أسقف المعصرة والتبين يزور جامعة حلوان لبحث سبل التعاون    الرئيس السيسي: حجم مساحة مشروع الدلتا الجديدة يوازي مساحة 3 محافظات كبيرة    محافظ قنا يتابع الموقف التنفيذي لمشروع ترفيق مدينة الأمل    السيسي عن طريق "وادي النطرون – العلمين" ضاحكا: "فاكرين عشان نروح الساحل"    تطوير مطارات وموانئ.. مشروعات عملاقة بمحافظة البحر الأحمر لجذب السياحة والاستثمارات (صور)    جمعية رجال الأعمال المصريين: ملف الطاقة يحتل الأولوية الأولى الملحة للاقتصاد    لدعم الطلاب المبتكرين.. نائب محافظ الجيزة تشارك بفعاليات هاكثون التكنولوجيا الأول بجامعة 6 أكتوبر    الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط طائرة مسيّرة عن بُعد في منطقة "زرعيت" تسللت من لبنان من دون وقوع إصابات    بريطانيا: حزب العمال المعارض يدعو الحكومة إلى وقف بيع الأسلحة لإسرائيل    السعودية: القضية الفلسطينية بند أساسي ومصيري في كل جهودنا الدبلوماسية    100 مليون يورو شرط رحيل أراوخو عن برشلونة    الداخلية تضبط 4 عصابات و144 سلاحا ناريا و218 كيلو مخدرات خلال يوم    حجز طالب متهم بدهس شخص أثناء عبوره الطريق في مصر الجديدة    ضبط 25 طن دقيق بحملات تموينية خلال 24 ساعة    مواعيد قطارات عيد الأضحى المبارك 2024    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإبداع النقدي لعام 2024 للبناني نديم جرجوره والبريطاني بيتر برادشو    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    ساوثجيت ينفي شائعات انتقاله لتدريب مانشستر يونايتد    البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    توقعات الأبراج، حظك الثلاثاء 14-5-2024، الميزان والعقرب والقوس    الأوبرا تحتفى ب«عمار الشريعي» على المسرح الكبير    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    تداول امتحانات الترم الثاني 2024 لصفوف النقل عبر تليجرام    محافظ الإسماعيلية يناقش عددًا من المشروعات المقترح تنفيذها خلال خطة 2025/2024    طلاب أولى ثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان التاريخ    تراجع مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات اليوم الاثنين 13 مايو 2024    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    نيمار يقلد رونالدو بعد تتويج الهلال    تغييرات في الحكومة الروسية وإقالة وزير الدفاع.. كيف يستعد بوتين لحرب طويلة الأمد؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون مع مقاطعة صينية لإقامة مشاريع زراعية    شيخ الأزهر يزور مسجد السيدة زينب بعد الانتهاء من عمليات التجديد    فيلم «السرب» يحتفظ بصدارة قائمة إيرادات السينما    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    الأرصاد الجوية : طقس حار على أغلب الأنحاء معتدل على السواحل الشمالية    الدفاع المدنى فى غزة: انتشلنا جثامين 10 شهداء من حى السلام شرق مدينة رفح    شقيقان يقتلان شابا فى مشاجرة بالسلام    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة محافظتي القاهرة والإسكندرية للعام المالي 2024/ 2025    أول تعليق من الأزهر على إعلان انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    مبابي يستفيد من هدية استثنائية في ليلة التتويج بالدوري الفرنسي    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    مدحت عبد الهادي يوجه رسالة لإدارة الزمالك قبل مباراة العودة في القاهرة    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم: طلاب المدارس الفنية محجوزين للعمل قبل التخرج    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    بعد الخطاب الناري.. اتحاد الكرة يكشف سبب أزمة الأهلي مع حسام حسن    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرانسوا باسيلى يكتب: الإخوان والخيانة العظمى
نشر في الدستور الأصلي يوم 23 - 11 - 2013

