حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بالبنوك في أول يوم عمل بعد تثبيت الفائدة    طلاب ب "إعلام أكاديمية الشروق" يطلقون حملة ترويجية لتطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسهيل الحياة في العاصمة الإدارية    «القسام»: أسرنا جنود إسرائيليين في كمين مركب وقتلنا آخرين في مخيم جباليا    لابيد: أولادنا يموتون في قطاع غزة    فهمي: سيطرة إسرائيل الأمنية على غزة بعد الحرب غير قابل للتطبيق ويعوق اتفاق السلام    مدير وحدة الأبحاث بمعهد فلسطين: مأزق إسرائيلى فى غزة.. ومصر حائط صد    قيادى بحركة فتح: مصر تحارب من أجل بقاء القضية الفلسطينية ولولاها لانتهت    ربيعة: لاعبو الأهلي على قلب رجل واحد.. وفخور باللقب ال12    الأهلي يعبر عن خالص شكره وتقديره للرئيس عبدالفتاح السيسي    عماد النحاس: سعيد بتتويج الأهلي بأبطال إفريقيا وكنت أتابع المباراة كمشجع    وزير الرياضة يعلن موعد انضمام صلاح ل معسكر منتخب مصر    كولر: نستحق التتويج.. وتعودنا في الأهلي على حصد الألقاب    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    غدًا.. نتائج صفوف النقل عبر الموقع الإلكتروني ب«تعليم الجيزة»    نتيجة الشهادة الاعدادية 2024، الترم الثاني محافظة أسوان برقم الجلوس أو الاسم عبر بوابة الفجر وموقع وزارة التربية والتعليم    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    «تشريعية النواب»: تعديل على قانون تعاطي المخدرات للموظفين بعدما فقدت أسر مصدر رزقها    بعد الأجواء الحارة.. الأرصاد تكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    طباخ ينهي حياة زوجته على سرير الزوجية لسبب صادم!    «مبروك يا ابن المحظوظة».. أحمد سعد يهنئ الأهلي ببطولة أفريقيا (فيديو)    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الجدي    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    أستاذ قانون: القضاء الدولى ينتفض ضد إسرائيل بسبب جرائمها فى غزة    طارق الملا ل قصواء: كل الشركات العالمية متواجدة فى مصر للتنقيب عن البترول    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    تجدد الاحتجاجات ضد نتنياهو في تل أبيب وأماكن أخرى.. وأهالي الأسرى يطالبونه بصفقة مع حماس    مبابي يودع باريس سان جيرمان بحصد لقب كأس فرنسا 2024    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    "يا هنانا يا سعدنا إمام عاشور عندنا".. جماهير الأهلي فى كفر الشيخ تحتفل ببطولة أفريقيا (صور)    رابطة النقاد الرياضيين تشيد بالتنظيم الجيد في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مصر في 24 ساعة| السيسي يُصارح المصريين بأزمة انقطاع الكهرباء.. والأهلي يتوج بالأميرة السمراء    "نيوزويك": بوتين يدرس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    زاهي حواس: بناء الأهرامات كان المشروع القومي للمصريين القدماء.. واستغرق 28 عاما    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    عيار 21 الآن بالمصنعية.. تراجع جديد في سعر الذهب اليوم الأحد «بيع وشراء» في مصر (تفاصيل)    آلام التهاب بطانة الرحم.. هل تتداخل مع ألام الدورة الشهرية؟    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    مستشار وزير الزراعة: الرئيس السيسى افتتح 8 أنشطة كبيرة كل نشاط بمثابة بطولة    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامح عيد يكتب: جهْل مؤسس الإخوان
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 12 - 2013

