الفريق أسامة عسكر يلتقى قائد قوات الدفاع المالاوية    بالشيكولاتة.. رئيس جامعة الأزهر يحفز العاملين بعد عودتهم من إجازة العيد.. صور    تعرف على تشكيل صندوق رعاية المسنين بعد قرار الرئيس    جدول امتحانات الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني بالفيوم    الوطنية للصحافة: الأحد القادم صرف مكافأة نهاية الخدمة لمعاش مارس 2024    أسعار الحديد في السوق المصري اليوم االثلاثاء 16 أبريل 2024    التخطيط: توجية استثمارات بقيمة 4,4 مليار جنيه لقطاع الإسكان بالقليوبية    تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي    إسرائيل تصعد سياسة الاغتيالات.. تصفية ممنهجة لقيادات "حماس" و"حزب الله    الطوارئ الروسية: غرق 5500 منزل في مدينة أورينبورج شرق موسكو    تشكيل قمة بوروسيا دورتموند ضد أتلتيكو مدريد فى دورى أبطال أوروبا    ممثلو بريطانيا وأمريكا وروسيا لدى الأمم المتحدة يدعون إلى استكمال العملية السياسية لتحسين الوضع في ليبيا    الموافقة على حضور 30 ألف مشجع لمباراة الزمالك ودريمز بالكونفدرالية    فوز العهد اللبناني على النهضة العماني بذهاب نهائي كأس الاتحاد الآسيوي    نوران جوهر تحصد لقب بطولة بلاك بول الدولية للإسكواش    إسلام أسامة يحصد فضية بطولة العالم للسلاح للشباب والناشئين فى السعودية    6 ملايين جنيه لأعمال إنشائية بمراكز شباب القليوبية    فانتازي يلا كورة.. دفاع إيفرتون يتسلح بجوديسون بارك في الجولة المزدوجة    أمطار شديدة الغزارة تضرب الإمارات وسلطنة عمان (فيديو)    إزالة مخالفات بناء وتعديات على الأراضي الزراعية بالإسكندرية    إصابة فني تكييف إثر سقوطه من علو بالعجوزة    ضبط 7300 عبوة ألعاب نارية في الفيوم    حقيقة مشاركة عادل إمام في عزاء شيرين سيف النصر    أحمد حسام ميدو يكشف عن أكثر شخصية جاذبة للستات    أفلام كان وإدفا في الإسكندرية للفيلم القصير.. القائمة الكاملة لمسابقات الدورة العاشرة    باستطلاع إعلام القاهرة.. مسلسل الحشاشين يحصد أصوات الجماهير كأفضل ممثل ومؤلف ومخرج    برلماني عن المثلية في المدارس الألمانية: "بعت للوزارة ومردتش عليا" (فيديو)    خالد الجندي: نشكر «المتحدة» على برامجها ونقل الفعاليات الدينية في رمضان    برلماني: خروج قنا من التأمين الصحي الشامل لصالح المنيا تمييز غير مقبول دستوريًا    لا تشتريها.. تحذير حكومي رسمي من هذه الأدوية على الإنترنت    مفيد لمرضى القلب والضغط.. ماذا تعرف عن نظام داش الغذائي؟    أوبل تستبدل كروس لاند بفرونتيرا الجديدة    الخميس.. "بأم عيني 1948" عرض فلسطيني في ضيافة الهناجر    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    رابط تحميل نماذج البوكليت لطلاب الثانوية الأزهرية 2024    عاجل- عاصفة رملية وترابية تضرب القاهرة وبعض المحافظات خلال ساعات    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    وزير الخارجية ونظيره الصيني يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    صداع «كولر» قبل مواجهة «وحوش» مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    بعد التحذير الرسمي من المضادات الحيوية.. ما مخاطر «الجائحة الصامتة»؟    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة: حان الوقت لإنهاء الصراع في السودان    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تنِّظم الدول الديمقراطية حق التظاهر
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 10 - 2013

معايير دولية تؤسس عليها النظم الديمقراطية قوانين تنظيم التظاهر والتجمع السلمى
التعريف اللغوى لكلمة «الحق» و«التجمع» و«السلمى»


التجمع السلمى هو الوجود المؤقت لعدد من الأفراد فى مكان عام ليس مبنى أو هيكلا لغرض تعبيرى مشترك، ولا ينبغى أن يفسر هذا التعريف، بحيث يستبعد أن تكون حماية الدولة لهذا الحق تمتد إلى أنواع أخرى من التجمع السلمى، مثل التجمعات التى تجرى فى مبانٍ عامة أو خاصة.


