جاءت تصريحات محافظ أسوان اللواء «مصطفي السيد» بشأن أسباب إيقاف مشروع متضرري السيول الذي كان يشرف عليه الدكتور ممدوح حمزة - الخبير الاستشاري الهندسي - لتؤكد أن الوحدات السكنية التي كان يشرف عليها حمزة لم تكن مطابقة للمواصفات الهندسية وغير آمنة، مستنداً في ذلك إلي مجموعة من التقارير الهندسية التي قام بها عدد من الخبراء الاستشاريين. تلك التقارير التي دائماً ما كان يستند إليها محافظ أسوان لم ينشرها من قبل علي الرأي العام ،وظل يتعامل معها علي أنها مستندات سرية لا يحق لأحد الاطلاع عليها، حتي لمجرد التأكد من صحة ما استند إليه بتلك التقارير. ستة تقارير هندسية حصلت «الدستور» عليها من مصادر مطلعة بمحكمة أسوان الجزئية والتي أودعت بها سراً، ننشر تلك التقارير التي تحمل كثيراً من المفاجآت والتناقضات في ذات الوقت.... اللافت للنظر أن تقرير الدكتور علي عبدالرحمن - أستاذ المنشآت الخرسانية بكلية الهندسة جامعة القاهرة - والدكتور محمد عامر - أستاذ ميكانيكا التربة والأساسات بكلية الهندسة جامعة القاهرة -، الذي استند إليه المحافظ في دعواه ضد حمزة، لم يشر إلي وجود مشكلات بالمشروع مما يهدد أمانه ولكنه طالب أكثر من مرة بالرجوع إلي المكتب الاستشاري المختص أي «ممدوح حمزة»، ورغم مطالبة التقرير بذلك فإن محافظ أسوان لم يعرض ما انتهي إليه التقرير علي «حمزة ».. جاء تقرير المعاينة لموقع إنشاء قرية الظهير الصحراوي لقرية العلاقي - أسوان - الذي أشرف علي إعداده الدكتور علي عبدالرحمن ليقول التالي: قامت اللجنة المصاحبة لسكرتير عام المحافظة والمستشار الهندسي للمحافظ ومهندسي مديرية الإسكان بزيارة موقع المشروع يوم الأحد الموافق 14 مارس 2010 والاطلاع علي أعمال البناء، كما اطلعت اللجنة علي المستندات المتعلقة بالمشروع من رسومات معمارية وتخطيطية وأساسات للمشروع والصادرة في فبراير 2010 عن المكتب الاستشاري «حمزة» ومشاركيه بصفته استشاري المشروع تحت اسم «مشروع متضرري السيول بأسوان»، كما تم الاطلاع علي تقرير أبحاث التربة «1» لإنشاء الطرق الصادر عن المكتب الاستشاري في مارس 2007، وتقرير أبحاث التربة «2» للمرحلة العاجلة من المشروع والصادر عن نفس المكتب في مارس 2007. وانتهت اللجنة في تقريرها بعد الاطلاع علي المستندات إلي أن التصميم الموضح بالرسومات لحوائط الطوب والقبوات مقبول فنياً، وأن السمك المستخدم يتفق مع السمك الموضح بالرسومات. كما أن التصميم الموضح بالرسومات لأسلوب التأسيس السطحي مقبول فنياً، وأن التصميم الموضح بالرسومات لأسلوب التأسيس علي منسوب تحت سطح الأرض الطبيعية بعمق يتراوح بين 40 و50 سم وبدون مخدات خرسانية مقبول فنياً في حالة التأسيس علي تربة كسر حجر الجرانيت كما ورد بالتقرير الفني للتأسيس المعد بمعرفة مكتب حمزة وشركائه. وطالب التقرير بالرجوع إلي المكتب الاستشاري المصمم لوضع نموذج للتأسيس يتناسب مع طبيعة التربة، كذلك الرجوع إلي المكتب الاستشاري لوضع عناصر إنشائية تحت الحوائط «في