مرشد الجماعة الأول لم يقرأ التاريخ الإسلامى وكان جاهلًا بالدين نفسه.. لكنه سيطر على أتباعه لأنهم أميون أو فقراء لا يقرؤون
البنا يتحدث عن الاستعمار الإسلامى والفاتح المسلم.. ويقول كلامًا يتناقض مع العقل والمنطق والتاريخ
يستدعى آيات القتال فى غير موضعها.. ويريد خوض معارك مع دول لم تحاربنا
أعتقد أن حسن البنا قرأ كتاب «كفاحى» للزعيم الألمانى النازى.. وربما سار على دربه

تحت عنوان «احذروا الانحراف» يقول البنا:


«إن لكل أمة من أمم الإسلام دستورًا عامًا فيجب أن تستمد مواد دستورها العام من أحكام القرآن الكريم، وإن الأمة التى تقول فى أول مادة من مواد دستورها: إن دينها الرسمى الإسلام، يجب أن تضع بقية المواد على أساس هذه القاعدة، وكل مادة لا يسيغها الإسلام ولا تجيزها أحكامه يجب أن تحذف حتى لا يظهر التناقض فى القانون الأساسى للدولة.


وإن لكل أمة قانونًا يتحاكم إليه أبناؤها، وهذا القانون يجب أن يكون مستمدًا من أحكام الشريعة الإسلامية مأخوذًا عن القرآن الكريم متفقًا مع أصول الفقه الإسلامى، وإن الشريعة الإسلامية وفى ما وضعه المشترعون المسلمون ما يسد الثغرة ويفى بالحاجة»، وفى نهاية المقطع (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) المائدة، وتحدث الإمام بعدها عن تطبيق الحدود وعن محاربة الإباحية وعن التعليم وفى نهاية المقطع استدعى الآية الكريمة (قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين) يوسف.


للأسف ربما لم يدرك حسن البنا أنكم أعلم بشؤون دنياكم، وأن النسبة الأغلب من القوانين تتعلق بأحوال الناس المتغيرة، من نظم ضريبة ونظم إسكان وتعليم وصحة ومرور وجمارك واحتكار وقوانين بحرية وجوية، وأن المجلس التشريعى مهمته تعديل القوانين، مما نستنتج منه أن القوانين تحتاج إلى التغيير الدائم والمستمر مما يجعل المجلس قائمًا مستمرًا فى تغيير القوانين، وأن قواعد الإسلام هى قواعد كلية عامة ومقاصد عليا أكثر منها قوانين تفصيلية، وأن الفقه نفسه وبالذات فى ما يخص أمور الحياة والمعاملات لا ما يخص العبادات ما هو إلا آراء بشرية قابلة للتغيير بتغير الزمن والمكان، والدليل أنهم لم يتفقوا فى رأى، حتى إن حجية الإجماع ذاته ليست محل إجماع، وقال بعضهم من ادعى الإجماع فقد كذب. من المؤكد طبعًا أن عدد الصلوات وعدد الركعات ليس مجالا للفقه أصلًا، وكذلك معظم العبادات. لأنه التواتر، المشكلة أن الإمام بعد أن يعبر عن رأيه ربما فى محاربة الإباحية والتعليم والحدود يغلفها بآية كريمة، وكأنها دعوة الله قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وهو حديث الرسول عن نفسه، لكنها البصيرة المستمدة من الوحى، فالاستدعاء أقرب إلى التقمص لشخصية النبوة ولدعوة النبى، وهذه الآية بالذات ذكرها حسن البنا عشرات المرات، وخاصة فى كل مرة يعبر فيها عن رأيه الشخصى، تكون هى السبيل والبصيرة، حتى علم أصول الفقه الذى تحدث عنه الإمام البنا فهو علم مهم، لكنه بشرى، نختلف مع بعض قواعده، مثل الأصل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومثل لا اجتهاد مع النص، فنتفق ونختلف، وفى النهاية هذا إنجاز بشرى رغم أهميته، لا يمنعنا من مناقشته والحوار حوله ونقده أحيانًا.


