رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتابع سير اختبارات الدور الثاني    عبد الصادق الشوربجي: زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا تعكس تقدير الرئيس لدور الصحافة المصرية    معركة كشف الزيف    ضبط 300 ألف بيضة فاسدة تحتوي على دود وحشرات في الغربية    محمود عصمت: شراكة "أميا باور" نموذج يحتذى به في مشروعات الطاقة    محافظ الغربية ووزير الري يتفقدان مجرى نهر النيل فرع رشيد    المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن: الحرب يمكن أن تنتهي إذا تركت حماس السلاح    حدود الدور الأمريكى فى حل أزمة غزة    كريستال بالاس يتوج بلقب الدرع الخيرية على حساب ليفربول    أيمن صلاح: منتخب ناشئي اليد يستهدف التتويج بالمونديال    حظر «تيك توك»    جهود دبلوماسية.. مصر تستعيد كنوزها من قلب أوروبا    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    بسنت شوقي تجرب "حمام الثلج" لأول مرة: "مستحيل أعمله في مكان أحلى من الساحل"    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    بدء اختبارات المرشحين للعمل بالأردن في مجالات اللحام وتصنيع وتركيب هياكل معدنية    بحوزته كمية كبيرة من البودرة.. سقوط «الخفاش» في قبضة مباحث بنها بالقليوبية    البورصة تتلقى طلب قيد شركتى جيوس للمقاولات واعمل بيزنس للتدريب    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    الداخلية تكشف ملابسات واقعة التعدي على صاحب محل بشبرا الخيمة    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    تفاصيل انتهاء المدة المحددة للتظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025.. فيديو    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    قطع المياه فى مدينة نبروه بالدقهلية غدا لمدة 12 ساعة لإصلاح تسريب بالمنطقة    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    تفاصيل لقاء أشرف زكى مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية.. صور    فى انطلاق ملتقى "أهل مصر".. 8 ورش إبداعية استكمالا لمسيرة دعم وتمكين المرأة    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 38.3 مليون خدمة طبية مجانية خلال 25 يومًا    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع لاعب الزمالك السابق    السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    سلامة الغذاء: حملات رقابية ميدانية استهدفت 333 منشأة غذائية الأسبوع الماضي    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 10 أغسطس 2025    «لا أريد آراء».. ريبيرو ينفعل بعد رسالة حول تراجع الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العوا: د. أحمد الطيب لن يكون شيخ الأزهر «الموظف» الذي يتحرك إذا أعطوه الإشارة الخضراء
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 04 - 2010

وسط مجموعة كبيرة من البارزين في مجال العمل الإسلامي- إن جاز هذا التعبير- يحجز د.محمد سليم العوا مكانًا شديد الأهمية، لا يعود ذلك فقط إلي كونه أمينا عاما للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- الذي يعتبره كثيرون واحدًا من أهم وأنشط الجماعات التي تدافع عن الإسلام في العالم التي تساهم في رسم صورة حقيقية له -، ولا لكونه عضوا في المجلس الأعلي للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية،- في وقت يعيش ويقتات فيه كثيرون علي الصراع بين السنة والشيعة-، وإنما لكل ما سبق طبعًا، بجانب كونه مثقفًا حقيقيًا يعي جيدًا مشاكل وطنه، ويتحرك عن وعي بأهمية أن يبرز الإسلام الوسطي الآن.
الدستور التقت د. محمد سليم العوا، وأجرت معه حوارًا طويلاً، خاض في كل الأمور الخلافية والحساسة التي تستحق النقاش والجدل:
البعض يلجأ عند حدوث أي اختلاف في أي فرعيات أو جزئيات تتعلق بالعقائد إلي تكفير الآخر.. لماذا يحدث هذا في رأيكم؟
- اختلافنا في جزئيات أو فرعيات متعلقة بالعقائد لا يخرجهم من ملة الإسلام، وبعض الناس يرون أن من ليس علي مذهبهم الفقهي والعقدي يخرج من ملة الإسلام، وأنا لا أري هذا، الإسلام يتسع للجميع من أهل القبلة، والاختلاف من رحمة الله بالناس، وهؤلاء جاءتني منهم ردود فعل سلبية كثيرة خصوصًا الذين يريدون أن يكفّروا الشيعة تكفيرًا تامًا، ولاموني لومًا شديدًا وبعضهم قال في ما يقولونه في الشيعة، وهذا شأنهم وإن شاء الله يغفر لي ولهم.