ووفقًا للتعريف، فإن التجمع هو وجود فردين على الأقل، حيث يمارس الأفراد المتجمعون حقهم فى التعبير عن آرائهم، أو إعلان مطالبهم، حيث يمثل وجودهم الجسدى وسيلة للتعبير عن آرائهم، وهناك أنشطة مكفولة بهذا الحق السلمى، غير الأنشطة السياسية المعروفة للجميع مثل الاجتماعات، والتظاهرات، والاعتصامات، فهناك أيضا الاحتفالات، والجنازات، والسباقات، والقوافل وغير ذلك من تجمعات مشروعة تصنف وفقًا لهذا الحق الذى يعد جزءًا أصيلًا من الحريات الأساسية للمواطنين، الذى يجب أن يتمتع به هؤلاء، ويقومون به بشكل طوعى وتطوعى كامل دون تدخل يحول دون التمتع به أو استخدامه أو ممارسته، أو الرسالة المراد إيصالها.


ويخدم الحق فى التجمع السلمى أهدافًا عدة، مثل الحق فى التعبير عن وجهة النظر، أو الرأى كما قلنا أو الدفاع عن مصالح مشتركة، فهو شكل رمزى وآلية فعالة، تتكامل مع حقوق وحريات أخرى، مثل الحق فى التنظيم، والحق فى التعبير، والحق فى المعتقد، والحق فى سلامة أراضى الدولة وإقليمها، وحرية الضمير وحرية الاعتقاد الدينى، فحرية التجمع من الحريات الأساسية للفرد التى تحقق لكل فرد التنمية والكرامة وتحقق كل رفاهية المجتمع. ولا يقتصر الأمر هنا على ما يحققه هذا الحق للفرد فحسب، فمن المسلم به أيضا أن وجود هذا الحق وممارسته وكفالته أساس من أسس الديمقراطية الفاعلة. فتسهيل المشاركة فى التجمعات السلمية، إضافة إلى إجراء انتخابات تتماشى مع المعايير الدولية، يساعد على ضمان حصول جميع الناس فى المجتمع على فرصة تعبير عن الآراء التى يحملونها كقواسم مشتركة مع الآخرين، فحرية التجمع السلمى تمثل شكلًا من أشكال الديمقراطية المباشرة.


ويسهل هذا الحق الذى يصنفه الكثيرون على أنه مظهر من مظاهر الديمقراطية المباشرة الحوار داخل المجتمع، وكذلك بين المجتمع المدنى والقيادات السياسية، والحكومة. مع الجمعيات، وحسب تغطية وسائل الإعلام فهو يوفر لأصحابه التواصل مع العالم بأسره، ففى البلدان التى تقيد وسائل الإعلام، وتحدد خطوطًا حمراء، تأتى حرية التجمع كأمر حيوى بالنسبة لأولئك الذين يرغبون فى لفت الانتباه إلى قضاياهم، ويسعون إلى تغيير وإصلاح ديمقراطى حقيقى، وفى ثورات الربيع العربى، التى قامت بالأساس على انتزاع وفرض هذا الحق على الحكومات من أجل إنشاء بلدان ديمقراطية، خير عبرة، لكثير من الأنظمة، التى صارت ملزمة ومجبرة أن تعى أن تحقيق الديمقراطية وما يرتبط بها من حقوق هو أمر ليس اختياريًّا، ولذلك ينبغى أن تعترف الدول والأنظمة بالفوائد العميقة وطويلة الأجل من الحريات السياسية التى من بينها حرية التجمع مثلًا، فحماية حرية التجمع واستيعاب مطالب التجمعات السياسية منها هو أمر أقل كلفة بكثير من التكاليف المترتبة على انفجارات شعبية، أو اغتيالات أو حالات فوضى أو غير ذلك من احتمالات قد تنتج عن كبت هذا الحق ومنعه، الذى يعد كما قلنا أساسًا للديمقراطية مساويًا لقيام الدول بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.


