اكدت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية فى حكم تاريخى وثائقى على اهمية دور المرأة الرئيسى كشريك للرجل فى ميادين الحياة وضرورة الحفاظ على حقوقها المكتسبة التى كافحت من اجلها خلال القرن الماضى جيلا بعد جيل وانه لا يجوز للنظام الحاكم الانتقاص من حقوقها الواردة فى الاتفاقيات الدولية واهمها اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وان حرمانها من كامل مرتبها وحقوقها المالية وملحقاتها خلال الثلاثة الاشهر التالية للوضع لثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية يخالف المبادئ الدستورية العالمية وارادة المجتمع الدولى و يتناقض مع ابسط القواعد الانسانية للأم التى ترقد بجوار وليدها تعطيه من دمها العطف والنماء. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وخالد جابر واحمد درويش وعبد الوهاب السيد نواب رئيس المجلس بالزام الحكومة بان تؤدى الى احدى السيدات بالاسكندرية كامل حقوقها والمزايا المالية والمرتب الكامل والحوافز والعلاوات والبدلات والمكافات والاجور الاضافية خلال مدة الثلاثة اشهر التالية للوضع والزمت الحكومة المصروفات.
وذكرت المدعية انها حصلت على اجازة لمدة ثلاثة اشهر بعد الوضع وذلك للمرة الثالثة فى حياتها الا انها فوجئت بان جهة الادارة منحتها فقط الاجر الاساسى وانقصت مرتبها وحرمتها من كافة حقوقها المالية الكاملة والحوافز والعلاوات والبدلات والاجور الاضافية والمكافات بحجة انها لم تكن قائمة بأداء العمل الوظيفى فعلا مما اضر بالمستوى المعيشى لها ولاسرتها واحساسها بالظلم فى تلك اللحظات التى كانت تنتظر فيها الانصاف مع وليد جديد للحياة.
وقالت المحكمة ان الاتفاقية الدولية فى شأن القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة اول ديسمبر عام 1979 والتى اصبحت واجبة النفاذ فى 3 سبتمبر 1981نصت فى المادة 11 منها على ان تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى ميدان العمل لكى تكفل لها على اساس المساواة بين الرجل والمرأة نفس الحقوق ,وانه توخيا لمنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج او الامومة ضمانا لحقها الفعلى فى العمل تتخذ الدول الاطراف التدابير المناسبة بحظر الفصل من الخدمة بسبب الزواج او الامومة وانه يجب ادخال نظام اجازة الامومة المدفوعة الاجر او المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان العمل السابق او للاقدمية او للعلاوات الاجتماعية وانه اخذا بتلك الاتفاقية الدولية ومعها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل فقد اصدرت مصر قانون الطفل رقم 12 عام 1996 ونص على احقية المراة العاملة فى الدولة و القطاع العام و قطاع الاعمال العام والقطاع الخاص فى اجازة وضع مدتها ثلاثة اشهر بعد الوضع بأجر كامل ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية.
واضافت المحكمة انه يتعين على النظام الحاكم ان يجعل من رعاية الاسرة والامومة وما يترتب عليه من حماية حقوق المرأة العاملة واقعا ملموسا فى الحياة والا ينتقص منها شيئا بحسبان ان المرأة المصرية قد كافحت ردحا طويلا منذ اوائل القرن الماضى جيلا بعد جيل للحصول على تلك الحقوق المكتسبة حتى اصبحت مستقرة فى وجدان كل امرأة مصرية بعد ان غدت راسخة فى المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية لكافة الدول على مستوى العالم ,ومن ثم فلا يجوز بعد ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 التى شاركت فيها المرأة المصرية وكانت فاعلة فى اثارتها ونجاحها كأم واخت وزوجة وابنة ان ينال من حقوقها احد مهما علا شأنه فى البلاد.
و" تابعت" بل يجب على النظام الحاكم الاحتفاء بدورها الاساسى فى شتى مناحى الحياة العصرية فان لم تكن حقوقها فى ظل النظام الحاكم فى زيادة فيجب الا يكون الى نقصان وبهذه المثابة فلا يجوز الانتقاص من حقوق المرأة او التراجع عنها او تأجيل استحقاقها باى شكل من الاشكال كما لا يجوز ايضا اعادة تنظيمها على نحو ينال من شأنها او ينتقص من قدرها لما فى ذلك من مجافاة للعدالة ومبادئ المساواة فى الحقوق الانسانية.
وانتهت المحكمة الى ان قرار الحكومة بانقاص مرتب المدعية خلال الثلاثة الاشهر التالية للوضع وحرمانها من كافة المزايا المالية للوظيفة يخالف المبادئ الدستورية المستقر عليها عالميا واحكام القانون ويناقض ابسط القواعد الانسانية لأم وهى راقدة بجوار وليدها تعطيه من دمها العطف والنماء وهو ما يتعين معه القضاء بالزام الحكومة بان تؤدى للمدعية كافة المستحقات المالية المقررة خلال الاشهر الثلاثة التالية للوضع وفقا للاجر الكامل شاملا العلاوات والبدلات والحوافز والاجور الاضافية ومقابل الجهود غير العادية وغيرها من المزايا المالية الاخرى محسوبة على اساس ان المدعية كأنها قائمة بالعمل فعلا اسوة بالعاملين معها من القائمين بالعمل الفعلى بذات الجهة التى تعمل بها.