لقد أدهشني وأحزنني بعض التعبيرات الإعلامية التي صاحبت الكتابة عن عدم اختياري في مجلس شوري الجماعة الجديد، فليس هناك أي خصومة بيني وبين أي أحد من إخواني، أما عن مجلس شوري الجماعة الجديد، فلقد كنت أتوقع عدم وجودي فيه لأن بعض إخواني أغضبهم تقديمي للطعن في إجراءات الانتخابات الأخيرة التي شملت مكتب الإرشاد والمرشد العام، ولعل ما أغضبهم أكثر هو نشري لها في بعض الصحف بعد أن رأيت عدم اكتراث المكتب بها أو الاستجابة لها أو حتي وعد ببحث ما حوله المذكرة، فقررت نشرها في الصحف إعلاما لإخواني الذين لا أستطيع الوصول إليهم وأداء لواجب موقعي الذي ائتمنت عليه، مع علمي أن بعضاً ممن يتربصون بنا سوف يحاولون الاستفادة من مذكرتي حتي ينالوا من الإخوان وحين كتبت مذكرتي وسلمتها لإخواني ثم نشرتها كنت ابذل جهدي في تحري الصدق والحقيقة عازما بيني وبين ربي أنه في حالة ظهور خطأ في أي جزئية من المذكرة أو المذكرة كلها من خلال رد يحمل الإيضاحات الصادقة والتقييم القانوني العلمي من أهله وعلمائه فإنني علي أتم الاستعداد أن أقر بالخطأ علنا وعلي صفحات الصحف كنت أعلم حين نشرت المذكرة في الصحف أن الأكثرية من أفراد جماعتنا تضيق صدورهم بأي نشر في الصحف يحمل أي نوع من النقد للجماعة حتي ولو كان صادقاً وهادفاً وموضوعياً ويرون أن مكان النصح هو داخلنا فقط، وإن النشر المرحب به في الصحف هو ما يمتدحنا فقط فرب نقد موضوعي جاد أفيد للجماعة من مدح لا محتوي له. وكنت أعلم أنني سوف أدفع ثمناً قد يكون غالياً وقد أفقد بعض صداقات أعتز بها وقد ألقي نيلاً وطعنا ًفي شخصي دون تحقق هل أنا مصيب أم مخطئ؟ وما هو حجم خطئي؟ قد يتخوف إخواني من دعوتي للقاءاتهم ليس بأوامر مباشرة من الإدارة لكن لمجرد إحساسهم أن الإدارة غير راضية عن أحد أفراد جماعتنا يجعلهم تلقائيًا يتحسبون من التعامل معه «فنحن الإخوان من هذا الشعب المصري» وينطبق علينا إلي حد كبير ما ينطبق علي غيرنا في التعامل مع إدارتهم كنت أعلم أن بعض إخواني يتمنون ألا أفعل ذلك لحبهم لي وخوفهم من تداعيات ذلك علي وعلي الجماعة وكنت أعلم أن إخواناً لي آخرين يؤيدون ما قمت به حتي وإن لم يشاركوني أو يظهروا لي تعاطفاً صريحاً، لكنني استخرت الله وتقدمت بالمذكرة ثم نشرتها باغيا الإصلاح ما استطعت ومازلت مقتنعا متمسكاً بما قمت به متحملاً دفع الثمن ما دمت محقاً حتي ولو كان الثمن مؤلما وحسبي أنني عاهدت الله تعالي أن أنصح للصديق والحبيب حتي وإن لم يتفهم موقفي. أعود مرة أخري إلي السؤال ما هو الهدف؟ ليس الهدف من وجود شخص ما في مجلس الشوري أو عدم وجوده، ففي الإخوان كثير من الرجال والنساء العظام لهم مكانتهم وقيمتهم واحترامهم لكن الهدف هو وجود مجلس شوري حقيقي مستقل عن مكتب الإرشاد لائحيا له أدوات وآليات حقيقية لمحاسبة ومساءلة مكتب الإرشاد. والهدف أيضاً أن تكون ممارسة مجلس الشوري المستقل ممارسة صحيحة لا مجاملة فيها فمن غير المقبول أن نقول لا فصل بين الجهة الرقابية الممثلة في «مجلس الشوري» والجهة التنفيذية الممثلة في «مكتب الإرشاد»، وهنا أسأل من إذن يحاسب مكتب الإرشاد؟ وكل بني آدم خطاء، فإنه من البديهي أنه في حالة عدم الفصل والاستقلال فإن مكتب الإرشاد سيحاسب نفسه فهو المحاسَب «بفتح السين» والمحاسِب «بكسر السين» والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة وعدم وجود رقابة حقيقية فاعلة هي سبب انهيار الجماعات والدول. وأقول صادقا إنني غير متألم من عدم وجودي في مجلس الشوري الحالي، حيث إن اللائحة التي تحجب عن المجلس صلاحياته الحقيقية واستقلاله الحقيقي ما زالت قائمة وليس من المنتظر أن تعدل في المستقبل المنظور، وذلك من خلال تصريحات فضيلة الأستاذ بديع، كما أن من أهم أعمال المجلس هو انتخاب مكتب الإرشاد في أولي جلساته، وقد انتخب من قبل مجلس الشوري السابق ولم يبق للمجلس الجديد إلا إبداء توصيات ورفعها لمكتب الإرشاد وإبداء الرأي في الأمور التي يري مكتب الإرشاد عرضها عليه. وإحقاقا للحق أني أعتقد أن الأكثرية من أعضاء مجلس شوري الإسكندرية الذين لم يختاروني كان منطلقهم منطقياً ومعقولاً ومقبولاً، حيث إن وجودي في الإسكندرية قليل جدا فترة إدارتي للجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد أطباء العرب والذي قد يستغرق الأسبوع كاملا. وأخيرا أعرب عن كامل حبي وإخلاصي لجماعتي وإخواني وأنني علي استعداد بإذن الله لتحمل أي آلام أو لوم من أحبابي كما أنني علي استعداد أن أدافع عن جماعتي وأن أحرص علي وحدتها ومكانتها مهما كلفني من ثمن، فليس معني حرصي علي تصحيح أخطائها هو نسيان مكانتها وفضلها.