إصرار تركيا على أن تكون لاعبًا فى الساحة المصرية، وتمسكها بدس أنفها فى كل ما يحدث فى مصر، واستماتتها من أجل الدفاع عن جماعة الإخوان، رغم الاحتجاج الرسمى والإنذار القوى أكثر من مرة، جعل الحكومة المصرية تقدم أمس على خطوة جريئة فى العرف الدبلوماسى، لتعلن عن تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، من مستوى السفير إلى مستوى القائم بالأعمال وسحب السفير المصرى نهائيًّا، ومن ثم إبلاغ السفير التركى فى القاهرة بأنه «شخص غير مرغوب فيه»، ومطالبته بمغادرة البلاد. هذه الخطوة اعتبرها المحللون السياسيون والدبلوماسيون خير رد على التدخل السافر لتركيا فى الشؤون المصرية. وزير الخارجية الأسبق محمد العرابى، قال إن هذه خطوة جيدة واستجابة للرأى العام المصرى، كما أنها رسالة إلى كل من يحاول التدخل فى شؤون مصر الداخلية بالشكل السافر الذى قامت به تركيا، مضيفا أن تركيا حاليًّا عليها الاهتمام بشؤونها الداخلية والتركيز على مشكلاتها.
العرابى قال إن طرد السفير وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسى إلى درجة القائم بالأعمال هو فى العرف الدبلوماسى تعبير عن الاستياء من المواقف التى تبنتها دولة تركيا مؤخرًا، وهى درجة أقل من سفير وأقل من العلاقات العادية بين أى بلدين.
سفير مصر الأسبق فى العراق فاروق مبروك، قال إن الغرض من هذا الإجراء هو التعبير عن الاحتجاج على الموقف العدائى الذى اتخذته تركيا تجاه مصر، قائلا: «أعتقد أن الحكومة فى تركيا تتعامل مع الأوضاع فى مصر من منطلق عقائدى، وهذا خطأ وموقف غير منطقى»، وحول تهديد تركيا بالرد القاسى على مصر، قال مبروك «بإمكانها اتخاذ إجراءات أخرى كالعلاقات الاقتصادية ووقف استثماراتها، ولكن هذا تحكمه عدة أمور».
من جانبه قال الدكتور عبد المنعم المشاط، أستاذ العلاقات الدولية والأمن القومى، إن القرار جاء فى توقيت مناسب، بعد أن نفد صبر الدولة المصرية من محاولات رئيس الوزراء التركى التدخل فى الشأن المصرى، بما يتعارض مع الفقرة السابعة من المادة (2) فى الدستور، مضيفا أن مصالح تركيا الاستراتيجية تتعارض مع المصالح المصرية، ومنها وهم إعادة الخلافة العثمانية وأن تصير إسطنبول مركز الدولة الإسلامية وتلغى دور مصر والأزهر.
المشاط أضاف أن ما تفعله تركيا من استضافة اجتماعات النظام الدولى للجماعة وإشعال الفتن داخل مصر وإثارة الشكوك فى الخارج على ثورة 30 يونيو، كلها دلائل على أن مصر فاض بها الكيل، لافتا إلى أنه إذا استمر السلوك التركى مصر يمكن أن تقوم بإغلاق السفارة وقطع العلاقات تمامًا مع تركيا، والذى يثنى مصر عن ذلك حاليا تجاور البلدين.
أما القيادى فى التيار الشعبى أمين إسكندر، فقال إن تخفيض العلاقات المصرية التركية خطوة جاءت متأخرة، بعد أن أعلنت تركيا عداءها لمصر، وتحالفها مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وتقديم المساعدات المادية لها، مضيفا أنه من الطبيعى قطع العلاقات نهائيًّا مع أى دولة لا تحترم رغبة الشعب، وتقف أمام مصالحة.
إسكندر أضاف أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين شبكة معقدة من العلاقات صعبة التأثر بهذا القرار، كما أن الطرفين سيسعيان إلى استمرار العلاقة لاستفادة كل طرف بشكل كبير، مشيرا إلى أن تخفيض العلاقات إلى مستوى القائم بالأعمال كاف فى الوقت الحالى، كما أنها رسالة واضحة المغزى، أنه إذا استمرت تركيا أكثر من ذلك سيتم إغلاق السفارة نهائيًّا، لافتا إلى أنه على مصر فى المرحلة المقبلة إصلاح أخطاء نظام مرسى، باستعادة العلاقات مع سوريا، لأنه لا يجب أن تقطع مصر علاقتها بخط دفاعها الأول.