فاز الحزب الليبرالي بفارق بسيط في الانتخابات النيابية الهولندية، وهي المرة الأولى في تاريخه التي يتقدم فيها عن باقي الأحزاب الهولندية مجتمعة، وهو الفوز الأول من نوعه في تاريخ الانتخابات الهولندية. وقال زعيم الحزب مارك روته الذي يتوقع أن يتولى منصب رئيس الوزراء القادم لمناصريه "أصدقائي يا لها من ليلة فريدة، ويا له من تشويق، ويا له من حدث فريد، إنها المرة الأولى في تاريخ حزبنا على الإطلاق التي نفوز فيها بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية". أما حزب العمال وهو حزب وسط اليسار فقد احتل المرتبة الثانية بفارق مقعد واحد فقط عن الحزب الليبرالي. واعرب زعيم الحزب يوب كوهن عن سعادة بالنتيجة خاصة وانها جاءت بعد سقوط الحكومة السابقة، التي شارك فيها العماليون، فتمكن تقليص الضرر إلى حده الأدنى. وقال كوهن: "الكثير من الناس اعتقدوا أن أمر حزب العمل قد قضي، وأنه في طريقه إلى الموت، لكن أنظروا ألينا، ها نحن لا نزال هنا". وبغض النظر عن الحزبين الكبيرين الفائزين في الانتخابات فان حزب الحرية اليميني بزعامة خيرت فيلدرز قد احتل المرتبة الثالثة محققا قفزة كبيرة حيث تمكن مضاعفة عدد مقاعده مرتين تقريبا، بعد أن حصل على 24 مقعدا بينما كان لديه تسعة مقاعد فقط في البرلمان المنتهية ولايته. وفي أول تصريح له حول هذه النتيجة، قال فيلدرز: "أصبح المستحيل حقيقة". وقد احتل حزب الحرية بهذه النتيجة المرتبة الثالثة بعد كل من الحزب الليبرالي وحزب العمل. ويرى السيد فيلدرز أن من حق حزبه أن يشارك في الائتلاف الحكومي القادم، وقال: "نتمنى أن نشارك في الحكومة القادمة، لا يمكنهم أن يتجاهلونا أو يدفعونا إلى الخارج". إلا أن الحزبين الفائزين في الانتخابات قد يكون لهما رأي مخالف، فالحزب الليبرالي بزعامة مارك روته قال انه لا يستثني أي حزب من دائرة المفاوضات، غير إن التعاون بين الحزب الليبرالي وحزب الحرية قد يبدو مستحيلا. هذه النتيجة تجعل تشكيل حكومة ائتلافية أمرا في غاية التعقيد والصعوبة. الحكومة اليمينية التي يمكن أن يشكلها الحزب الليبرالي، وحزب الحرية بزعامة فيلدز، والحزب المسيحي الديموقراطي ستعتمد على أغلبية صوت واحد في البرلمان مما يجعلها عرضة للاهتزازات. لكن الائتلاف القوي الذي يمكن أن يستند على أغلبية مريحة تضم الحزب الليبرالي وحزب العمل والحزب المسيحي الديموقراطي يبدو صعب التحقق بسبب الخلافات العميقة بين الأحزاب الثلاثة. واجتمعت الكتل البرلمانية للأحزاب المختلفة امس لأول مرة كلاً على حدة لبحث النتائج الانتخابية وخياراتهم لتشكيل الحكومة. وقالت اذاعة هولندا العالمية على موقعها على الانترنت ان خيرت فيلدز زعيم حزب الحرية حث نوابه الجدد في البرلمان على الاستعداد لأداء هجومي قاس على نخب هولندا السياسية. وقال "أقول للنواب الجدد لحزبنا ليجلب كل منكم شيئا نقذفهم به". ويعتبر رئيس الحكومة السابق وزعيم الحزب المسيحي الديموقراطي يان بيتر بالكنينده، اكبر الخاسرين في الانتخابات. فقد غادر الساحة السياسية الهولندية في مشهد درامي معلنا تخليه عن زعامة الحزب وعضوية البرلمان بعد أن خسر حزبه نصف مقاعده البرلمانية في خسارة غير مسبوقة في تاريخ الحزب. وسيواصل السيد باكنينده مهامه كرئيس وزراء مكلف لحين تشكيل الحكومة الجديدة ليغادر بعدها لاهاي (مقر الحكومة الهولندية) التي ترأس فيها أربع حكومات متعاقبة منذ عام 2002، لم تكمل أي منها فترتها الدستورية. وتعد نتائج الانتخابات الهولندية دليل واضح على تنامي العداء للمسلمين في مختلف أنحاء أوروبا الغربية، كما تقول لوسي جيمس، الباحثة في مؤسسة كيليام بلندن، وهي مؤسسة فكرية مناهضة للتطرف. وتقول لوسي إن أحزاب اليمين المتطرف، مثل حزب فيلدرز، استهدفت الأصوات المعادية للإسلام بواسطة التلاعب بمآسي وشكاوى الشعوب الأوروبية، مثل الركود الاقتصادي والبطالة والإسكان، وألقت باللوم بحدوث هذه المشاكل على المهاجرين المسلمين. النظرة السلبية تجاه المسلمين باتت أكثر شيوعاً في فرنسا وإسبانيا خلال السنوات الست الماضية، غير أنه بقي على حاله تقريباً في كل من بريطانيا وألمانيا، بحسب ريتشارد وايك، المدير المساعد لمعهد "بيو جلوبال" لاستطلاعات الرأي. وأشار وايك إلى أن النظرة البريطانية تجاه المسلمين كذلك أقل سلبية منها في فرنسا وإسبانيا وألمانيا. يذكر أن عدد المسلمين في هولندا لا يتجاوز المليون نسمة، ويشكلون 5.7 في المائة من إجمالي عدد السكان، وهو عدد قليل نسبياً، غير أن فيلدرز يصب النار على الزيت بالبروباغندا المعادية، حيث يواظب فيلدرز على القول، وفي كل وقت، إنه يريد وقف "أسلمة" هولندا.