تأسست شركة داو جونز الناشرة لجريدة وول ستريت في عام 1882 وصدرت لأول مرة في عام 1889، وبعدها بدأت الشركة في توزيع خدمة أخبار داو جونز عبر التلغراف. وقد كانت الجريدة تعرض مؤشر جونز، وهو أول مؤشر من عدة مؤشرات لأسعار البورصة والسندات في بورصة نيويورك. ثم استطاع الصحفي كلارينس بارون التحكم في الشركة بعد شراء الجريدة ب130 ألف دولار في عام 1902 وتوفي بارون قبل عام من الثلاثاء الأسود، وانهيار سوق الأوراق المالية التي أدت إلي الكساد الكبير في الولاياتالمتحدة، أي في عام 1928. وفي عام 1982، كانت جيسي بانكروفت كوكس حفيدة بارون تحضر احتفالا بمناسبة مرور 100 عام علي تأسيس داو جونز. بدون شك فإن الجد بارون والسيدة كوكس قاوما بشدة محاولات قطب الإعلام مردوخ لضم مملكتهم العزيزة إلا أنه بحلول ربيع 2007 كان مؤشر داو جونز عرضة للهجوم بعد سنوات من الأخطاء الإدارية التي تركت الشركة في حالة هبوط حاد في سعر السهم في الوقت الذي كان فيه المنافسون مثل بلومبرج ورويترز يمضون بأقصي سرعة إلي الأمام. في كتابها «War at The Wall Street Journal"»، كتبت سارة إليسون بياناً دقيقاً ونهائياً، بل وسينمائياً لانتزاع شركة «داو جونز» واحتلال هذا الصرح الإعلامي الاقتصادي العظيم والمعركة السرية التي دارت في أسرة بانكروفت في سبيل ذلك. ربما كانت كلمة "حرب" - كما هو الحال في منافسة بين الخصوم مثلا- غير معبرة بشكل دقيق عما حدث، لأن هيمنة مردوخ ضخمة بالدرجة التي تجعل استحواذه علي "وول ستريت جورنال" أشبه بغزو الاتحاد السوفيتي للمجر!. في النهاية ما حدث أدي إلي صراع بين الثقافات بحيث تحولت الجريدة من قراءة للسوق إلي أخبار عامة يتم قراءتها للمرة الأولي وتستعد للتنافس وجها لوجه مع نيويورك تايمز. حتي إنه في الشهر الماضي بدأت الصحيفة في نشر قسم خاص للمترو! الغريب أن جريدة النيويورك تايمز أوضحت في عرضها الشيق للكتاب إشارة إليسون إلي أن صحيفة نيويورك تايمز هي أكبر مصدر استياء بالنسبة لشعبية الملياردير مردوخ وأنه علي الرغم من كل احتجاجاته فإن جريدة التايمز طالما أزعجته فيما يتعلق باستخدامه المزعوم لوسائل الإعلام في تحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية. "لكم أود شراء صحيفة نيويورك تايمز يوما ما وفي اليوم التالي أقوم بإغلاقها للصالح العام".. هذا ما قاله مردوخ كدعابة لواحد من الإداريين لديه. «وول ستريت جورنال" الجريدة الحائزة علي 33 جائزة من جوائز البوليتزر بين عامي 1947 و2007 كان الجميع يعجب بها لتقاريرها وتحقيقاتها التي تلقي الضوء علي الكثير من الأشياء ولمقالاتها وتعليقاتها المحافظة وكتابتها الأنيقة. لكن الصحيفة لم يكن لديها إلا القليل مما يريده مردوخ في صحيفته. لكن مع تراجع أرباحها، كان آل بانكروفت في حاجة إلي نقود سائلة ومن ثم فإن عرض مردوخ المذهل ب5 مليارات دولار أو 60 دولارًا للسهم كان يمثل زيادة بحوالي 70% عن سعر السهم في السوق وأكثر من نصف مليار دولاراً للأسرة المسيطرة علي 64% من السهم وكان لابد لمنطق المال أن ينتصر. اليسون المراسلة السابقة للجريدة قامت بعمل تغطية لكيفية استيلاء مردوخ علي الجريدة وقامت بالتسلل خلف خطوط العدو وجمع المعلومات الاستخباراتية من جميع الجوانب. حاول بعض أنصار آل بانكروفت أن يقوموا بأي شيء لإعادة الصحيفة إلي صورتها القديمة فمثلا ماركوس براوتشلي المحرر رفيع المستوي حاول في وقت البيع أن يتوصل إلي اتفاق يجعل التحرير في الجريدة مستقلا في صيغة رفضها مردوخ لأنها كانت تحمي كبار المحررين من الخضوع لأهواء المالك الجديد. وحاول ماركوس أن يتلاقي مع أفكار مردوخ ويقوم باسترضائه إلا أنه لم يستغرق أكثر من عام حتي أجبره مردوخ علي الاستقالة. المؤسسة الإعلامية لم تخرج من الصفقة علي ما يرام. فبمجرد أن وافق مردوخ علي أن يتحمل ديون داو جونز فإن السعر النهائي كان بمثابة صدمة أذهلت العالم 5.6 مليار دولار. وبالكاد بعد مرور عام فإن الشركة اعتبرت نصف هذا المبلغ بمثابة خسائر إلا أن مردوخ كعادته دائما كان يضع سورا حديديا حول «لعبته» الجديدة. ولم يتحدد بعد ما إذا كان فوزه بالصحيفة أمراً كارثياً باهظ الثمن أم أنه -كما يقول مردوخ - رؤية جريئة!