وعلى الرغم من سعى عدد من الأنظمة بشكل دائم، وفى محاولة لتقييد هذا الحق الذى يوصف أنصاره دائمًا بعدم السلمية والخروج عن إطار القانون، فإنه ينبغى هنا أن نؤكد أن ارتباط أى تجمع بال«سلمية» يبقى التجمع المحمى والمصون وفقًا لهذا الحق، فالتجمع يعتبر سلميًّا طالما أن منظميه يحملون رسالة ونوايا سلمية، وهو ما يفترض إجراءات حماية، وكفالة للممارسة من قبل الدولة، طالما لم تتوافر أدلة دامغة وقاطعة من أن المشاركين فى فعالية ما أو احتجاج أو تجمع ما يدعون ويحرضون على استخدام العنف. وربما قد يمثل أى تجمع سلمى استعداء أطراف تعادى ما يطالب به من مطالب أو يطرحه من أفكار، أو أفراد يشعرون من انزعاج بسبب وجوده، وهنا ينبغى على الدولة طالما التزم هذا التجمع بكل وسائل السلمية فى التعبير، أن تقوم بتوفير الحماية لأفراده والمشاركين فيه حماية كاملة.


أما عن أصل وجود الحق فى المواثيق الدولية، فالمادة 20 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى بندها الأول تؤكد «لكل شخص الحق فى حرية الاشتراك فى الجمعيات والجماعات السلمية»، بينما تنص المادة 19 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على أنه «لكل شخص الحق فى حرية الرأى والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أى تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأى وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية»، وتؤكد فى نهاية الإعلان المادة رقم 30 من الإعلان «ليس فى هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أى حق فى القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه».


العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص المادة رقم (21) منه على «يكون الحق فى التجمع السلمى معترفًا به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التى تفرض طبقًا للقانون، وتشكل تدابير ضرورية فى مجتمع ديمقراطى، لصيانة الأمن القومى أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم».


وفى ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبى تنص الفقرة الأولى من المادة رقم (12) على أن «لكل إنسان الحق فى حرية التجمع السلمى، وحرية التنظيم بالاشتراك مع الآخرين»، أما الفقرة الثانية فتنص على أنه «لا يجوز وضع قيود على ممارسة هذه الحقوق غير تلك التى ينص عليها القانون، التى تكون ضرورية فى مجتمع ديمقراطى فى مصلحة الأمن القومى أو السلامة العامة، من أجل منع الفوضى أو الجريمة، لحماية الصحة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم».


وفى الميثاق العربى لحقوق الإنسان تنص الفقرة السادسة من المادة رقم (24) على أن «للمواطنين حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية...»، وفى الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان نصت المادة رقم (11) على أنه «يحق لكل إنسان أن يجتمع بحرية مع آخرين، ولا يحد ممارسة هذا الحق إلا شرط واحد، ألا وهو القيود الضرورية التى تحددها القوانين واللوائح، خصوصًا ما تعلق منها بمصلحة الأمن القومى وسلامة وصحة وأخلاق الآخرين أو حقوق الأشخاص وحرياتهم».


أما إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان فتنص المادة رقم (5) على «لغرض تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، يكون لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، على الصعيدين الوطنى والدولى، فى:


1- الالتقاء أو التجمع سلميًّا.
2- تشكيل منظمات أو جمعيات أو رابطات أو جماعات والانضمام إليها والاشتراك فيها.

