المعركة بين المحامين والنيابة تدور حول من ضرب «الصفعة الأولي».. وكيل النيابة، أم حرس المحكمة بتوجيهات رئيس النيابة ..أم المحامي؟ والصفعة تعني أنها معركة حول الكرامة الشخصية، والصراع بين استعراض سلطة النيابة، ومحاولة المحامي التصدي للاستعراض. وكيل النيابة والمحامي من أجيال وصلت إلي مواقعها مع سيادة الأخلاق الجديدة علي كل شيء في مصر، أخلاق فوق القانون والقواعد المهنية وأعراف المجتمعات الحديثة. أخلاق «حقي بدراعي».. و«كل صاحب سلطة فرعون» ...و«أنا مميز مادمت قادرًا علي فرض التميز». «حرب الصفعة» تجسد غياب القانون في مؤسسات القانون، وكيل النيابة يريد أن يتصرف بجبروت ضابط شرطة يتعامل علي أن سلطته بلا حدود. النيابة هي وكيلة المجتمع في القضاء، ومحطة الدفاع عن الحق والحرية، هذا موقعها في القانون، وتاريخها الذي عرفناه من شخصيات ومواقف اهتزت لها مصر، كما حدث عندما دافع وكيل نيابة شاب عن حق طه حسين في الاختلاف مع القطيع الفكري سنة 1926، وكما أفرج قاض محترم عن مئات المقبوض عليهم في انتفاضة الخبز ( يناير 1977) ضد رغبة السلطة في تلفيق القضايا وهوس الجهاز الأمني وقتها بتصوير ما حدث علي أنه تنظيم انقلابي. مؤسسة القضاء كانت محصنة إلي عهود قريبة من طوفان الأخلاق الجديدة، وكانت روح العدالة تسري بين قطاعات هاربة من الاستسلام لقانون العصر الذي ساد فيه «الوجود للأقوي» و«السيادة للجبار». لكن يبدو أن هناك طوفانًا يجتاح الأجيال الجديدة، دفع مؤسسة النيابة والقضاء إلي الدخول في معركة إرادات مع المحامين، وكيل نيابة صفع محامو، وأصدر أمرًا باعتقاله...ولم يتحمل المحامي الإهانة ولم ينتظر استرداد الحق عبر القانون، فرد الصفعة بأقوي منها . هنا تحولت مؤسسة النيابة إلي حالة الدفاع عن نفسها، تورطت في حرب مع المحامين، وأصدرت المحكمة حكمها القاسي في عدة ساعات بحبس المحامي خمس سنوات . الحكم القاسي المنفعل أثار ما تسميه الصحافة « فتنة العدالة»، أضرب المحامون، واشتعلت تصريحات ساخنة، ومحاولات وساطة، كأنها حرب قبائل، بلا قانون . صفعة وكيل النيابة أو استعداء الحرس علي المحامي، تشير إلي أن وكيل النيابة لم يتلق تدريبًا ينقله من شخص عادي تغويه سلطته، وتصيبه بالهوس، وتجعله يطيح في العالم .. إلي وكيل نيابة يمارس سلطته ليحمي الحق والعدل ..سلطة في خدمة المجتمع وليس فوقه. حرب القبائل ستنتهي بين النيابة والمحامين بانتصارات صغيرة، مريحة للطرفين، لكن المجتمع سيدفع أثمان هوس البحث عن السلطة. وكيل نيابة يفرض علي الداخلين إلي مكتبه خلع الحذاء، ورئيس له يعلمه في معهد الدراسات القضائية أن يكون رحيمًا بالمحامين، فهم زملاء كليته وكان من الممكن أن ينالوا نفس المصير لولا الشطارة والمهارة والذكاء. من سيدفع ثمن الصفعة إذن؟