نزوع الجماعة إلى العنف فى أساس تصميمها.. فقد أسَّس حسن البنا «التنظيم السرى» لهذا الهدف لا غيره وإلا فما حاجة جماعة دينية إلى تنظيم سرى؟
بعض خيانات الإخوان يرقى إلى مستوى الخيانة العظمى لأنه يتعلق بالتخابر مع أجانب ضد صالح مصر.. ومنها ما يصل إلى أقصى مظاهر الخيانة إذ يتضمن التفريط فى الأرض
للإخوان، منذ ظهورهم عام 28 من القرن الماضى وحتى اليوم، خيانات كثيرة لمصر وثورتها وأمنها وسلامتها، ليس هدفى هو إعادة ذكرها هنا، فهى منشورة فى مقالات كثيرة ومواقع متعددة على النت، كما أن الأحدث من هذه الخيانات هى حاليا قضايا تنتظر المحاكمة، متهمة فيها قيادات أساسية فى الجماعة، منهم الرئيس المعزول والمرشد العام، ويرقى بعض هذه الخيانات إلى مستوى الخيانة العظمى، لأنها تتعلق بالتخابر مع أجهزة مخابرات أجنبية تعمل ضد صالح مصر، ومنها ما هو بالغ الخطورة ويصل إلى أقصى مظاهر الخيانة الوطنية، إذ يتضمن التفريط فى أرض مصر نفسها بشكل لم يقم به حتى الغزاة منذ أن قام الملك مينا بتوحيد مصر العليا والسفلى فى وطن واحد عام 2300 قبل الميلاد، ومنها خيانات لا تندرج تحت قانون العقوبات، لأنها خيانة خسة ونذالة عادة يعاقب عليها الضمير لو كان موجودا وليس القانون، مثل تخلى الإخوان عن زملاء الثورة وتركهم وحدهم فى ميدان التحرير ومحمد محمود والهرع إلى الحملات الانتخابية، لحصد الكراسى فى مجلس الشعب، مما دفع بالثوار إلى رفع لافتة بعرض شارع محمد محمود فى ذكراه الأولى قالت لأول مرة فى الشارع المصرى «ممنوع دخول الإخوان»، وكانت هذه بشارة سرعان ما تحققت بعد ذلك بأن شباب مصر الواعى قد اكتشف خيانة الإخوان مبكرا، قبل أن يكتشفها بقية الشعب المصرى بعد تجربة مريرة.
ولكن كل هذه الخيانات، الكبيرة منها والصغيرة، بما فيها عدد من اتهامات بالخيانة العظمى، لم تكن هى السبب الرئيسى فى ثورة الشعب المصرى العظيمة على حكم الإخوان فى 30 يونيو، إذ إن هذه الثورة الشعبية لم تكن رفضا للخيانة العظمى للإخوان، ولكن للخيانة العظمى من قبلهم، وهى التى سأوضحها هنا، ولكن لكى يمكننا الوصول إلى هذه الخيانة العظمى لا بد من إدراك ثلاث خواص أو سمات أساسية فى طبيعة وفكر الإخوان والتى أوصلتهم إلى خيانتهم العظمى، هذه السمات الثلاث هى أن الإخوان جماعة بدائية، وعنصرية، وإرهابية، وأدلل بتركيز على هذه السمات الثلاث الضرورية لفهم لماذا يفكر وتتصرف الجماعة بالشكل الحالى، وكيف أدى هذا إلى خيانتهم العظمى التى طردهم ولفظهم الشعب المصرى بسببها.

الجماعة البدائية
تتسم الجماعة بصفة البدائية فكرا وسلوكا، وهى البدائية التى شاهدها جميع المصريين متجلية بوضوح على شاشات التليفزيون فى فكر وكلام وسلوكيات القيادات الإخوانية، قبل وبعد دخولهم مجلس الشعب، وخلال حكم الرئيس الإخوانى المخلوع، أى على مدى عامين ونصف العام بعد ثورة 25 يناير إلى ثورة 30 يونيو، نرى جذور البدائية فى فكر مؤسس الجماعة حسن البنا، فلن تجد فى التصوُّر الذى طرحه مؤسس الجماعة لجماعته فى 1928 سوى رؤية بدائية المستوى سطحية الفكر لجماعة تتوشح بالدين هى أقرب إلى ما يتصوره شابّ مراهق لأحلامه ودوره فى الحياة، فقد كتب حسن البنا بأسلوب طالب ثانوى يقول أن الجماعة: «هى دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية»، الجماعة إذن فى هذا التصور هى كل شىء، وهذه الشمولية غير الواقعية هى من طبيعة الفكر الشبابى المراهق غير الناضج، فالنضج يؤدِّى بصاحبه إلى إدراك ضرورة التخصص فى حياة أصبحت مركبة متشعبة، وسنجد نفس المراهقة الفكرية فى الهدف المعلن للجماعة، فتقول الجماعة إنها «تسعى فى سبيل الإصلاح الذى تنشده إلى تكوين الفرد المسلم، فالأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم، فالحكومة الإسلامية، فالدولة الإسلامية، فأستاذية العالم»، وهذا التعبير «أستاذية العالم» لا يصدر إلا عن شاب فى طور المراهقة الفكرية، ينظر إلى العالم والحياة نظرة مشوشة غير متصلة بالواقع، ولكنها تخلب ألباب الشباب بما فيها من شمولية الحلم واندفاع المراهقة، دون وجود أبسط الإمكانات والقدرات اللازمة لتحقيق ولو جزء صغير من هذا الحلم.

