أرسل لي القارئ الأستاذ ماجد الشقري وجهة نظر جديرة بالقراءة حول ما كتبته عن أزمة المحامين والقضاة يقول فيها:في مقالك اليومي بجريدة الدستور تحدثت عن الأزمة الحالية بين القضاة والمحامين ووصفت الدولة بأنها المستفيد الوحيد من تلك الأزمة التي أثرت سلباً علي مكانة طرفيها في نفوس المصريين.. ومن ثم نجحت الدولة فإن تظهر بمظهر العاقل الوحيد وسط مجتمع من الأشخاص والقوي التي تحركها النوازع الشخصية علي حساب المصلحة العامة. وإذ كنت أتفق معك في أن الدولة هي المستفيد الأول من هذه الأزمة إلا أنني لا أري - مثلك - أنها المستفيد الوحيد..فالمحامون والقضاة ليسوا في رأيي- مهما بلغت قوة العلاقة التي تجمع قادتهم بدوائر معينة في السلطة - عرائس «ماريونت» يمكن تحريكها علي المسرح دون إرادة منهم أو إدراك لتأثير الدور الذي تلعبه في إحداث المسرحية. إن نادي القضاة يا سيدي مثل نقابة المحامين الحالية، كلاهما يواجه اتهاما داخليا من جمعيته العمومية بأنه مدعوم من النظام الحاكم.. ومن ثم كان عليهما صرف الأنظار عن هذا الاتهام بمحاولة تثبيت مكانتهم من خلال الظهور أمام الجميع بأنهم المدافعون الحقيقيون عن كرامة السلطة القضائية ومهنة المحاماة، وأنهم لن يسكتوا بعد اليوم علي أي انتهاك يتعرض له أي وكيل نيابة أو محامٍ، وأنهم تحلوا خلال الشهور الماضية بالحكمة وضبط النفس ولكن هذا فيما يبدو قد أغري الفريق الآخر بمواصلة أعماله الاستفزازية تجاههم.. إلي آخر هذا القاموس من الإكليشهات اللفظية التي يهدفون من ورائها إلي دغدغة مشاعر وعواطف أعضاء جمعيتهم العمومية. السؤال الذي أود طرحه علي القضاة هو: هل تقوم الدولة بتنفيذ جميع الأحكام القضائية..وهل توفر للقضاة ظروف عمل مناسبة لإنجاز أعمالهم علي الوجه الأكمل..وهل توفر الدخل الذي يكفل لهم ولأسرهم مستوي معيشياً يتناسب مع قدسية العمل الذي يؤدونه؟..المصيبة أن كثيراً من القضاة ساهموا في تشويه الصورة الناصعة للقضاء المصري..عندما قبلوا علي أنفسهم أن يستثنوا أولادهم من الشروط العامة للالتحاق بالنيابة..فهل هذه هي العدالة التي هم سدنتها..وهل هذه هي المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات؟ وعلي الجانب الآخر.. ألم يجد جموع المحامين فيما يجري حولهم من فساد مستشرٍ وتزوير للانتخابات وجرائم تعذيب يندي لها الجبين.. هدفا يستحق التظاهر والاحتجاج بدلاً من أن يقيموا الدنيا ولا يقعدوها من أجل اثنين منهم.. تعرضوا للظلم الذي يرزح تحته الشعب المصري كله منذ عشرات السنين؟ وأي كرامة ترجونها لمهنة المحاماة إذا كان المواطن المصري - وأنتم مصريون قبل أن تكونوا أي شيء آخر - يعيش دون الحد الأدني من الكرامة؟ إن النهاية المتوقعة لهذه الأزمة -وفق ما أعتقد- أنه سيناريو معد سلفاً من قبل الدولة يتلخص فيما يلي..سيتم إعادة محاكمة المحاميين المحكوم عليهما حالياً بخمس سنوات أمام دائرة الاستئناف التي ستحكم عليهما بستة شهور يكونا في الغالب قد قضيها رهن الاحتجاز علي ذمة القضية.. وبعدها يخرج المستشار أحمد الزند منتشياً بأن القضاء لم يخضع لابتزاز المحامين..ويتحول حمدي خليفة نقيب المحامين إلي رمز الدفاع عن كرامة المحاماة وربما أنعموا عليه بلقب نقيب النقباء. إن أكثر ما يستحق الاهتمام في هذه الأزمة هو سلوك أطرافها.. الدولة والقضاة والمحامون..فهو سلوك لا أجد غضاضة في وصفة بأنه لعب بالنار وبمستقبل هذا الوطن من أجل تحقيق مصالح انتخابية ضيقة لحزب ما أو لجبهة من الجبهات المتصارعة علي الإمساك بمقاليد السلطة بين صفوف القضاة والمحامين.