رغم تأكيد خبر فوز الروائى السورى خالد خليفة بجائزة نجيب محفوظ لهذا العام، فإنه بمجرد إعلان رئيسة لجنة تحكيم الجائزة الدكتورة تحية عبد الناصر فوز خليفة، غمرت القاعة حالة من السعادة والابتهاج والتصفيق الحاد من قبل الحضور، وتهنئة الناشرة الدكتورة فاطمة البودى، التى نشرت الرواية الفائزة فى مصر «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة». عميد الجامعة الأمريكيةبالقاهرة الدكتور عمرو شعراوى قام بتسليم الجائزة إلى الناشرة ومالكة «دار العين» الدكتورة فاطمة البودى، عن الروائى خالد خليفة، بعد عدم استطاعته السفر من سوريا إلى القاهرة لتسلم الجائزة، وقد اختير بإجماع من أعضاء اللجنة، الدكتورة تحية عبد الناصر، والدكتورة شيرين أبو النجا، والدكتور حسن حمودة، والدكتورة منى طلبة، والشاعر عبده وازن.
الدكتورة تحية عبد الناصر قالت فى كلمة عن الرواية الفائزة «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة» إن خليفة فى روايته يسرد قصة مدينة حلب، والشعب السورى فى نصف قرن، وتجسد الرواية سيرة عائلة فى مواجهة الاستبداد، وقصة مدينة على حافة الانهيار، مضيفة أن الرواية تقدم شخصيات فى مدينة تواجه القدر، وتدخل فى واقع قاسٍ يتشكل من الخوف والفشل.
عبد الناصر أضافت أن رواية خليفة بمثابة أنشودة لسوريا، يقوم فيها الراوى الشاهد بتضفير روايته ومعاناة الشعب، القهر والثورة، والدمار والأسى، وفى سردها للخوف والتطرف والاستبداد، مشيرة إلى أنها -أى الرواية- تعبر عن روح المقاومة، والأحلام المبتورة، كما أنها رواية تتمرد على الخوف وتقطع الصمت، ويبدع فيها الكاتب من خلال تجسيد عزلة العائلة.
وقرأ الشاعر والصحفى سيد محمود كلمة كتبها خالد خليفة، قال فيها «لأول مرة تقف الكتابة وجهًا لوجه مع ذاتها، لتجيب عن سؤال خطير ماذا تفعل الكتابة حين يصبح الموت فاحشًا إلى هذه الدرجة، لأول مرة أتساءل مصدومًا عن جدوى الكتابة، وأعترف بأن أوهامى قد انتهت حين اكتشفت بأننا أشخاص ضعفاء إلى درجة كبيرة، غير قادرين على مساعدة طفل نازح فى المخيمات وإعادته إلى دفء منزله، أو جثة رجل قتله قناص لمروره الخاطئ من المكان الخاطئ فى ذلك الوقت الخاطئ، لكنها فى الوقت نفسه أزالت عن عينى غشاوة كنت لا أجرؤ على الاعتراف بها من قبل، نحن نعمل فى الهشاشة، لأننا نصنع الجمال، نسهم بجعل حياة البشر أقل وحدة وقسوة، لا ننصر مظلومًا، لكننا نساعد المظلوم على أن يستجمع قواه ويحارب من أجل قضيته». وعن الرواية قالت عضوة اللجنة الدكتورة شيرين أبو النجا إنها تموج بكثير من السكاكين، ولكل شخصية فيها سكين خاص، لا يجمع هذه السكاكين سوى حضور الأم بشكل كلى، حتى إن غيابها تحول إلى شكل آخر للحضور سلبًا وإيجابًا، وقال الدكتور حسين حمودة إن هذه رواية كبيرة عن قهر الجسد، والروح، وفى عالمها ملامح لمشهد كبير عن مدينة حلب، وأجواء الكابوس الجماعى فى فترة بعينها. وقالت الدكتورة منى طلبة إن سكاكين مطابخ هذه المدينة المستبد حكامها بأهلها تشرع لتمزيق النفوس، وهكذا يقدم خليفة بسكين الفنان المثال منحوتات روائية بديعة لأشلاء أسرة عربية أدماها العنف السياسى. وقال الشاعر عبده وازن عنها إنها رواية عائلة ومدينة ووطن على شفى السقوط، تتداخل هذه الصور الثلاث واقعيًّا ورمزيًّا عبر لعبة السرد الذكية التى يؤديها راوى هو فى الوقت ذاته إحدى شخصيات الرواية، مضيفًا أن أفراد الرواية يعيشون حالة من الصراع الداخلى، والصراع مع المجتمع ومع العقائد والسياسة.