مبادئ متعلقة بالحق فى التجمع السلمى وكيف تضعها قوانين التظاهر الديمقراطية فى الاعتبار:
1 سلمية التجمع جزء من الحق
لا يتم الحديث عن الحق فى التجمع فى أى ميثاق أو معاهدة أو وثيقة دولية إلا ويقترن بكلمة السلمية، التى تبقى التجمع محميًّا ومصونًا وفقًا لهذا الحق، وما نصت عليه وبشأنه المواثيق الدولية، فالتجمع يعتبر سلميًّا طالما أن منظميه يحملون رسالة ونوايا سلمية، وهو ما يفترض إجراءات حماية، وكفالة للممارسة من قبل الدولة، طالما لم تتوافر أدلة دامغة وقاطعة من أن المشاركين فى فعالية ما أو احتجاج أو تجمع ما يدعون ويحرضون على استخدام العنف. وربما قد يمثل أى تجمع سلمى استعداء أطراف تعادى ما يطالب به من مطالب أو يطرحه من أفكار، أو أفراد يشعرون من انزعاج بسبب وجوده، وهنا ينبغى على الدولة طالما التزم هذا التجمع بكل وسائل السلمية فى التعبير، أن تقوم بتوفير الحماية لأفراده والمشاركين فيه حماية كاملة.


وهنا ينبغى تأكيد أن القيود القانونية التى تفرضها الدولة على استخدام هذا الحق لصالح لصيانة الأمن القومى أو السلامة العامة مثلا أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم إنما هى قيود فقط تنظم الحق فى حالة المجتمعات الديمقراطية فقط، كما ذكر العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأوروبى للحريات والحقوق الأساسية. فالأنظمة غير الديمقراطية، أو التى تنتهك مبادئ حقوق الإنسان، لا يمكن ووفقًا لحق الشعوب فى تقرير مصيرها وتحقيق رفاهيتها وحياتها الكريمة أن تنصاع لقيود تنتقص من الحق فى التجمع تحت أى مبرر أو ذريعة، حيث يكون الجميع فى المربع «صفر»، فالدولة غير الديمقراطية تريد استخدام سلطاتها فى ظل قوانين معيبة لتقييد الحق فى التجمع تحت أى ذرائع تبدو منطقية، أما أصحاب الحق فهم لا يمكن بأى صورة من الصور أن يقبلوا هذا التقييد أو الخضوع له.



2 الدولة ملزمة بحماية التظاهرات السلمية
«الحفاظ على النظام العام، وتنظيم حركة المواصلات على الطرق، والصرف الصحى، والخدمة الطبية يستهدف ضمان إجراء أى فعالية عامة على أساس حر من قبل السلطات»، القانون الروسى بشأن المسيرات والاجتماعات، المظاهرات والمسيرات والاعتصام.


وفقًا للأعراف الدولية المتبعة والمترسخة فى القوانين المحلية لتنظيم التجمعات السلمية فى الدول الديمقراطية تلتزم الدولة بواجب حماية التظاهرات السلمية، ولا تتم تلك الحماية سوى تنفيذ للالتزامات فى التشريعات والقوانين المحلية لكل دولة، حيث تجبر هذه الالتزامات الدولة على حماية المشاركين فى التجمعات السلمية والتظاهرات والاعتصامات من أى شخص أو جماعة تعارض هذا التجمع وتحاول تفريقه أو منعه بأى شكل من الأشكال، كذلك فإن تكاليف توفير الأمن والحماية للمتظاهرين، إضافة إلى حل مشكلة المرور وإيجاد مسارات بديلة له يجب أن تتحمل الدولة أعباءه بالكامل، وتلتزم الدولة هنا بعدم فرض أى رسوم على المجتمعين (الذين لا يمثلون أهدافًا تجارية) لتوفير الدخل للجهاز الأمنى للقيام بهذه المهام، فطالما أن التجمع ليس له أهداف ربحية أو تجارية بمعنى أدق، لا يحق للدولة فرض أى رسوم على سبيل التأمين مثلًا.


الأمر لا يقتصر على هذا، بل يمتد إلى أن مسؤولية التنظيف حتى بعد انتهاء الحدث تقع على مسؤولية السلطات المحلية والبلدية. وتزداد أهمية ودور الدولة فى حماية التجمعات السلمية، خصوصًا فى حماية تلك التجمعات التى لا يحظى ما ترفعه من شعارات أو مطالب أو أفكار بخصومة شعبية، حيث يظل الباب مفتوحًا لأعمال معارضة عنيفة لتلك التظاهرات من قبل المعترضين، وبناءً على هذا فلا ينبغى أن يمثل وقوع اضطرابات محتملة ضد المتظاهرين ذريعة للدولة لفرض قيود على التجمع السلمى.


