لم يكن خطاب الرئيس « المؤجل» في عيد العمال موفقاً، حتي إن العمال المعتصمين علي رصيف مجلس الشعب أصابهم الإحباط.. فلم يقدم شيئاً.. ووصفوه بالكلام المعاد والمكرر الذي عجز عن تقديم جديد في الشأن العمالي. .. ولم يكن الرئيس موفقاً في إعادة ما ذكره أحمد نظيف رئيس الوزراء قبل يومين من خطاب مبارك في لقائه برؤساء تحرير الصحف الحكومية من أن مصر صارت واحدة من الاقتصاديات البازغة مثل الصين والهند والبرازيل.. ودلل علي ذلك بالإقبال علي الاكتتاب بالسندات الدولارية التي طرحتها مصر أخيراً.. «لتضع مصر ضمن مجموعة محددة من سبع دول نامية بالعالم تستطيع أن تطرح سنداتها في الأسواق العالمية بآجال تصل إلي ثلاثين عاماً.. كما جاء هذا الإقبال شهادة ثقة دولية جديدة في اقتصادنا وسياستنا». وبعيداً عن أن هذا كلام وزير المالية و«الجباية» الدكتور يوسف بطرس غالي الذي أشار إليه الرئيس في خطابه ضمنياً من خلال قوله «إن مصر ترأس الآن إحدي أهم لجان السياسات المالية الدولية تمارس دوراً مؤثراً ضمن مجموعة الاقتصادات الناشئة.. ودوراً مماثلاً في إعادة هيكل النظام الاقتصادي والمالي لعالم اليوم» فإن ذلك مردود عليه أيضاً بتقارير مؤسسات دولية أخري حذرت من تلك السندات.. فها هي مؤسسة «موديز» العالمية للتصنيف الائتماني تذكر في تقرير لها سبق نشره «إن السندات التي أصدرتها الحكومة المصرية مؤخراً ستواجه صعوبات ائتمانية تتمثل في العديد من المخاطر الاقتصادية التي تواجهها مصر».. وأعطت الهيئة الدولية سندات مصر تصنيف «بي إيه 1» وهو أول درجة في السندات شديدة المخاطر، والتي لا تمثل استثماراً جيداً نتيجة ارتفاع نسبة الفشل في سداد الدين. وبهذا تكون السندات المصرية التي هي عبارة عن طلب اقتراض دولي في أسواق الأوراق المالية قد حصلت علي أول تصنيف فيما يعرف بدرجة المضاربة أو «الجنك بوندز» وهي السندات المنخفضة التي تصلح للمضاربين أو المقامرين دون المستثمرين الذين يقدمون القروض بأسعار فائدة باهظة نتيجة عدم ضمانهم استرداد أموالهم.. وتعرف «الجنك بوندز» مجازاً بمصطلح «سندات الخردة»بين أوساط المستثمرين في وول ستريت «أهم سوق للمال في العالم».. وطبعاً هناك من يتاجرون في «الخردة» حتي ولو كانت سندات!! وقالت منظمة التصنيف الدولية: إن المشكلات الائتمانية في مصر تتمثل في العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة المصرية والانخفاض الملحوظ في نصيب دخل الفرد والمؤشرات الاجتماعية العامة السيئة وضغوط التضخم وارتفاع الأسعار المستمر ومن ضمن المخاطر أيضاً ارتفاع الدين العام.. وهي أمور رصدتها التقارير المصرية كالجهاز المركزي للمحاسبات. وأضافت المنظمة في تقريرها أيضاً أن ما وصفته بالوضع السياسي غير واضح المعالم في ظل اقتراب انتخابات الرئاسة عام 2011 ومن سيخلف الرئيس مبارك هو واحد من عوامل القلق الائتماني. .. ولا أعرف من أين جاء الرئيس مبارك ومساعده مع أننا في مصاف دول مثل الصين والهند والبرازيل.. لقد تطورت تلك الدول كثيراً وخرجت من قائمة الدول النامية وأصبح لها شأن كبير في اقتصاديات العالم. وكله بالديمقراطية ودون تزوير.. حتي الصين التي يحكمها الحزب الشيوعي هناك تداول سلطة.. فليس هناك رئيس يجلس علي كرسي الحكم 30 عاماً ويحكم بالطوارئ! أما حديث الرئيس عن الفوضي والانفلات فالسبب فيه سياسات النظام وحزبه الحاكم الذي يستبد بالسلطة رافضاً التغيير الذي يطلبه الناس.. فالتغيير هو البرنامج الذي ترفعه القوي السياسية التي تسعي إلي نهضة الأمة.. وإصلاح حال مواطنيها بعد انتشار الفقر والفساد والقمع ومصادرة حق المواطنين في التعبير عن أنفسهم.