بعد أكثر من شهر من إقرار الدستور الجديد وإعلانه دستورًا رسميًّا للدولة فى 18 يناير الماضى، أصدر الرئيس المستشار عدلى منصور ثلاثة قرارات تباعًا لتنظيم شؤون المؤسسة العسكرية وطرق اختيار قيادتها العامة وتشكيل مجلسها الأعلى الذى يدير شؤون أفرادها وتشكيلاتها، كما أعاد الرئيس تشكيل مجلس الأمن القومى ومجلس الدفاع الوطنى، وهما المعنيان بمواجهة التهديدات الخارجية والداخليه للبلاد. آخر قرارات الرئيس المتأخرة كان القرار الذى أصدره (الخميس) بتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة وزير الدفاع، والذى نص على أن يكون رئيس الأركان نائبًا لرئيس المجلس. وزير الدفاع القادم، الذى يمكن للرئيس تغييره بشرط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو شرط دستورى مؤقت مدته دورتان رئاسيتان، أى ثمانى سنوات، سيكون أيضًا مسيطرًا بالكامل على شؤون القوات المسلحة وإدارتها بالتنسيق مع قادة الجيش من خلال المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى سيجتمع دوريًّا، من دون الرئيس.
ووفقًا لقرار الرئيس، فإن «الأعلى للقوات المسلحة»، يضم فى عضويته رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى ومساعدى وزير الدفاع للتخصصات المختلفة وأمين عام وزارة الدفاع، وقائد قوات حرس الحدود، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة.
كما يضم أيضًا رئيس هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة، ورئيس هيئة التدريب للقوات المسلحة، ورئيس هيئة الإمداد والتموين للقوات المسلحة، ورئيس هيئة التسليح للقوات المسلحة، ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ورئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، ورئيس هيئة القضاء العسكرى. ويضم المجلس أيضًا فى عضويته قائد الجيش الثانى وقائد الجيش الثالث، وقادة المناطق المركزية والشمالية والجنوبية والغربية العسكرية، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، ومدير إدارة شؤون ضباط القوات المسلحة. ويقضى القرار الجمهورى بأن يكون رئيس أركان حرب القوات المسلحة نائبًا لرئيس المجلس، ويتولى أمين عام وزارة الدفاع أمانة سر المجلس، ويحدد وزير الدفاع أعضاء المجلس من مساعدى الوزير للتخصصات المختلفة وهذا وفقًا للنص القديم.
التشكيل الجديد لا يخرج عن التشكيل السابق الذى تم فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى بعد إقالة المشير حسين طنطاوى ومجلسه المكون من ال19 فريقًا ولواءً، حيث عين اللواء عبد الفتاح السيسى وزيرًا للدفاع ورقاه إلى رتبة فريق أول وتم ترفيع قائد الجيش الثالث اللواء صدقى صبحى إلى رتبة فريق وتعيينه رئيسًا للأركان، وأعيد تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليضم ثلاثة وعشرين عضوًا وبنفس صلاحيات المجلس القديم.
تشكيل المجلس الحالى وفقًا للقرار، أضيف إليه أنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية ضم أعضاء فى المجلس من قيادات القوات المسلحة، ليفتح الباب لزيادة عدد أعضاء المجلس بضم قيادات أخرى، حيث قالت مصادر خاصة ل«التحرير» إنها تعنى بأوضاع الطوارئ إذا دعت الحاجة إلى تشكيل مجلس الحرب وتحتاج القيادة إلى الاستعانة برأى وترتيبات تخصصات أخرى مثل الشؤون الطبية.
الميزة الوحيدة التى منحت للرئيس القادم فى النص هى أنه يعود إلى رئيس الجمهورية دعوة المجلس للانعقاد كلما دعت الضرورة، ويتولى رئيس الجمهورية رئاسة الاجتماع فى حالة حضوره، أما وزير الدفاع فيدعو المجلس إلى الاجتماع كل ثلاثة أشهر وكلما دعت الضرورة، وتصدر القرارات بأغلبية الأعضاء الحاضرين.
الرئيس عدلى منصور أصدر قبلها بيوم واحد قرارًا آخر بقانون بإضافة 4 مواد فى قانون القيادة والسيطرة بما يتماشى مع بنود القوات المسلحة فى الدستور الجديد، يجعل وجوبيًّا أن يكون وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، وأنه لا يجوز تعيينه من غير ضباطها، وأن يكون قد خدم فى القوات المسلحة برتبة اللواء 5 سنوات على الأقل، وأن يكون قد تقلد فيها إحدى الوظائف الرئيسية.
القرار هنا وضع نهاية لجدل حاول سياسيون سابقًا إثارته طويلًا وتسبب فى غضب داخل المؤسسة العسكرية، بالمطالبة بأن يكون منصب وزير الدفاع منصبًا سياسيًّا يقوم به سياسى من خارج المؤسسة العسكرية وأن يفصل عن قيادة الجيش التى تكون لقائد عسكرى ومن ثم الفصل بين المنصبين.
وقيد القانون حق الرئيس فى إعلان الحرب والتصديق على خطة الحرب وإرسال القوات المسلحة فى مهمة قتالية خارج الدولة إلا بأخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى وموافقة ثلثى مجلس النواب، وإذا كان المجلس غير قائم يحل محله رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وموافقة مجلس الوزراء ومجلس الدفاع، وفى جميع الأحوال لا يجوز إرسال القوات المسلحة إلى الخارج إلا فى إطار تنفيذ التزامات مصر الدولية، حيث حظر القانون إرسال القوات المسلحة للخارج إلا مدة مؤقتة يحددها قرار لرئيس الجمهورية يتضمن تحديد المهام ونطاق العمل، ولا تجدد المدة إلا بعد اتباع الإجراءات السابقة.
القراران السابقان إذا ركزا على تقليص سلطات رئيس الجمهورية فى التعامل مع المؤسسة العسكرية تنظيميًّا وإداريًّا، وربما كان القراران هما أهم ما عكف عليه المشير عبد الفتاح السيسى، إلى جانب إنهاء ترتيب صفقات الأسلحة المزمع عقدها، لإعادة ترتيب البيت من الداخل، التى عزا إليها الكثيرون من المقربين من السيسى، تأخر إعلان السيسى عزمه الترشح للرئاسة، بإنهاء بعض الإجراءات والترتيبات الخاصة بالقوات المسلحة قبل مغادرته.