أرمى وراء ظهرك كل الساسة ولا تعقد حلمك الا على نفسك، وأجعل ثقتك بالله هي الأساس لكل عمل ثم اجعل ثقتك في الشعب هي أول حجرة تضعها فوق الأساس. اليوم يسقط مرسى والأخوان بكل فكرهم الهرمي السلطوي! ولا يجب ان يقف هذا السقوط على مجرد اشخاص من الأخوان ولكن على كل فكر مشابه. لقد أسقطنا مبارك بحزبه اللاوطنى الذي كان يبث في المجتمع طاقة سلبية رهيبة وكان مثل الأفعى يبث سم التوريث ليل نهار حتى شوه وجوه كنا نحترمها يوما ما. ثم جأ من بعده الأخوان فأعمتهم السلطة وظنوا ظن السوء، وبثوا سمومهم الأخوانية ليتمكنوا من الدولة. لم يراعوا ثقة الشعب، ولا حفظوا عهده وتوكيله الذي أعطاه لهم، فظنوا انهم مفوضين بعمل ما يحلوا لهم حتى انقلب عليهم الشعب! بالأمس قال الشعب انه مانح الشرعية وان كل من يحكم يأتي الى الحكم بأرادة الشعب وهو مكلف بخدمة الشعب وبتوكيل من الشعب وبأمر الشعب. ولمن تسول له نفسه هو او القوى التى تسانده ان يسلكوا اي مسار لم يختاره الشعب فلا يلوم الا نفسه! لن يقودنا فاشل ويظن ان الناس ستسكت عنه! لن يشط بنا أيدلوجي خارج الوسطية المصرية السمحة ويظن انه باقا! لن يغامر بنا مقامر في أتفاقات منفردة او تفريط مخزي لمقدرات مصر ويظن انه مستمر بدون حساب عسير! لن يدير شئون الشعب كأن من كان ثم يقرب أحبائه وهم غير أهل كفأة ثم يظن ان الناس ستهضم له الزلط! لا شرعية لأحد الا هذا الشعب ولن يحكم الشعب احد الا برضى الشعب وبهوى الشعب!
اما الان فنحن على اعتاب نصر أخر مبين منسوب الى الشباب ولذلك وجب التصدي بسرعة وبحسم الى فكرة الشباب التى نتكلم عنها بأبهام قبل ان تتحول الى تحدي حقيقي جديد يواجهة الموجة الثالثة للثورة التى بدأت بتمرد ووصلت ايام الحسم بدأ من يوم 30-6! والموجة الثالثة التى اقصدها جأت بعد موجة ثورية عفوية أولى اطاحت بمبارك وعصابته وأبنه المدلل، وبموجة ثانية أكثر عنفاً ودموية أطاحت بعسكر مبارك الذين فشلوا في كل شيء حتى في تسليم السلطة، واليوم تأتى الموجة الثالثة التى تزيح مرسى مبارك والأخوان! والعجيب ان قبل وأثناء كل موجة كان من بيننا متخوفون ومحبطون ومتشأمون يقولون لن يرحل ولن ننجح! وفي كل مرة يكون للشعب الكلمة العليا، وهذا هو مربط الفرس.
تمرد هي الفصيلة التى خرجت من الشعب تتلمس مناطق الضعف في صفوف الأخوان. فوجدت ان الشباب قد ضلوا الطريق ومالوا للعنف حتى لفظ الشعب المظاهرات. ثم تبين لتمرد ان الشعب لا يعتد باي قوى سياسية اياً ما كانت، ففهمت تمرد الدرس وبادرت بالعمل الصحيح المقبول شعبياً ودعت الشعب المصري على أرضية سلمية غير أيدولوجية ولا يوجد بها شطط، وطلبت من الناس ان توقع على ورقة وبذلك تنضم مع الشعب ضد ما لا يريده الشعب. لاحظ ان شباب تمرد هم أصغر سننا من أتلاف شباب الثورة الذي تم حله وكان على رأس الموجة الأولى. لاحظ ايضا ان الشباب في كل موجة كان في طليعة المشهد ولم يكن صانعه ولا العنصر الحاسم في نجاحه، فصانع الموجة هو فشل مرسي والعنصر الحاسم هو الشعب! لاحظ اخيراً ان الشباب الذي يصنع الحركات الأحتجاجية ليس بالضرورة هو الذي يصنع البناء السياسي والتنمية! وفي هذا تنافس قد يصل لنقطة الأحتكاك بعد حين بين من هدم النظام ومن يريد بناء نظام جديد.
الرسالة للشباب اذا ان يبادر بعمل حزب وان لا يكتفي بنجاح حالة التمرد بل يجب ان يتجاوزها بنجاحها ويبادر بعمل حزب يحمل أفكاره ورؤيته للمستقبل ويعرض تصوراته على الشعب ويدعوا الله ان يختاره الشعب. وهذه معركة اخرى منفصلة تماما عن ما سبقها ولا يشفع فيها سابق نجاح في حركة أحتجاجية. وانا أهيب بالشباب ان لا يسقط في خية المعارك الإيدلوجية الموروثة والتى لا تمت بصلة للشارع، او الشعب او روح العصر. وأهيب بهم عدم الأعتداد بأنفسهم ومحق من حوله او الإعتماد على اهل الثقة وليس اهل الخبرة الى أخره من هذه الأمراض التى لم تترك قوى سياسية على الساحة الا وأصابتها. حتى انى قلت وقت سقوط العسكر وبداية حكم الأخوان، اخشى من يوم نكون فيه في موقع المسئولية ويرى منا الناس ما رأوه من وطنى مبارك، وعسكر المشير، ومرسى الأخوان!
وأختم هذا المقال برسالة خاصة لكل من لم يثق يوماً بالثورة وأقول له، لقد قلتم عنا وقت مبارك اننا مأجورون وعملاء وقابضين من الخارج. وكررتم نفس الكلام وقت العسكر. وفي كل مرة كنتم تشككون في قدراتنا وأيمننا وعزيمتنا للتغير، وفي كل مرة طرحنا أنفسنا عليكم لننال ثقة الشعب كنتم ترفضوننا وتفضلون أي فصيل آخر غيرنا، فهل أعطيتمونا الفرصة لنقود ثم تحاسبونا؟! ان الثورة لم تحكم يوماً منذ ان قامت، بل ان كل ما فعلته هو الوقوف ضد كل ظالم ومستبد والمطالبة بحقوق الناس. فهل أعطيتم الثورة فرصة لتحقق اهدافها؟ ان الثورة هي أمل وهي باب المستقبل وهي العودة من الطريق الخطاء الى آفاق المستقبل.