هل كل من قال لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله يدخل في زمرة المسلمين برغم ما نري من تجاوزات لبعضهم في واقعنا المعاصر؟ - هذه مقولة صحيحة، فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هو مسلم، ولا يحق لأحد محاسبة الناس، فهذا ليس من شأننا، المحاسبة الربانية يوم الحساب وكلنا يعرف الحديث: (دخلت بغي من بني إسرائيل الجنة في كلب سقته، ودخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) وسأل الصحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم عن امرأة قائلين: يارسول الله، أهي في النار؟ قال: نعم هي في النار، لأنها تؤذي جيرانها وحبست قطتها)، فقضية الحساب لا يستطيع أحد أن يتكلم فيها، نحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولي السرائر ) والظاهر هو من صلي صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فهذا مسلم وله ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخونوا الله في ذمته وعهده، فنحن - أي العلماء - يجب أن نقبل من الناس من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، هو منّا، قصّر في العبادات، قصّر في الواجبات الدينية، هو مسلم وحسابه علي الله، فالسنة والشيعة أمة واحدة، قد يكفّرهم بعض المتعصبين الذين لا يقفون عند حدود الإسلام وقوفًا صحيحًا، وهؤلاء لا يرون الحق إلا في جانبهم.
لماذ إذن كثرت الخلافات بين السنة والشيعة وزاد تكفير أهل السنة للشيعة؟ وما الأسباب التي أدت إلي هذه الاختلافات وزيادة حدتها مؤخرًا؟
- الخلافات بين السنة والشيعة ذات شقين: خلافات تاريخية وخلافات سياسية، دعينا نتحدث أولاً عن الخلافات التاريخية، وهي التي نقف عندها وقوف أهل العلم، فنري الواقعة وندرس في ضوئها الظروف التي حدثت فيها، ونري الفعل ورد الفعل وتناسب أحدهما مع الآخر في ضوء الأحداث، ون ومنهج الإسلام، هذا بالنسبة للأحداث التاريخية، أما الشق الثاني وهي الخلافات السياسية، وهذه لا حل لها إلا بالتوحد بين المسلمين والتقدير السياسي للمسلمين لبعضهم البعض، ويجب أن يكون المسلمون عقلاء يحرصون علي مستقبل أمتهم، بالوقوف مع من يقودون المقاومة ضد العدو الأمريكي الذي يحارب المقاومة العربية والإسلامية، كيف يكون هذا؟ إن الجانب السياسي من هذه القضية محوره الأساسي قضية فلسطين، وجميع الخلافات القائمة الآن بين المسلمين العرب ؛ سنة وشيعة وبين بعضهم البعض ؛ محورها الرئيسي قضية فلسطين والموقف منها.
مارأيكم في تسييس الصراع بين السنة والشيعة؟ وهل هناك مبرر للخوف من إيران علي أساس أنها معقل معتنقي المذهب الشيعي في العالم الإسلامي؟
- إيران لم تكن سنية مع الشاه، ثم أصبحت شيعية فجأة مع العلماء، إيران شيعية طوال حياتها، ونحن لم نرَ من إيران أي أذيً علي مدي التاريخ، وأيام حكم الشاه كانت إيران حليفة لإسرائيل عندما كنا نحن نحارب إسرائيل، ولم نقطع العلاقات معها ولم نهنها ولم نعاملها معاملة سيئة، الآن إيران عدوٌ لإسرائيل حليفة للمسلمين، تقف مع المقاومة بكل قوتها مادياً ومعنوياً وتسليحاً وتدريباً، ونحن نقف ضدها، معايير الحكومات العربية والإسلامية مقلوبة، وينبغي أن تكون إيران في موقع الصديق لا في موقع العدو، ويجب أن تكون تركيا كذلك في موقف الصديق لا العدو.