ومن ناحية أخرى، فإن واجب الدولة ودورها فى حماية التجمع السلمى والتظاهرات والاعتصامات لا يجب أن يقتصر على تظاهرات معينة، بل يمتد إلى التظاهرات المعارضة لتظاهرات قائمة بالفعل، وربما تحدث التظاهرات والتظاهرات المعارضة فى نفس الوقت، وفى جميع الأحوال تلتزم الدولة بتوفير الحماية والموارد اللازمة لتسهيل التظاهرات وما يتصل بها من فعاليات تقام بشكل علنى.
وهنا تبرز نقطة أساسية أخرى متعلقة بواجب الدولة وحمايتها للتظاهرات، وهى أن المسؤولين عن إنفاذ القانون أو رجال الشرطة تحديدًا الذين يجب أن تتوافر لديهم ثقافة ووعى بروح القانون وحقوق الإنسان، وهذا مسؤولية أساسية للدولة، فمهمة هؤلاء لا تقتصر كما أشرنا فى السابق على ممارسة التقنيات والسبل التى تحول دون وقوع ضرر أو خطر ضد أى طرف بعينه، لكن أيضا بالقيام بالدور الذين يستطيعون القيام به لتيسير وجود تلك التجمعات السلمية.

3 القانونية
تدلل ممارسات الدول الديمقراطية، على أن الضمانات الدستورية المتعلقة بحرية التجمع تدعمها قوانين تنظم الحق فى التجمع لضمان السلامة العامة. وغالبًا ما تستهدف تلك التشريعات إحداث توازن بين مصالح السلامة العامة المشروعة


وإن كانت الأحكام الدستورية التى تضمن هذا الحق هى قائمة فى دساتير النظم الديمقراطية بالفعل، إلا أن عمومية هذه الأحكام تظل فى حاجة التى تشريعات أكثر دقة وتحديدا وعدم التقييد غير المبرر لهذا الحق، فالقيود التى تفرض لتنظيم هذا الحق يجب أن تحظى بسند قانونى، والقانون نفسه يجب أن يكون دقيقًا وواضحًا، حتى يكون الأمر واضحًا بالنسبة لكل الأطراف، ويتمكن الجميع بلا أى تأويلات مناورة من معرفة أى سلوكيات تعتبر خرقًا للقانون، وما العواقب المترتبة عليها. وهو الأمر بالتالى الذى يحتاج إلى وضع تعريفات ومصطلحات واضحة فى القانون الوطنى، لتوفير فهم لجميع الأطراف المعنية (منظمو الفعاليات، جهاز الشرطة، المتضررون من استخدام الحق)، مع ضرورة أيضا أن تكون تلك التعريفات ليست معقدة أو مطاطة أو واسعة، أو تشكل ازدواجية مع أحكام تشريعية أخرى تمس هذا الحق، وكل هذا بالطبع من أجل غلق أى باب أو منفذ محتمل أمام سوء الاستخدام للقانون بشكل متعمد، أو إيجاد تطبيقات وتفسيرات وممارسات تعسفية ضد هذا الحق، خصوصًا فى الدول التى تخطو خطواتها الأولى نحو الديمقراطية.

4 نسبية التدخل وفقًا للقانون
ذكرنا فى السابق أهمية الحق فى التجمع السلمى، خصوصًا فى ما يتعلق بالتظاهرات والاعتصامات التى تعد ممارسة رئيسة فى الدول الديمقراطية، ووسيلة من وسائل الديمقراطية المباشرة، التى تعنى بكرامة الفرد ومصلحة المجتمع، كذلك فقد أشرنا إلى أن القوانين التى تنظم الحق تعنى بإحداث توازن بين مصالح السلامة العامة المشروعة فى مواجهة حقوق الأفراد فى التجمع السلمى، وهو ما يمكن معه بلورة ما يجب أن يكون عليه هدف المشرع عند محاولته لصياغة تشريع لتنظيم استخدام الحق. وبالتالى فإن أى قيود تفرض على الحق فى التجمع السلمى يجب أن تشمل مجالًا واسعًا من التدخلات المناسبة، على أن تكون الوسائل الأقل من أجل بلوغ هدف التشريع الذى أشرنا إليه.