تحت عنوان «أخوة تعلن الإنسانية» يقول:

«ولقد أثمرت هذه العقيدة ثمرتين، لا بد لنا من أن نجنيهما ونتحدث إليك عما فيهما من حلاوة ولذة وخير وفائدة، فأما الأولى منهما فقد أنتجت هذه العقيدة، أن الاستعمار الإسلامى لم يشبهه استعمار فى التاريخ أبدًا، لا فى غايته ولا فى مسالكه وإدارته ولا فى نتائجه وفائدته، فإن المستعمر المسلم إنما كان يفتح الأرض حين يفتحها ليعلى فيها كلمة الحق، وينير أفقها بسنة القرآن الكريم، فإذا أشرقت على نفوس أهلها شمس الهداية المحمدية فقد زالت الفوارق ومحيت المظالم، وشملها العدل والإنصاف والحب والإخاء، إن ذلك الفاتح المسلم قبل أن يغزو من غزا، ويغلب من غلب، قد باع نفسه وأهله، وتجرد من عصبيته وقوميته فى سبيل الله، فهو لا يغزو لعصبية ولا يغلب لقومية ولا ينتصر لجنسية، لكنه يعمل حين يعمل (لله) ولله وحده لا شريك».


تحدث حسن البنا عن الاستعمار الإسلامى والفاتح المسلم، وقال كلامًا يتناقض مع العقل والمنطق والتاريخ، فهو يتحدث عن اليوتوبيا، يتحدث عن قوم كلهم مخلصون أتقياء متجردون، ألا يعلم حسن البنا أن المسلمين الأوائل كان من بينهم المنافقون؟ وكانوا يخرجون مع الرسول للغزو، فقد خرجوا فى غزوة أحد، ورجع بعضهم وخرجوا فى بنى المصطلق وغيرها من الغزوات، وأن عمرًا بن الخطاب كان يرغب الناس فى الخروج فى المعارك واعدًا إياهم بالمغانم، وكان يزيد لبعض القبائل فى الأسهم ترغيبًا لهم، وحركة التاريخ الإسلامى ليست كلها دين، وتقييمها من منطلق دينى فيه ظلم للدين، لكن من الممكن تقييمها من منطلق سياسى، فقد كانت الحروب الأولى حروبًا دفاعية ضد الفرس والروم، وبعدها تحركت الإمبراطورية بالقصور الذاتى بدوافع سياسية أو من منطلق حركة التاريخ لا حركة الدين، فلا أظن أن قتال أناس لم يقاتلونا فى الدين ولم يخرجونا من ديارنا، مبرر دينيًّا، من الممكن أن يكون له تفسير سياسى، ولذلك يجب أن يظل فى حدوده السياسية ولا يتجاوزها إلى غير ذلك، أما حديث الإمام البنا عن المغلوب السعيد، فهذا كلام منافٍ للواقع، كيف سيكون سعيدًا وقد أخذت نساؤه سبايا وأولاده عبيدًا، كما كانت قواعد الحرب فى ذلك الوقت، خصوصًا لمن خاض القتال ضد المسلمين، كيف وقد انتقل من الحرية والغنى، إلى العبودية والذل، ألا يعلم حسن البنا أن أبا لؤلؤة المجوسى قاتل عمر بن الخطاب كان من الموالى، كما كانوا يسمونهم واشتكى مولاه على ما أتذكر المغيرة بن شعبة لعمر، لأنه كان يأخذ منه ما يشبه حق الانتفاع، وربما لم ينصفه عمر لقوانين تحكم العلاقة حين ذاك مما أغضبه من عمر، وقرر قتله، وأن كثيرًا من الصراعات السياسية بعد ذلك كانت تنطلق من منطلقات عشائرية، بما فيها الدولة الأموية والدولة العباسية، حتى ولو كانت تحت مسمى بيت النبى وأهل البيت أو القرشيين، وأن بلاد فارس وخرسان والأتراك سيطروا على الخلافة قرونًا من الزمان فى ظل الدولة العباسية وما بعدها، وأنها لم تكن عدل كلها وحق كلها كما يدعى حسن البنا، حتى الثورة على عثمان التى أشعلها ابن سبأ، كانت تحت دعاوى تغيير المنكر، وربما لاقت قبولًا فى مصر لتجاوز واليها فى ذلك الوقت عبد الله بن أبى السرح، وهذه اليوتوبيا التى يتحدث عنها الإمام غير موجودة على أرض الواقع، بداية من هبوط آدم على الأرض لعدم قبوله عدم تفسير عدم أكله من الشجرة، وقبل تفسير إبليس أنها شجرة الخلد وملك لا يبلى فعصى الله واتبع غواية الشيطان، أيضًا صراع قابيل وهابيل على متطلبات الدنيا، فمن أين أتى بهؤلاء الأتقياء الأنقياء العادلين المتجردين فى المجمل وفى المطلق، إما أنه لم يقرأ التاريخ الإسلامى جيدًا، وإما أنه يتعمد تضليل أتباعه، لأنه يعرف أنهم أميون أو فقراء لا يقرؤون، وسيأخذون كلامه مصدقًا.
وتحت نفس العنوان السابق يقول:
«قال تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)، وهل تظن أن رجلًا يشترط عليه دينه أن يتجرد من نفسه ويكبت عواطفها وميولها وأهواءها حتى يكون جهاده خالصًا لله وحده، يفكر بعد هذا فى أن يجاهد لعصبية أو يغزو لجنس أو قومية؟ اللهم لا.