ستتجلى هذه البدائية الفكرية بعد ذلك بشكل فعلى فى السلوك الفج الذى رأيناه من قيادات الجماعة بعد دخولها مجلس الشعب المصرى واندفاعها فى تأسيسية الدستور كأنها تملك الكفاءات الدستورية لذلك فى غير أساس من الواقع، ثم رأيناها فى الأداء السياسى البدائى للرئيس الإخوانى ومن خلفه مكتب الإرشاد بكامله.

ولكن هذه البدائية بمعنى السذاجة والسطحية والصبيانية ليست هى الأكثر خطرا فى فكر الجماعة، إذ إن الأخطر هى البدائية بمعنى الهمجية الحياتية أو حالة ما قبل المدنية والحضارة، أو «الجاهلية» بالتعبير الدينى الذى يستخدمه الإخوان، لأنك ستجد فى فكر الإخوان ردة إلى جاهلية ما قبل الإسلام فى الكثير من مواقفهم وأدبياتهم، فالمرأة فى نظر الإخوان هى المرأة فى الجاهلية وليس فى الإسلام الذى كان ثورة على مفاهيم وأد المرأة وقام بتحريم ذلك، ولكن الإخوان لم يتفهموا القصد الأشمل من هذا وتعلقوا بتفاسير حرفية لكى يحرموا المرأة من مساواتها فى الحقوق، وجدناهم فى لجنة دستورهم يشرعون بما يمكنهم من تزويج البنات فى سن العاشرة، وقال قادتهم هذا علنا فى التليفزيون، كما أن موقف الإخوان من الآخر المختلف دينيا عنهم هو موقف الجاهلية وليس الإسلام، فأفكارهم وسلوكياتهم لا تؤمن ب«لكم دينكم ولى دين»، ولا تؤمن ب«من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، بدائية الفكر الإخوانى إذن هى بدائية الجاهلية، فبدلا من أن يبنى حسن البنا على ما حققه الشيخ محمد عبده نجده يرجع إلى ما قبل عبده والطهطاوى، وكأن ما حققاه من تقدم فى تطوير الفهم الدينى لمواكبة العصر لم يقع.

الجماعة العنصرية
السمة الثانية التى تسم الجماعة هى سمة العنصرية، فالجماعة تجسد الفكر العنصرى بامتياز، فمنذ نشأتها تضع نفسها فى مكانة أعلى من بقية المسلمين أولا، ثم من بقية المصريين بالتبعية، ثم من بقية البشر الذين رأت أن من رسالتها هى أن تكون «أستاذة» لهم تعلمهم ما لا يعلمون، ويصف بعضهم هذه العنصرية بالاستعلاء الدينى أو الاستعلاء الإيمانى، هذا الاستعلاء واضح منذ تأسيس الجماعة، فقد نشأت فى مجتمع مسلم لا تراه مسلما حقا، وترى من واجبها أسلمته، إلى أن سمعنا أحد دعاتهم يقول إن الإسلام قد دخل مصر مع وصول مرسى إلى الحكم، العنصرية تعنى وضع الذات أو الجماعة فى مكانة أعلى من الآخرين والتعصب لهذه المكانة ومعاملة الآخرين على أساس دونيتهم وعدم استحقاقهم، ولذلك كان من الطبيعى لجماعة عنصرية أن تقول إنه ليس من حق القبطى، وهو المواطن المصرى منذ عهد الفراعنة، أن يحكم بلده مصر، فهى لا ترى القبطى مساويا للمسلم، رغم أن الإسلام يقول «لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى»، فالجماعة العنصرية تنتقى من الدين الذى تدعى الدعوة إليه ما يحقق أهدافها العنصرية فقط.

أدت أفكار الجماعة العنصرية إلى تكفير كل من هم ليسوا منها، وجاء القول بجاهلية المجتمع كله من أحد أهم منظريهم، وهو سيد قطب، الذى قاده البحث عن أسباب حب وتأييد المصريين للقائد جمال عبد الناصر الذى سجن قادتهم بعد محاولة اغتياله إلى استنتاج شديد الخطل والعنصرية يقول فيه إن مثل هذا المجتمع لا بد أن يكون فى حالة الجاهلية الأولى ولا يمكن أن يكون مجتمعا مسلما صحيح الإسلام، وهى الفكرة التى أدت إلى تفريخ جماعات مثل التكفير والهجرة التى أخذت فكر قطب وحولته إلى رسالة وسلوكيات تقوم بتكفير المجتمع ومحاربته بكل أسلوب، مما أدى إلى تبرير وممارسة العنف والإرهاب ضد المجتمع بأسره.