فالسلطة يجب أن تدرك أن فرض قيود هو أمر يتجاوز سهولة الاختيار ما بين التدخل والمنع، كذلك فإن كل قيد يجب أن يكون فى مقابل هدف معين، فمبدأ النسبية هنا يفرض على السلطات أن لا تفرض قيودًا بشكل روتينى تسبب تدخلًا جذريًّا فى شكل الفعالية السياسية، مثل أن تجبر السلطات مسيرة ما على أن تكون خارج المدينة!


وبالتالى فإن أى قيود قانونية تفرض يجب أن تضع فى الاعتبار عددًا من العوامل والأسئلة مثل طبيعة الحق، وأهمية والغرض من هذا التقييد، وطبيعة ومدى التقييد، والعلاقة بين الحد منه، والغرض منه، وما إذا كانت هناك أى وسيلة أقل تقييدًا لتحقيق الغرض؟ فالأمر أعقد بكثير من اختزاله فى كلمة التقييد بمعناها الحرفى.


وهنا ينبغى تأكيد أن مبدأ النسبية هنا هو وسيلة لإجراء توازن، ليس مقصودًا به توازن ما بين مباشرة الحق وسبب التدخل، بل هو توازن وحساب بدقة لطبيعة ومدى التدخل فى مقابل أسباب وأهداف التدخل، أى بمعنى أدق نسبية التدخل هو مبدأ يقتضى أن يكون هناك تقييم كامل وشامل للظروف كافة، وفى هذا الصدد ترى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن أى أسباب تسوقها السلطات الوطنية لدعم أى مطالبة من التدخل النسبى يجب أن تكون «ذات الصلة وكافية»، ومرتكزة بالأساس على «تقييم مقبول لحقائق ذات علاقة» ف«مجرد الشبهة أو الافتراضات هى لا تكفى»



5 الإدارة الرشيدة والشفافية فى اتخاذ القرارات وسهولة الوصول إلى القضاء
الإدارة الرشيدة فى التعامل مع القانون المعنى بتنظيم هذا الحق تفرض أن يعلم الجميع من هو الشخص المسؤول عن اتخاذ وإصدار القرارات وفقًا لتطبيق القانون حول التجمع السلمى، ويجب أن يكون ذلك واضحًا أيضًا ومنصوصًا عليه بوضوح فى القانون، وذلك من أجل تحديد من هذا الذى يتحمل مخاطر اتخاذ القرارات الجدلية التى تصنع الاتزان السابق الذى تحدثنا عنه، خصوصًا أن اتخاذ قرارات تحت ضغط شعبى مكثف قد تدفع المسؤول إلى اتخاذ قرارات مخالفة لقيم ومبادئ حقوق الإنسان، وهنا تحديدا يجب أن يكون واضحًا من يجب أن تتم مساءلته ومحاسبته.
لذلك فإنه فى بعض الولايات القضائية وسعيًّا من أجل أن تكون الإدارة أكثر رشدًا، فإنه قد يكون من المناسب أن يتم أخذ القرارات من خلال أشخاص مختلفين معلنين ومعلومين معنيين بتنفيذ وتطبيق القانون، وهذا أفصل فى السلطات يمكن هؤلاء المعنيين باتخاذ القرارات وتطبيق القانون تحت ضغط أقل، بل وربما تغيير القرارات غير المناسبة أو الصحيحة. كذلك فإنه فى بعض الولايات القضائية التى تحظى بتعدد مذهبى وعرقى وإثنى قد يكون من المفيد أن السلطة التنظيمية والمسؤولة عن تنفيذ القانون، ذات قاعدة تمثيلية عريضة من مختلف تلك الخلفيات.


ينبغى للسلطة التنظيمية التأكد من أن الجمهور لديه حق وإمكانية الوصول الكافى إلى معلومات موثوق بها تتعلق بالتجمعات العامة، وهو أمر قائم بالفعل فى عديد من البلدان التى لديها بالفعل تشريعات تتعلق على وجه التحديد للوصول إلى المعلومات، وتكشف لها تفاصيل وأسس صنع القرار، وهذه القوانين يجب أن تكون قابلة للتطبيق على الحق فى التنظيم والتجمع.


