عقب واقعة التعدي علي الزميل المحامي بطنطا قرأت تصريحاً عجيباً وخطيراً للسيد رئيس نادي القضاة الذي مع كامل احترامي لشخصه إلا أنه خانه التعبير وتعصب بدون روية لأبناء مهنته فهدد وأعلنها معركة وقال لن نقبل أي اعتذار من المحامين عن واقعة التعدي ثم تهديده أن الرد سيكون موجعاً يدل علي حكم مسبق يخالف حكمة وعدالة القاضي الذي كان ينبغي عليه التريث ودراسة ما يحدث أمامه من وقائع ونتائج ووزن الكلمات التي هي بمثابة منطوق حكم -بروية وعدل- لكن فلت الأمر من رئيس نادي القضاة وغلبت عصبيته لمهنته علي حكمة القاضي وهنا أقول بأعلي صوت: المحامون لن يعتذروا ولن يقبلوا بالتهديدات ولن يُقدم أي منهم علي تلك الخطوة المهينة مع كامل احترامي وتقديري لكل أعضاء السلطة القضائية. وقد نفذ التهديد الموجع بمحاكمة عاجلة وحكم قاس ظالم بالسجن خمس سنوات لكل محام وانقلب المظلوم إلي ظالم والمجني عليه إلي جان وهي رسالة بالغة الخطورة ليست للمحامين بل للشعب المصري كله الذي يشاهد ما يحدث ويري أن المحامين حاملو لواء رفع الظلم عن المظلومين يُفعل بهم هذا التعسف والظلم فبلاشك يشعر أي مواطن بقهر فوق قهره. ونقول ماذا يشعر المحامون وهم لا يستطيعون الدفاع عن مظلوم منهم؟ إنها مصيبة كبيرة أصابت نقابة المحامين، لذلك كان الرد العفوي هوتلك المظاهرات والإضرابات التي تعبر عن حالة غضب لا مثيل له من شعور بالظلم لم يحدث له سابقة. وهنا ماذا يقول المواطن البسيط عندما يري ذلك المشهد يقول المحامون ظلموا ويتظاهرون ويضربون من أجل زملائهم، أما أنا فمن لي إذا ضيعت العدالة بتلك الطريقة الفاضحة. اللافت أن ما حدث في محكمة طنطا يدل علي تسرع في النيل من المحامين بهذه الطريقة والبعض يقول إنه مقصود لمصالح انتخابية والبعض يقول إنه مقصود لجذب انتباه الرأي العام في مصر والعالم عن فضيحة تزوير انتخابات الشوري التي لا مثيل لها . لكن رغم كل ذلك فالظاهر أن العدل ضاع والحق غاب وتحصن عضوالنيابة بحصانته فضاعت كل قيمة للعدل. والمشكلة جذورها عميقة من حالة احتقان لدي المحامين من تصرفات البعض في القضاة والنيابة. والتفصيلات كثيرة ولا تنتهي والأسباب كثيرة ومعظم هذه المشاكل ترجع لأسباب من جهة القضاة والنيابة وبالطبع من قلة، فالكثير منهم محترمون ولكن تلك القلة دخلت القضاء بأسباب كثيرة منهم وهوالغالب كانوا ضباط شرطة مازالت تسيطر عليهم صفات العمل الشرطي والتعامل مع من أمامه بأسلوب غير لائق يتنافي مع أبسط حقوق الإنسان وليس مع حقوق المحامي ومنهم من تسيطر عليه أشياء نفسية لم يستطع استيعاب دوره الحيادي كقاض أومحقق وأنه ضمير المجتمع ولم يصدق نفسه. ولا يمكن إلقاء اللوم علي المحامين، لأن من بيده السلطة هوالقادر علي المشكلة ولا يعقل أن محاميا يعيش في مصر ويتقلب في مظالمها ليل نهار وشاهد آلاف المظالم يتجرأ بالتعدي علي القضاة بأي طريقة كانت. والمشكلة الأكبر فيما حدث في طنطا وسجن المحاميين هوأن المحامي مكانته ضاعت في مصر بسبب ضياع مكانة نقابته لوأنه يوجد مجلس نقابة قوي ومجلس قوي ما تجرأ أي من كان ضابط أوقاض علي التعدي لأنه يعلم نتائج تعديه، كما يعلم المحامي تماما نتائج تعديه علي القضاة فيتوقف عن رد الفعل مهما كان خطأ القضاة. ولكن البعض في القضاة يتجرأون علي المحامين لأنهم يعلمون أنه لا توجد قوة تساند المحامي وأن النقابة دخلت في حضن الحزب الوطني وزيتها في دقيقها كما يقولون. والواقعة الأخيرة في طنطا تدل علي ذلك. فأين كان النقيب مع بداية الواقعة؟ لا أعلم !! لماذا لم يسافر في يومها وساعتها إلي طنطا ؟لا أعلم !! ثم النقيب تحرك بعد يومين من نقابة المحامين يدعو لإضراب ثم الثلاثاء اجتماع مع النائب العام بعد أن أصدر النائب العام قرارا بإحالة اثنين من المحامين لمحاكمة عاجلة !! وذهب للمحكمة يستجدي التأجيل وهوحق وانصرف من المحكمة في وسط الزحام بعد أن علم بالحكم القاسي وعاد للنقابة ليعلن الإضراب. أعتقد أن تحرك النقيب تم تدبيره في الفورسيزون كي يخرج بصورة قوية في الدفاع عن المحامين ولتلميع صورته بموقف أنه ضد الحكومة بعد تعيينه في مجلس الشوري وطلب سحب الثقة منه . من المعلوم في العمل العام لعبة توزيع الأدوار وتلميع قطط الحكومة وإظهارها بمظهر الأسود لعبة وتمثيلية خايبة وقديمة فمن المحال أن يتحول القط المستأنس إلي أسد جسور. أرجع وأقول للمستشار المحترم «الزند» الذي جاء لرئاسة نادي القضاء بتأييد من الحكومة ضد تيار الاستقلال لقد ظلمتم العدالة قبل أن تظلموا المحامين. ورسالتكم وصلت ولكن لن يثنينا السجن عن المطالبة بحقنا ورفع الظلم ولن نفرط في كرامتنا ولن نعتذر وأقول لكل المحامين كرامتكم كرامتكم. وأقول للشعب المصري نعم العدالة ضيعت عمداً ولكنها ليست المرة الأولي ولا الأخيرة طالما أنه يوجد في مصر من لا يعترف بحق الشعب المصري في العدل والحرية وللأسف الشديد المحتل الأمريكي كان أرحم من الوطني المصري عندما ضُرب بوش «وهورئيس أمريكا طاغية العالم» بالجزمة علانية حكم علي المتهم بالسجن سنة وخرج بعد ستة أشهر، أما المحامي المصري المعتدي عليه فيسجنه الوطني خمس سنوات؟! وأخيراً مع كامل احترامنا لكل القضاء لابد من إعادة ترتيب العلاقة بين المحامين والقضاء علي أساس من الاحترام المقنن المتبادل.