يشير مصطلح «الربع الخالي» إلي الأرض المقفرة الممتدة في الركن الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، إلا أن هذا المصطلح استخدم علي نحو ملائم في الآونة الأخيرة للإشارة إلي ربع العالم الإسلامي الذي لا يزال غير ديمقراطي، إذ إن هناك عدداً من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، مثل إندونيسيا (250 مليون نسمة)، وبنجلاديش وباكستان ونيجيريا (أكثر من 100 مليون نسمة لكل منهما) وتركيا (80 مليون نسمة) يتم إضفاء الطابع الديمقراطي عليهم علي نحو مطرد، في الوقت الذي لا تزال فيه معظم البلدان العربية- من ناحية أخري- متخلفة، علي الرغم من أنهم يشكلون ربع العالم الإسلامي (300 مليون نسمة من أصل 2،1 مليار). وبعد مرور عام واحد علي خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في القاهرة الذي تحدث فيه عن دعم الديمقراطية العربية، فهناك تعبير واضح وبصوت عال عن خيبة الأمل في المنطقة. فعلي ما يبدو أن الخوف المرضي من وصول الإسلاميين إلي السلطة في حالة إجراء انتخابات حرة ونزيهة قد خدم الطغاة العرب إلي حد كبير، فعلي الرغم من أن أوباما صرح بوضوح في القاهرة بأنه لا يؤيد عدم التوافق بين الإسلام والديمقراطية، إلا أن إدارته اختارت بوضوح السياسة المفضلة لتحقيق الاستقرار في المنطقة أكثر من الحكم الديمقراطي. فتخفيض التمويل المطلوب لدعم الديمقراطية من المعونة الأمريكية إلي مصر للعام القادم يعد رسالة واضحة، كما أن رد الفعل المعتدل لوزارة الخارجية الأمريكية علي قرار الحكومة المصرية بتمديد قانون الطوارئ الذي جري العمل به 29 عاماً لمدة عامين آخرين كان مريحاً ومشجعاً للمستبدين العرب، إذ إن هذه الفترة ستكون طويلة بما يكفي لاستخدام قانون الطوارئ خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مصر العام المقبل. وقد نجحت بعض هذه الأنظمة المستبدة في إقناع إدارة «أوباما» أن بإمكانهم التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإذا كان من الممكن حقا، فلماذا لم يتمكنوا من فعل ذلك علي مدي العقود الثلاثة الماضية؟ فالحفاظ علي هذا الأمل الكاذب يسمح لهم بالاستمرار في الحكم دون تحد خطير من الغرب. وقد افتقد الناشطون في القاهرة وفي أماكن أخري الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش - علي الرغم من الشكوك المحتملة حول سياساته في العراق وأفغانستان - نتيجة لموقفه الثابت من قضية التقدم الديمقراطي، إذ حاول خلال فترة رئاسته الضغط علي الحكام المستبدين وكانت هناك فرصة لازدهار معارضة ديمقراطية، إلا أن سياسة «أوباما» الحالية تبدو، علي النقيض من ذلك، ضعيفة وغير متناسقة. ولم يفت الآوان بعد لإنقاذ عملية التحول الديمقراطي في المنطقة، فلبنان والكويت والعراق نجحت في إجراء انتخابات تعددية في ال 12 شهراً الماضية تجاوزت نسبة اقبال الناخبين فيها الولاياتالمتحدة ومعظم الديمقراطيات الغربية، مما يحمل إشارة واضحة لثقافة سياسية قوية علي المشاركة. ويستعد المصريون الآن لاثنتين من الانتخابات الحاسمة إحداهما الانتخابات البرلمانية في نوفمبر المقبل والأخري الانتخابات الرئاسية العام المقبل، وهم في توق شديد لاستعادة العصر الليبرالي لهم مرة واحدة والذي عاصروه في الفترة بين 1860 و1950، والمطلوب من إدارة أوباما والديمقراطيات الغربية الاخري المطالبة بانتخابات تعددية حرة ونزيهة في ظل رقابة دولية. وبتنفيذ هذا المطلب، يمكن لأوباما استعادة ثقة المصريين به وبمبادئ الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما سيساعد بذلك أيضا علي تعبئة الربع الخالي، فسيتبع العالم العربي مصر في هذه الخطوة.