نُنَاشدكم التحلِّى بالصبر الجميل الذى عهدناه فيكم تجاه انفعالات بعض المتظاهرين أدان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ممارسات العنف التى تحدث فى مصر، وحرص على توجيه رسالة إلى جماعة الإخوان المسلمين قائلا فيها: «إن الشرعية لا تُكتَسب بدماء تسيل أو بفوضى تنتشر» مؤكدا أن الأزهر سيظل خلف رجال الجيش والشرطة ويثق بوطنيتهم.
الطيب قال فى رسالته إلى الأمة مساء أول من أمس (السبت): «شعب مصر العظيم أتحدث إليكم فى هذه الأيام العصيبة التى يمر بها الوطن العزيز وفى هذه الفتنة التى تُكشِّر عن أنيابها وتقوم عليها أنظمة أجنبية، وتتورط فيها للأسف أيادٍ داخلية مُضلِّلة وأتقدم بخالص العزاء لأسر الشهداء والضحايا من أبناء مصر جميعا متمنيا للجرحى والمصابين عاجل الشفاء وتمام الصحة» وهذا نص البيان..
«أتحدَّثُ إليكم فى هذه الأيام العصيبة التى يمرُّ بها الوطن العزيز، وفى هذه الفتنة التى تُكشِّر عن أنيابها، وتقومُ عليها أنظمةٌ أجنبيَّة، وتتورَّط فيها - للأسف - أيادٍ داخليَّة مُضلَّلة، وأتقدم بخالص العزاء لأسر الشهداء والضحايا من أبناء مصر جميعا، متمنيا للجرحى والمصابين عاجل الشفاء وتمام الصحَّة.
أيها المصريون:
لا يزالُ الأزهر الشريف، رغم محاولات استقطابه وتسييسه والتأثير على ضمير عُلَمائه، وتشويه دوره الوطنى من قِبَلِ البعض، لا يزالُ يتَسامَى على كلِّ ذلك، ويأمل فى أنْ يستَمِع الجميع إلى رسائله الخالصة والمبرَّأة من كلِّ غَرَضٍ أو هوى أو ميل.
رجال الأمن والقوات المسلحة:
أنتم خيرُ أجناد الأرض، وحِفظ الأمن والوطن فى الداخل والخارج أمانتُكم التى ستُسأَلون عنها أمامَ الله تعالى، وأنتم على قدرها -بإذن الله- وبدونكم لن يتحقَّق للبلاد أمن ولا استقرار.
يُناشدكم الأزهر الذى يقفُ خلفَكم، أن تتوَخَّوا الحذرَ والدقَّة وأنتم تنشُرون الأمن والأمان فى رُبوع البلاد، وتُفرِّقوا فى حَذَرٍ شديد بين مَن يتظاهر سلميّا ومَن يتظاهر للعُنف والتخريب والقتل والدمار، فالحفاظ على أرواح المسالمين مسؤوليتكم الكبرى.
وإنَّا لنُنَاشدكم التحلِّى بالصبر الجميل الذى عهدناه فيكم تجاه انفعالات بعض المتظاهرين، ما داموا لم يعتدوا على مُقدَّرات الوطن وأمن المواطنين، فإن خرجوا على كل ذلك فأنتم بهم خير كفيل فى إطار القانون.
السادة المصريين من مختلف التيارات والقوى السياسية والحزبية:
إنَّ الاختلاف سُنَّة الله فى الكون وفى الخليقة، لكنه لا يقدح فى وطنيَّة أحد ولا يَصِمُه بالعداء والتَّخوين، وإنى أُناشدكم أن تفتحوا أبواب التصالح وأن ترتادوا آفاق التعاون من أجل وحدة البناء واستقرار مصر المستقبل.
أبناء مصر من جماعة الإخوان والمتحالفين معهم:
إنَّ مَشاهد العُنف لن تُكسِب استحقاقا لأحدٍ، والشرعية لا تُكتَسب بدماء تسيل ولا بفوضى تنتشرُ فى البلاد والعباد، ونحن على ثقة كبيرة فى أنَّه لا تزال هناك فُرصة، ولا يزال هناك أملٌ ومُتَّسع للكثيرين منكم ممَّن لم يثبت تحريضه على العنف والتخريب أن يجنَحَ إلى السلم وأن يتداعى إلى الجلوس على مائدة الحلِّ السلمى، وأن يُسارع إلى حماية مصر بلَدِكم ووطنكم الذى وُلِدتم فيه وتربَّيْتُم ونشأتم ودرجتم على أرضه وتُرابه وشربتم من نيله، تُسارعون إلى حماية هذا البلد من الانزلاق إلى نماذج من الفتنة العمياء التى أحدقت ببلادٍ نعرفها جميعا وأتت على الأخضر واليابس.
إنَّ علينا أن نتفق جميعا على أنَّ مستقبل مصر لن يستقلَّ برسمه وصياغته فصيل دون فصيل، وأن من حق الجميع أن يُشارك فى صنع هذا المستقبل، وعلينا أيضا أن نُقِرَّ جميعا أن هيبة الدولة وسيادة القانون هما صِماما الحِفاظ على أمن المواطن وأرواح المواطنين فى كلِّ أقطار الدنيا، وأنه مع العبث بأيٍّ من هذين الخطين الأحمرين فلا أمل لا فى أمن ولا فى استقرار.
أقباط مصر ومسيحيِّيها:
لا يدَّخر الأزهر جُهدا فى التأكيد على حُرمة كنائسِكم، ودور عِباداتكم، وأنَّ تخريبها أو مسَّها بسوءٍ ليس من الإسلام فى قليلٍ ولا كثير، والإسلام يبرأ من كلِّ هذه التجاوزات التى ترفضُها الأديان والأعراف والقوانين وحضارات الإنسان، ولا يخفى علينا وعليكم أن محاولات جر البلاد إلى فتنة طائفية هى خطة شيطانية وافدة، وهى محكوم عليها بالخيبة والفشل - بإذن الله - فمصر كانت وستبقى دوما أبيَّة على مثل هذه المحاولات الدَّنيئة.
أصدقاءنا فى العالم الخارجي:
إنَّ مصر برجالها وأبنائها قادرةٌ على تجاوُز هذه المرحلة، وأن إعادة ترتيب شؤونها الداخلية أمر يسير جدًّا إذا ما التزمت دول العالم بقوانين الأممالمتحدة وبمواثيقها وبأعراف العالم، وبخاصة بمبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وعليكم أن تعلموا إن لم تكونوا تعلمون أن مصر بحضارتها العريقة التى تعرفونها هى أكبر من أى إملاء أو تآمُر كائنا من كان المملى أو المتآمر، ونذكركم بأن الله أكبر منكم، وأن قدرته غالبة، وأن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
نسأل الله سبحانه وتعالى العلى الكريم أن يحفظ مصر وشعبها وأن يقيَها كل شر وكل سوء وكل مكروه.