقين وبعد صدور قرار الإزالة له تمت إزالة الطابق العلوي والإبقاء علي الطابق الأرضي، وأنهم استأجروا المنزل منذ شهر أكتوبر الماضي وكانوا يعيشون فيه بالرغم من انتشار الهوام فيه ولكن رخص إيجاره هو السبب في الصبر عليه. أما والد الضحية عبد الرحمن سعد محمد كامل؛ فأكد أن ابنه يعمل في الأجازة الصيفية بالمخبز وهو طالب بالصف الثاني الثانوي التجاري وأنه مرض بكهرباء زيادة في المخ قبل سفره بأيام، وطلبت منه عدم السفر للعمل إلا أنه قام بالسفر للقاهرة لمساعدتي. خاصة أنه المسئول عن الإنفاق علي أشقائه وأنا مريض منذ 30 عاما بشلل رباعي، وظروف المعيشة تتطلب من أولادي مساعدتي.. ويؤكد الوالد المكلوم أنه قبل وفاة ابنه بيوم واحد أحس بمرارة في حلقه وانقباض في صدره حتي سمع بالخبر المشئوم. وشن أحمد تحيف حسن عم الضحية سعد السيد كامل هجوما حادا علي المسئولين في البلد محملهم مسئولية قتل هؤلاء الشباب الذين يهاجرون ويتركون بيوتهم بالرغم من صغر سنهم بعد أن أغلقت في وجوههم أبواب الرزق بسبب انهيار الثروة السمكية في بحيرتي قارون والريان، واضطر لترك مدرسته والعمل لمساعدة والده الذي يعمل سائقا خاصا في السعودية براتب 700 ريال ولا يعلم حتي الآن بوفاة ابنه الأكبر، فبالرغم من اتصاله المتكرر بنا فإننا لم نستطع إخباره بالوفاة، وأشار عمه الثاني رحيل السيد كامل إمام مسجد إلي أن الدولة تخلت عن أبنائها تماما وتركتهم للضياع فأين رئيس الحي الذي ترك منزلا منهارا طوال هذه الفترة وأين محافظ القاهرة؟.. هؤلاء يجب أن يحاكموا.. وأين دور الدولة، فأكثر من 75% من شباب قرية كحك مهاجرون للعمل خارج القرية والتي لا توجد فيها سوي النساء وكبار السن من الرجال نظرا للفقر الشديد الذي تعانيه القرية والتي يعمل أغلب سكانها إما بصيد الأسماك، وقد انهارت هذه المهنة بسبب انهيار بحيرات الفيوم، أو بالأفران كعمال لمساعدة أهاليهم حتي إن غالبية أبناء القرية يتركون التعليم للعمل ومساعدة أسرهم بسبب شدة الفقر. وفي منزل رشاد عوض الله رزق والد الضحية عمار وعم الضحية عبد الله دخل الرجل في نوبة من البكاء الهستيري وأكد أن ابنه انتهي منذ يومين فقط من امتحاناته في الفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة الفيوم بقسم التاريخ وكان في سبيل إنهاء إجراءات تحويله إلي كلية الآداب جامعة حلوان للالتحاق بقسم الصحافة.. ويتحسر الأب علي ابنه الأكبر الذي احتسبه عند الله ولم تستطع والدته «عواطف مصطفي رزق» الحديث من شدة البكاء لكنها ظلت تدعو لابنها ولم يفتر لسانها عن الدعاء له. أما السيد عوض الله رزق والد الضحية عبد الرحمن فأشار إلي أن ابنه اشتري شبكته منذ أيام وكانت خطبته قبل شهر رمضان وأنه أكبر أبنائي الذي ينفق علي الأسرة خاصة أنني مريض بالسكر، وأكد أن ابنه حاصل علي دبلوم تجارة منذ عامين وهو يعمل مع أبناء القرية في الفرن بينما لم تستطع والدته «نجاة علي جودة» الحديث من سوء حالتها الصحية والنفسية. وقد قام الدكتور جلال مصطفي سعيد محافظ الفيوم بزيارة أهالي الضحايا وتقديم واجب العزاء لهم كما قرر صرف إعانة عاجلة 10 آلاف جنيه لأسرة كل متوفي تصرف فور انتهاء إجراءات شهادات الوفاة، كما أكد في اتصال هاتفي مع «الدستور» أنه لم يكن يعلم بأن الحادث به أبناء الفيوم حتي يقوم بمساعدتهم في إنهاء إجراءات الدفن وإرسال سيارات إسعاف لنقل الضحايا وقدم تعازيه لأهاليهم.