شاوشيسكو أطلق النار على الذين طالبوا بإصلاحات ديمقراطية فسقط والثورة اشتعلت ضد سوهارتو بعد قتل عدد من الطلاب على يد أجهزة الأمن سوهارتو من فضلك أرجو منك قبل أن تقرأ أن تنسي تماما والبتة «سحن» السادة «نواب الشعب» الذين طالبوا بإطلاق النار علي المتظاهرين دفاعا عن النظام، وأرجوك أن تتظاهر بأن المكتوب ليس له دخل من قريب أو من بعيد بهؤلاء حتي لا تفور دمك وتخرج عن هدوئك إذا ما تذكرت ما قالوه تحت قبه الموقر . تعال نركز في أمر آخر تماما يحكي قصص الأنظمة التي أطلقت «بالفعل» النار علي شعوبهم وما المصير الذي وصلوا إليه بعد ذلك. و لكن قبل أن نحكي الحدوتة علينا أن نذكرك أن هذه الأنظمة الديكتاتورية في مجملها أطلقت النار علي شعوبها لسبب واحد ووحيد هو أنها أي - الشعوب - تجرأت - كما يحدث في مصر الآن - و طالبت بتغييرات ديمقراطية وبإطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان وبتحسين مستوي المعيشة الاقتصادي والاجتماعي. «الرصاص لا يفيد» هذه هي الجملة التي نستطيع أن نلخص بها قصة الديكتاتور الروماني نيكولاي شاوشيسكو الذي ظن أن أجهزته الأمنية ستحميه وأن الرصاص قادر علي توفير الأمن للأبد فخاب ظنه عندما سقط سقوطا ذريعا في عام 89 وانتصر شعبه الذي يطالب بالحرية والكرامة. و كان شاوشيسكو قد وقف بقوة ضد مطالب شعبه بالديمقراطية وضد الإصلاحات الديمقراطية التي اجتاحت دول أوروبا فيما لاتزال رومانيا تقف وقتها محلك سر، هذا الرفض أدي إلي احتجاج عشرات الآلاف ضد حكمه وهي الاحتجاجات التي قابلها الديكتاتور بقتل آلاف المواطنين حينما حاولت قواته الأمنية سحق المتظاهرين. ولكن طول نفس الشعب الروماني وعدم تردده في مواجهة القمع والاعتقال والرصاص أدي إلي الانتصار الكبير وسقط شاوشيسكو عام 1989 سقوطا مروعا. هذه القصة التي لا تختلف كثيرا عن قصة أخري لديكتاتور آخر لأن «الطغيان مذهب واحد» لذلك لا نستطيع أن ننسي هنا قصة الديكتاتور الأندونيسي سوهارتو الذي كان يظن أن الرصاص هو الشرعية الوحيدة التي سيظل بها منفردا علي مقعد الحكم فقد عانت أندونيسيا خلال فترة حكمه من التدهور الحاد في مستوي المعيشة والغلاء وهو الأمر الذي أفقد النظام أي شرعية للاستمرار في الحكم فضلا عن وجود سوهارتو علي مقعد الرئاسة لفترة تعدت الثلاثين عاما وكانت الشرارة التي أشعلت فتيل الغضب هي قتل ستة من طلبة جامعة تريزاكتي اثناء مشاركتهم في مظاهرة ضد الرئيس سوهارتو من ضمن حوالي 5000 من طلبة تلك الجامعة لواقعة في العاصمة جاكرتا. وفي هذه الأثناء كانت مظاهرات الطلبة والعمال تجتاح أنحاء العاصمة. قامت قوات البوليس بمهاجمتها وقتلت المئات من المتظاهرين والفقراء مما أشعل الغضب أكثر وأكثر حتي أدت المظاهرات التي استمرت عدة أيام إلي سقوط الديكتاتور الأندونيسي بعد أكثر من ثلاثين عاما حكم فيها أندونيسيا بالحديد والنار والرصاص. ولأن الرصاص لا ينفع في حكم أي شعب ولا يكفي لاستقرار النظام - أي نظام - علي مقاعده كانت قصة الديكتاتور الفلبيني ماركوس الذي نجح الشعب في الخلاص منه بعد تدفق الآلاف إلي ميدان ابيفانيو دي لوس سانتوس واتخذ التجمع مظهراً احتفالياً حيث رفرفت الأعلام وراح الحشد يغني النشيد الوطني للفلبين. الآن عليك أن تتذكر نواب الشعب المصري الذين طالبوا بإطلاق النار علي المتظاهرين - عذرا لا نريد استفزازك ولا تعكير دمك - ولكن لكي تعرف أن أيا منهم لم يقرأ التاريخ الذي يؤكد أن الرصاص لا يفيد وأن الشعوب هي التي تنتصر في نهاية المطاف.