نفسي أعدي الشارع ده علي طول من غير ما أبص يمين وشمال.. - بسيطة.. تعالي كده.. غمض عينك بقي.. اقف هنا.. استني.. استني.. إجري!.. إنطلق للأمام.. للمرة الأولي انتبه إلي ملمس الأسفلت البارد تحت حذائي.. والهواء المندفع إلي صدري.. كان الشارع قد أصبح فجأة ممتلئاً بالهواء.. كانت آلات التنبيه بعيدة.. كأنها لا تنتمي إلي هذا العالم.. وكأنها لن تأتي أبداً إلي هنا.. ألقيت بمعطفي الشتوي فزادت خفتي.. ضحكت.. كنت أنتظر أن يوقف اندفاعي الرصيف المرتفع أو جدار المبني المواجه أو شخص ما أصطدم به دون وعي فيبدأ في التشاجر معي.. لكنني ظللت أجري.. حتي نسيت.. نسيت من أين بدأت ولا اسم هذا الشارع.. كان كل شيء يبدو بعيداً ويزداد انسحاباً للوراء مع كل خطوة أركضها.. خمنت أن ذاكرتي قد سقطت من جيبي دون أن أشعر فصرخت من الفرح.. سأظل أجري إلي الأبد!.. حين أرهق جسدي كل هذا الهواء واختفت الأصوات تماماً وتوقفت عن الإحساس بقدمي علي الأرض تشجعت لأن أفتح عيني.. قليلاً.. قليلاً.. كنت وحيدا بالأعلي.. وبالأسفل كانت رمال.. رمال بيضاء ممتدة بلا نهاية وظل أسود لجواد وجناحين كبيرين.. أفتح عيني.. هذا الظل ليس لي.. وكان صوت صهيل قريب للغاية.. لا أدري مصدره..