الأساسات» وتحت العقود لحماية المبني من الشروخ نتيجة تغير محتوي الرطوبة بالتربة والأحمال الإضافية. وأوصي أيضاً التقرير بالرجوع إلي المكتب الاستشاري لتوحيد توصيات التأسيس ونوع الأساسات، كذلك تقديم اقتراح أسلوب التدعيم أو التصحيح المطلوب. مجموعة من التوصيات تقدم بها تقرير الدكتور علي عبدالرحمن، الذي أشار إلي ضرورة الرجوع إلي الدكتور ممدوح حمزة بصفته المكتب الاستشاري للمشروع، ورغم ذلك فإن محافظ أسوان اكتفي بحفظ التقرير داخل أدراج مكتبه دون عرضه علي الاستشاري المختص، كما أن هذا التقرير أورد بعض الملاحظات التي طالب بالرجوع بشأنها إلي المكتب الاستشاري لكنه لم ينته إلي أن المشروع غير آمن ومن ثم توقف العمل به. لم يكتف محافظ أسوان بما ورد في التقرير الأول، وقام بتشكيل لجنة أخري تضم أستاذين من كلية الهندسة جامعة أسوان، وهما الدكتور محمود عبدالحميد معوض - مدير مركز الدراسات والاستشارات الهندسية -، والدكتور كمال حافظ إسماعيل - أستاذ مساعد ميكانيكا التربة والأساسات -، وانتهي تقرير المعاينة الذي وقعت عليه اللجنة المشكلة التي قامت بمعاينة الموقع في 15 مارس 2010 - أي أنها قامت بزيارة الموقع في اليوم التالي لزيارة الدكتور علي عبدالرحمن - إلي التالي في ملخص تقريرها: ضرورة وجود إشراف هندسي دائم للتحقق من سلامة أعمال التنفيذ طبقاً للمواصفات الفنية وأصول الصناعة، وفيما يخص الوحدات السكنية التي تم تنفيذها بأساسات علي سطح الأرض الطبيعية نري أنها لا تحقق الأمان الكافي نظراً لسوء طبيعة التربة السطحية المنفذة عليها وعدم تجانسها وأن اختبار هذه التربة يكون عبر غمرها من الداخل والخارج بالمياه لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام علي الأقل بشكل غير منتظم لبيان مدي تأثرها بالمياه، والتي قد تنتج مستقبلا من حدوث كسر بماسورة مياه أو في حالة حدوث تسرب من مياه الصرف الصحي للمشروع. وطالبت اللجنة في تقريرها بغمر التربة لمده لا تقل عن ثلاثة أيام، وبالفعل قام المكتب الاستشاري بالغمر لمدة ستة أيام ومع ذلك لم تستكمل اللجنة تقريرها لمتابعة ما بعد الغمر وكتابة تقرير عن ذلك. اللافت للنظر أن محافظ أسوان قام بتشكيل لجنة أخري تضم عضوي اللجنة السابقة بالإضافة إلي خمسة مهندسين بمديرية الإسكان والوحدة المحلية لمدينة أسوان، وقامت تلك اللجنة بإعادة معاينة الموقع يوم 1 أبريل الماضي. وتمت إعادة المعاينة من قبل 7 أعضاء ممثلي اللجنة، وانتهي تقرير المعاينة إلي أن الوحدات القائمة بوضعها الحالي لا تحقق الأمان الكافي، ومن ثم قدمت اللجنة في تقريرها عدداً من الاقتراحات لتدعيمها، وأشارت إلي أنه بخصوص الوحدات السكنية التي لم تنفذ بعد يجب النزول بالحفر حتي طبقة الجرانيت الصالحة والغمر بالمياه، وفيما يخص الوحدات المنفذة أساساتها فقط أوصت اللجنة بملء الفراغات الموجودة بسطح الحجر الرملي بالمؤنة الأسمنتية. جاء التقرير الرابع حول عينات الطوب الأحمر والدبش المزمع استخدامها في إنشاء منازل