إن ذلك المغلوب الذى شاء له القدر أن يسعد بالإسلام ويهتدى بهديه».

ما قاله حسن البنا فى المقطع السابق ليس له إلا احتمالين اثنين، إما أنه جاهل بالتاريخ وبالواقع وبالفلسفة وبالدين ذاته، فليس معنى أن الآية أمرت الناس بالتجرد تؤدى بالضرورة بأن كل المسلمين امتثلوا لأوامر الله وتجردوا ولماذا إذا كانت صفة الرسول المعصوم عليه الصلاة والسلام أنه قرآن يمشى على الأرض إذا كان كل المسلمين يمتثلون لأوامر الله أم أنهم جميعًا أمة من الأنبياء والرسل، وهو يسأل مستنكرًا هل تظن ويقسم فى النهاية اللهم لا، ونحن المسلمين نستغفر الله ليل نهار، لأننا نعصى الله ليل نهار، ولن ندخل الجنة إلا برحمته، ولو أنكم لا تخطئون لاستبدلكم الله بقوم يخطئون ويستغفرون، الاحتمال الثانى أنه يعلم ذلك، لكنه يتعمد تضليل أتباعه وتخديرهم ومحاولة إقناعهم أنهم ينتمون إلى مجموعة من الأطهار الأنقياء وأولياء الله الصالحين، ثم يقول إن ذلك المغلوب الذى شاء له القدر أن يسعد بالإسلام، فهذا ليس دقيقًا أيضًا، فقوانين الحرب قديمًا كما نعلم جميعًا فيها سبى للنساء وتوزيع الأراضى كفىء على المسلمين أو تكون ملكًا للدولة المنتصرة، خصوصًا إذا كانت تلك الدول تم دخولها عنوة عن طريق الحرب، فالأمور لم تكن بهذه البساطة، وكانت هناك أحقاد دائمة ومستمرة، وكانت هناك عصبيات لقوميات مختلفة مثل الفرس والترك، الذين ظلوا فى صراع دائم مع الدولة العربية التى ظنوا أنها تتعصب لعربيتها بل لقرشيتها على أساس الحديث المشكوك فى صحته (الأئمة من قريش)، وكان هناك ولاة ظالمون فى كثير من العصور، أغضبوا رعاياهم، ولم يتعاملوا معهم بمبادئ الإسلام كما يظن الإمام، وحدث كثير من الصراعات على الحكم خلفت كثيرًا من الدماء بين المسلمين أنفسهم، فالدولة العباسية عندما قامت أسالت كثيرًا من الدماء، وكانت تقتل بالشبهة، وأى أموى كان يقتل أميرًا كان أم غير ذلك، فالوردية التى يتحدث بها الإمام البنا وأن المسلمين كلهم سواء يأتمرون بأمر القرآن، وينتهون عن نواهيه، فهناك أخلاق كلية وهناك تفاعل بشرى نسبى يختلف من شخص إلى شخص، وليس هناك معصوم، وهل معنى أن القرآن أمرنا ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا، أو أمرنا، غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم، خلاص كل المسلمين، لا غيبة ولا نميمة ولا تجسس وغض للأبصار، ما هذا الهراء؟! هل تظن؟ اللهم لا!
وتحت عنوان «نظرة تاريخية»