الجماعة الإرهابية
يؤدى اجتماع البدائية مع العنصرية فى أى جماعة إلى نزوعها إلى العنف، فهو المآل المنطقى والطبيعى لمن كان همجى الفكر، أى بدائيا، وعنصرى التوجه أى كارها للغير مستعليا عليه، فنجد أن العنف هو المسلك الطبيعى لهذه الجماعات، وجماعة الكوكلوكس كلان العنصرية الأمريكية هى مثال مشابه لجماعة الإخوان، خصوصا أن الاثنتين تتوشحان بأردية ورايات دينية لتأجيج شهوتهما البدائية العنصرية، لذلك نجد العنف والإرهاب هو تاريخ الإخوان، كما أنه أيضا حاضرهم، الذى كشف عن نفسه بعد سقوط مرسى فى التحريض الصريح على العنف من قبل قيادات إخوانية، كما تجلى فى ممارسة الإخوان وأصحابهم فى تيار الإسلام السياسى كله للعنف، ضربا وقتلا وسحلا للأبرياء فى الأيام التالية لإسقاط مرسى فى ميادين وشوارع القاهرة وإلى اليوم، كما نجده فى حركة حماس الإخوانية التى لجأت إلى الإرهاب ضد حليفتها منظمة فتح، ولم تقم بانتخابات منذ وصولها إلى السلطة، وبهذا يثبت الإخوان أن العنف هو مكون أصيل من مكونات جيناتهم الفكرية والنفسية وسلوكياتهم الفعلية.

وكان نزوع الجماعة للعنف فى أساس تصميمها، فقد أسس حسن البنا «التنظيم السرى» لهذا الهدف لا غيره، وإلا فما حاجة جماعة دينية إلى تنظيم سرى؟ وقامت الجماعة بعدد من الاغتيالات المعروفة، بالإضافة إلى محاولات فاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر، كما قامت الجماعات المنبثقة عن الإخوان باغتيالات عدة وأعمال قتل وإحراق للسياسيين ورجال الدولة والدين والشرطة والأقباط، وصولا إلى القيام بحرق وتدمير أكثر من سبعين كنيسة فى أنحاء مصر خلال يومين بعد عزل الرئيس الإخوانى، وهو عمل منظم لا تقوم به سوى جماعة سرية إرهابية لا توجد فى مصر مثلها سواهم، ولا بد أن نستنتج من هذا أن الجماعة منذ تأسيسها هى تنظيم إرهابى فى جوهره، يرى أن الإرهاب والعنف أسلوبا مبررا لتحقيق الأهداف الكبرى للجماعة، وهى السيطرة على العالم كله وليس مصر فقط.

الخيانة العظمى
كان لا بد لجماعة لها هذه السمات البدائية العنصرية الإرهابية فى جيناتها وطبيعتها أن يصل بها الأمر إلى ارتكاب ليس فقط عدد من الخيانات العظمى ضد الوطن، ولكن فوق هذا كله كانت حتمية ارتكابهم للخيانة العظمى ضد مصر والمصريين، هذه الخيانة العظمى لا تتصل بمساحة من أرض الوطن ولا بمؤامرة سياسية ولا بعمالة لقوى أجنبية، فهذه كلها على خطورتها لها آليات لمجابهتها وحماية الوطن منها سواء عاجلا أم آجلا، ولكن الخيانة العظمى هى خيانة الإخوان لهوية مصر نفسها كمصر، وخيانتهم لطبيعة مصر وشخصية مصر، أى خيانتهم لما يجعل من مصر هى مصر، ذلك البلد الفريد بتاريخه الشاهق ومكانته المميزة وعطائه الباذخ لمن حوله وللبشرية جمعاء، بسبب بدائية الإخوان لم يفهموا ولا قدروا معنى مصر وقيمة هويتها وطبيعتها الخاصة، فحاولوا بفجاجة وفظاظة تغيير ملامح ومكونات الجينات المصرية ذاتها، وليس مجرد حكم مصر وإدارة الدولة، وهو أساس انتخاب المصريين لهم، لقد تصور الإخوان خطأ أن انتخاب الناس لرئيس منهم يعنى اعتراف المصريين بأن الإخوان هم الصورة الأوحد الصحيحة للمسلمين وأن أسلوب حياتهم المتزمت الضحل إنسانيا وحياتيا هو ما يريدونه لأنفسهم، وتوهموا أن المصريين يمنحونهم بهذا الانتخاب تفويضا بأخونتهم وأخونة مصر بكاملها، بينما لم يقصد المصريون بالطبع سوى أن يقوم الإخوان بإدارة الدولة بأمانة ظنوا أنها فى طبيعة الإخوان باعتبارهم «بتوع ربنا»،