لمتضرري السيول، والتي تم الكشف عنها في معامل السد العالي «معمل بحوث الخرسانة وميكانيكا التربة» في 1 أبريل الماضي، والتي أخذت أكثر من 30 حجراً من الطوب الأحمر للكشف عنه جاءت جميعها لتؤكد أن جودة الطوب عالية ومقاومته في الضغط حققت نسباً مميزة مما يضمن صلابة وجودة الوحدة. جاء التقرير السادس يحمل توقيع الدكتورة أميمة صلاح الدين - رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان - بتاريخ 13 أبريل، أشارت فيه إلي أنه إيماء إلي خطاب المحافظ مصطفي السيد رقم 134 بتاريخ 28 فبراير 2010 بخصوص قيام الجهاز بمراجعة الرسومات الإنشائية والمعمارية وتقرير الجلسات الخاص بأبحاث التربة بمشروع الإسكان بأسوان، فقد أوصي الجهاز في تقريره الأخذ في الاعتبار بعدد من الملاحظات وهي: التقرير يتطلب عدم وجود أي شروخ أو فواصل بطبقة الجرانيت، وهو أمر غير واقعي، وتعتبر توصية متحفظة بدرجة مبالغ فيها، كما أن التقرير يحدد الجهد الصافي عند منسوب التأسيس بمقدار 1 كجم/ سم مربع وهو جهد ضئيل جداً بالنسبة لطبقة الجرانيت، ويتطلب إجهاداً لا يزيد علي 0,8 كجم / سم مربع علي طبقة الإحلال وهو أيضا إجهاد ضئيل جداً، وتعتبر هذه التوصية أيضاً متحفظة بدرجة مبالغ فيها. وأكد التقرير في النهاية أن تنفيذ المبني كان طبقاً للمواصفات المرفقة بخطاب المحافظة، وهي غير مطابقة للكودات المصرية، ويلزم تعديل أسلوب التأسيس المقترح باللوحات، أما فيما يخص طلب اللجنة التي أوصت بغمر التربة لمدة ثلاثة أيام ولم تكتب تقريرها بعد قيامنا بغمر التربة لمدة 6 أيام فماذا يعني هذا التجاهل، خاصة أن هذا جاء بناء علي توصياتها؟!. وأضاف حمزة: «في تقرير الدكتورة أميمة صلاح الدين - رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان- تحدث عن بحث تربه لا علاقة لي به أصلا، أي أنها كانت تعطي ملاحظات علي بحث لا أعرف عنه شيئاً، كما أن الدكتورة أميمة هي نفسها التي سبق وأن أعدت تقريرين عن مكتبة الإسكندرية قالت خلالهما إن المكتبة وأساساتها بها مشاكل، وهما التقريران اللذان لم يتم الأخذ بهما بسبب الأعضاء المشاركين في اللجنة التي كانت مشاركة في وضع تقريري الإسكندرية، حيث اتهموا في قضية رشوة. وقال حمزة : التقارير الستة لم تقل إن المباني غير آمنة لكن ما حدث هو أن المحافظ يسعي جاهداً لإيقاف المشروع، وفي النهاية قام باقتناص المشروع وأموال المتبرعين وتوجيهها لإنشاء مشروع آخر تصل فيه قيمه الوحدة إلي 80 ألف جنيه في حين أن قيمة الوحدة التي كانت في المشروع الذي تم إيقافه كانت 35 ألف جنيه». من جانبه كشف لنا ممدوح حمزة عن نسخة العقد المبرم مع المقاول الذي كان من المفترض أن يقوم بتنفيذ مشروع متضرري السيول، وفي نسخة العقد الذي حصلنا عليه تحدد قيمة الوحدة بمبلغ 35 ألف جنيه فقط بكامل التشطيبات بدون المرافق الخارجية، ويأتي هذا العقد ليكشف كذب ادعاء محافظ أسوان الذي قال إن قيمة الوحدة في المشروع القديم قد تصل إلي 50 ألفاًًَ وهذا ما ينفيه العقد.