أراد أن يعطى الأمل بالفوز لأتباعه ومريديه فضرب مثلًا بأبى بكر الصديق وحروب الردة..


«ومن ذا الذى يصدق أن هذه الشيعة الضئيلة المستترة من بنى على والعباس تستطيع أن تقلب ذلك الملك القوى الواسع الأكناف ما بين عشية أو ضحاها، وهى ما كانت يومًا من الأيام إلا عرضة للقتل أو التشريد والنفى والتهديد؟ ومن ذا الذى كان يظن أن صلاح الدين الأيوبى يقف الأعوام الطوال، فيرد ملوك أوروبا على أعقابهم مدحورين، فمن كان يظن أن الملك عبد العزيز آل سعود، وقد نفيت أسرته وشرد أهله وسلب ملكه يسترد هذا الملك ببضعة وعشرين رجلًا، ثم يكون بعد ذلك أملًا من آمال العالم الإسلامى فى إعادة مجده وإحياء وحدته؟ ومن كان يصدق أن ذلك العامل الألمانى (هتلر) يصل إلى ما وصل إليه من قوة النفوذ ونجاح الغاية؟».


استند حسن البنا فى تحفيز أعضاء جماعته إلى تجارب تاريخية حققت نجاحًا سياسيًّا فى وقت وزمن ما، حتى إنه أشاد بتجربة هتلر، وقال إنه حقق قوة النفوذ ونجاح الغاية، وأشاد بالدولة العباسية وصلاح الدين والملك عبد العزيز، وكل هذه التجارب السياسية ليست دينًا، لكنها سياسة لها ما لها وعليها ما عليها، لكنه يؤكد قيادة سياسية وعسكرية يطمح إليها أو يمنى أفراده بذلك، وإنى أعتقد أن حسن البنا قد قرأ كتاب «كفاحى» لهتلر، وربما سار على دربه.

وتحت عنوان «رسالة نحو النور.. على مفترق طريقين» يقول:
«فأما الأول فطريق الإسلام وأصوله وقواعده وحضارته ومدنيته، وأما الثانى فطريق الغرب ومظاهر حياته ونظمها ومناهجها، وعقيدتنا أن الطريق الأول طريق الإسلام وقواعده وأصوله هو الطريق الوحيد الذى يجب أن يسلك، وأن توجه إليه الأمة الحاضرة والمستقبلة».
هذا الفصل بين الأبيض والأسود غير موضوعى، والإسلام ليس تفاصيل حياة، لكنها أخلاق كلية ومقاصد عليا وجزء من التفاصيل كالمواريث والتفاصيل فى عمومها بشرية والغرب حقق إنجازًا حقيقيًّا على مستوى العلم، وعلى المستوى السياسى لا نستطيع أن نغفله، وعلى مستوى التنظير الثقافى أيضًا، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها.