وكمثال رأينا محافظ كفر الشيخ الإخوانى سعد الحسينى ما إن عُيِّن محافظا حتى خلع البدلة وارتدى جلبابا ونزل إلى شوارع المحافظة للقيام بدور واعظ دينى، ويصرح بأن من مهام منصبه تقويم الناس وتعريفهم بأخلاق دينهم، مما دفع بالإعلامى محمود سعد إلى مهاجمته قائلا له ما معناه أن كلنا مسلمون ولم نكن ننتظرك لتعلمنا ديننا، فأنت محافظ ولست داعية، وشغلتك توفير الأمن والغذاء والنظافة وليس الإرشاد الدينى، وحاليا ينتظر المحافظ السابق محاكمته، وهو مجرد مثال لمدى الفجوة بين ما كان ينتظره المواطنون من الإخوان وبين ما توهموا هم أنه دورهم. كانت محاولات الإخوان تغيير طبيعة المصريين المعتدلة الجميلة المحبة للمرح والفكاهة والفنون والإبداع والسينما والمسرح والغناء والرقص والثقافة والترفيه، المقبلة على الحياة فى وسطية خلاقة، المعتزة بتاريخها الحضارى بآثاره وتراثه البهى، والمتقبلة للغير، المحتضنة لمختلف العقائد والمذاهب والديانات، كانت هذه المحاولات الفظة مستمرة ودؤوبة طوال فترة وجودهم على رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية، فراحوا بفجاجة وبذاءة وبلطجة يهاجمون ويعادون ويعتدون على مؤسسات ورموز التعليم والإعلام والفنون والثقافة، حتى قام المثقفون فى النهاية باعتصامهم الشهير فى وزارة الثقافة مانعين الوزير الإخوانى غير المؤهل الذى فرضه مكتب الإرشاد من ممارسة عمله على رأس وزارة اعتبرت رموز مصر الوطنية أنها الحصن الباقى أمام محاولة الإخوان طمس الوجه الحضارى لمصر ونزع رقائقها الثقافية وفرض الفكر الإخوانى البدائى العنصرى البائس عليها كبديل لها، وكان هذا الوزير قد صرح برغبته فى إيقاف الباليه وتغيير طبيعة الأوبرا فى مصر، مع أفكار أخرى بالغة الجهل والرجعية.

وبالإضافة إلى معاداة الثقافة والفنون، قام الإخوان بمعاداة كل قوى مصر الناعمة الأخرى، من الإعلام إلى القضاء، كما كانت الرعونة التى تعاملوا بها مع قضية الإرهاب فى سيناء، وتعاطفهم مع الإرهابيين فى الداخل والخارج، أمرا ضد طبيعة مصر التى تنفر من همجية العنف والإرهاب، وكذلك راحوا يعادون أقباط مصر وهم شركاء أساسيون فى وطنهم، وكانت تصريحات الإخوان ضد الأقباط تتضمن التحريض عليهم، مما دفع بالأقباط إلى الانضمام إلى بقية أطياف المصريين الذين أصبح لديهم تخوف شديد من الإخوان وما يدبرونه من تشويه لطبيعة المجتمع المصرى والهوية المصرية العريقة ذات السبعة آلاف عام من الحضارة من قبل جماعة بدائية عمرها ثمانين عاما.

أثبت الإخوان فى عامين ونصف العام أنهم يمثلون كل ما هو مضاد ومناف لطبيعة المصريين، وأثبتوا جهلهم بمصر وقدرها وقدراتها، إذ حاولوا تغيير ميراث حضارى وثقافى وإنسانى ضارب فى العمق لصالح فكر بدائى عنصرى فاشل حتى فى إصلاح وإنجاح أصحابه أنفسهم، ورأى المصريون فى الإخوان خطرا هائلا يهدد أسلوب حياتهم وأساس طبيعتهم، واعتبروا محاولة التغيير الإجبارى البائس هذه هى الخيانة العظمى من الإخوان لمصر التى ائتمنهم عليها المصريون فهبوا فى ثورة تاريخية كبرى وأطاحوا بهم بمساعدة جيشهم الوطنى الشريف، فكانت هى نهاية الخيانة العظمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.