وفى إطار الإدارة الرشيدة، فإن الشفافية الإجرائية تقتضى أن تقييد التجمع السلمى لا يجب أن يتم على أساس إخطار متخيلة، أو إخطار حقيقية يمكن إيقافها قبل تنفيذ الفعالية، وهو ما يقودنا إلى حق آخر متعلق بالمواطن فى الدول الأوروبية، الذى يؤكد أحقية كل فرد فى أن تدار أموره بطريقة رشيدة.
ميثاق الحقوق الأساسية، للاتحاد الأوروبى، المادة 41
يكون لكل شخص الحق فى أن تعالج شؤونه بنزاهة، وعلى نحو ملائم، وفى خلال وقت معقول من قبل مؤسسات وهيئات الاتحاد. ويشمل هذا الحق:
حق كل شخص فى الاستماع إليه قبل اتخاذ أى إجراء غير ملائم قد يؤثر عليه.
حق كل شخص فى الحصول على المستندات الخاصة به، مع احترام المصالح المشروعة للسرية المهنية والتجارية.
التزام الإدارة بإبداء أسباب قراراتها.
يكون لكل شخص الحق فى أن يعوضه المجتمع عن أى ضرر تسببه مؤسساته أو موظفيها عند أداء واجباتهم وفقًا للمبادئ العامة المشتركة بين قوانين الدول الأعضاء.
يجوز لأى شخص أن يكتب لمؤسسات الاتحاد بإحدى لغات المعاهدات، ويجب أن يتلقى ردًا بنفس اللغة.


6 عدم التمييز
الحق فى التجمع السلمى، هو حق يجب أن يتمتع به الجميع على قدم المساواة، فعدم التمييز فى تطبيق حقوق الإنسان، هو أمر يقع فى قلب تفسيرات المعايير الدولية لحقوق الإنسان.


المادة 26 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية «الناس جميعًا سواء أمام القانون، ويتمتعون دون أى تمييز بحق متساوٍ فى التمتع بحمايته. وفى هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أى تمييز، وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأى سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى سياسيًّا أو غير سياسى، أو الأصل القومى أو الاجتماعى، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب».

المادة 3 من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية ودينية ولغوية تنص على «الأشخاص المنتمون إلى أقليات قومية أو إثنية أو دينية أو لغوية يمارسون بصفة فردية، كذلك بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين فى جماعتهم، دون أى تمييز».

المادة 15 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن رفع كل أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) تنص على «تتخذ الدول الأطراف فى جميع الميادين، لا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما فى ذلك التشريعى منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل».


وفى هذا الإطار يبقى سؤال يتعلق برجال الشرطة والأفراد المنتمين إلى القوات المسلحة المنتمين إلى هيئات نظامية، حيث يقتضى قيام هؤلاء بدورهم على أكمل وجه والتزامهم بالحياد والمحافظة على ثقة الجماهير من خلال هذه الحيادية، لذلك فإن حقهم فى ممارسة التجمع السلمى يتحدد بكفالة هذا الحق لهم تمامًا فى ما يتعلق بواجباتهم الوظيفية وحقوقهم على هذا الصعيد، وممارسة الحق من أجل المطالبة بها، غير أن الانحياز إلى قضايا سياسية بعينها وكونها أمرًا يقتضى أن يفقدوا هؤلاء حيادهم، هو أمر يسمح للدول بأن تفرض قيودًا على ممارسة هذا الحق، لذلك فإن الميثاق الأوروبى لحماية الحقوق والحريات الأساسية مثلا يتيح للتشريعات أن تفرض قيودًا قانونية على ممارسة الحق فى التجمع والحق فى التنظيم لرجال القوات المسلحة والشرطة التابعة للدولة، وتكون مثل هذه القيود أن تصمم خصيصًا بما يضمن مسؤوليات العاملين فى مثل تلك الأجهزة وأدائها على أكمل وجه، والحفاظ على ثقة الجمهور فى هؤلاء، غير أن فى هذا الموضع ينبغى التأكيد أيضا على مبدأ الحيادية لا يجب أن يفسر بأى صورة من الصور على نحو يفرض قيودًا غير ضرورية على الحق فى التعبير عن الرأى وغيره من حقوق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.