تحت عنوان «الإسلام والعزة والقومية» يقول:
«فالوطن فى عرف الإسلام يشمل:
القطر الخاص أولًا، ثم يمتد إلى الأقطار الإسلامية الأخرى، فكلها للمسلم وطن ودار، ثم يرقى إلى الإمبراطورية الإسلامية الأولى التى شادها الأسلاف بدمائهم الغالية العزيزة فرفعوا عليها راية الله، ولا تزال آثارهم فيها تنطق بما كان لهم من فضل ومجد، فكل هذه الأقاليم يسأل المسلم بين يدى الله تبارك وتعالى لماذا لم يعمل على استعادتها، ثم يسمو وطن المسلم بعد ذلك كله حتى يشمل الدنيا جميعًا، ألست تسمع قول الله تبارك وتعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) الأنفال».
فالمشكلة أن حسن البنا يتحدث باسم الإسلام، ويستدعى آيات القتال فى غير موضعها الحقيقى فهو يريد أن يقاتل حربًا استباقية لدول لم تحاربنا، فهل يظن حسن البنا أن المسلمين فى سويسرا يريدون أن يحكمهم حسن البنا وجماعته، بل سيقف المسلمون فى سويسرا بجانب جيوش دولتهم يحاربون المعتدى المصرى، دفاعًا عن حريتهم وديمقراطيتهم ورفاهيتهم التى دفعوا فى سبيلها الدماء، وعلى استعداد لبذل مزيد من الدماء فى سبيل حمايتها وكذلك مسلمو الهند سيقفون مع دولتهم ضد أى معتدٍ ولو حدثت حرب بين باكستان ذات الأغلبية المسلمة مع الهند سيقف مسلمو الهند بجانب دولتهم، هذه مفاهيم ثقافية استقرت لدى مواطنيها، وما يقوله حسن البنا ضد المنطق والتاريخ، ولو كانت تحققت السيطرة لجماعته لكانت أودت بالأمة المصرية إلى الهلاك وأدخلتهم فى حروب لا قبل لهم بها ولا طائل من ورائها غير أوهام فى ذهن إمام وجماعة، ويدَّعى حسن البنا أن الله سيسألنا عن عدم استعادة تلك البلدان، وكأنه أمر إلهى، لا أحلام شخصية، واستدعى آية ويكون الدين لله، على أنها العالمية والأستاذية العسكرية والسياسية على العالم، فى تأويل شاذ، وكأن الرسالة لم تكتمل فى عهد النبوة ولا بالصحابة الأولين، وكأن شرط اكتمالها هو السيطرة على العالم من قبل قيادة تحكم باسم الله على الأرض.


وتحت نفس العنوان السابق يستدعى الإمام البنا كل آيات القتال، وفى غير موضعها لأنه يتحدث عن حروب هجومية لاستعادة الأمصار والتمدد العسكرى بعد ذلك..


«(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) الأنفال، وفى قوله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) البقرة، (فليقاتل فى سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة) النساء، (وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليًّا واجعل لنا من لدنك نصيرًا) النساء، (الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل الله والذين كفروا يقاتلون فى سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا) النساء، (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب) النساء، (إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص)».
استدعى كل آيات القتال تأكيدا لمفهومه عن الحرب المقدسة لتحقيق أستاذية العالم العسكرية والسياسية والتى تبدأ بالأمة العربية ثم كل الدول التى كانت تحت مظلة الدولة الإسلامية سابقًا، ثم الامتداد ليشمل السيطرة العسكرية على كامل الأرض، وهذا أمر ضد حركة التاريخ، وضد الفطرة الإنسانية، لأننا مختلفون وسنظل مختلفين، إنك لا تهدى من أحببت، لكن الله يهدى من يشاء، وخلقناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، لم يقل لتتقاتلوا وليكن فصيلًا يمارس الوصاية على فصيل آخر كما يريد حسن البنا، ويقولها صراحة الوصاية على البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.