ماذا نفعل لتحويل هاتين الدولتين من أعداء إلي أصدقاء وحلفاء؟ وإعادة تشكيل الأمة الإسلامية؟
- الحلف الثلاثي (أنقرة - القاهرة - طهران) هو الذي سيعيد تشكيل الأمة الإسلامية، والحلف الثلاثي (القاهرة - دمشق - الحجاز) هو الذي سيعيد تشكيل وإصلاح الوضع العربي الحالي المتهدم والمتردي، ويجب أن يحرص الحلفان علي عدم الوقوع في المواقف السياسية المُمْلاة والمفروضة علينا من أمريكا، وعدم الخوف من القيام بما يغضب إسرائيل، والطريقة الوحيدة لإحداث النهضة ؛ أو لنقل إعادتها وإحياء هذين المحورين من الموت السريري الذي أصابهما بفعل فاعل؛ أن يعاد إحياء هذين الحلفين وضخ الدماء في عروقهما، حينها تتحول الأمة إلي أمة مختلفة عما هي عليه الآن، وستتغير أحوالها من الضعف إلي القوة بإذن الله، قال تعالي: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) - الأنفال 46.
لكن الواقع وما نراه يا دكتور يجعلنا نقول إن هذه أحلام بعيدة المنال صعبة التحقيق؟
- ليس حلمًا.. بل هو أمر نعمل لتحقيقه وندعو إليه، وقد قلت سابقًا؛ ولا أزال؛ أن الدبلوماسية الشعبية بيننا وبين إيران لم تنقطع، وعلاقتنا بالشعب الإيراني لم تنقطع، نحن نقابل المسئولين من إيران والوزراء وأنا شخصيًا وغيري نقابل أكبر المسئولين من المرشد إلي غيره، ونجد استجابات لما نقوله ويستمعون لنا ولمطالبنا، وبيننا هذا التفاهم وسيحدث هذا أثره في الأزمة، الدبلوماسية الشعبية مع حزب الله في لبنان والذي هو محل نقمة جميع الأنظمة العربية ولأنه حزب إسلامي يقاوم الصهاينة والوجود الصهيوني في فلسطين، وعلاقتنا مع تركيا من الستينيات مستمرة وتنمو وتتزايد، وعلاقتنا مع إخواننا النورسيين أتباع بديع الزمان النورساني، وإخواننا من حركة إصلاح النقشبندية، وسليمان أفندي وتلاميذه، والشيخ نجم الدين أربكان الذين أصبحوا الآن (حزب العدالة والتنمية)، وعلاقتنا مع العلماء وأساتذة الجامعات، ونحن أعضاء في اتحادات علمية كثيرة، فيها علماء مصريون وعرب وأتراك ومن كل البلاد نتعاون معهم، الدبلوماسية الشعبية قائمة ولم تتوقف، والعلاقات الشعبية هي التي تبني هذه الجسور، ومن ثَم تجبر الحكام علي إقامتها وترسيخها، وهذا ليس حلما بل هو واقع، وهذا واجب علي الشعوب أن تقوم به، أنا مثلا دعوت إلي دعم تركيا في مواقفها من إسرائيل بعد عدوانها الوحشي علي غزة، فدعوت إلي استيراد السلع التي لا ننتجها من تركيا بدلا من استيرادها من دول أخري، وأن تكون السياحة العربية والإسلامية إلي تركيا لموقفها الشجاع، هذا كله آتي أكله ووجدنا له أثراً.
ما رأيك في انتساب الدكتور أحمد الطيب للحزب الوطني الحاكم حتي بعدما قدم استقالته مؤخرا؟
- الدكتور أحمد الطيب أخ عزيز وعالم كريم، ورجل حسن الخلق وعميق التصوف، وهذه كلها من المزايا التي يجب أن تحمد له لا أن تؤخذ عليه، وهو عميق التصوف باستنارة وعقل وفهم وليس مع شعوذة وخرافات كما نري من بعض المتصوفين، وتصوفه تصوف علمي عميق وهو من أسرة دينية متصوفة، والتصوف ضد التطرف كما يعتقد البعض، وقد تم تعيينه بترشيح وحيد ولم يكن معه أسماء أخري وصدر القرار بتعيينه، وهو مثال حسن للتعيين، لأن هناك أمثلة أخري لم تكن علي هذه الدرجة من الحسن، أما العلاقة بينه وبين الحزب الوطني فقد كانت قبل تعيينه ومشيخة الأزهر فوق أي منصب إداري في الدولة، وينبغي أن يكون مستقلا عن الجميع، فهو شيخ لجميع المسلمين وليس موظفا عند أحد، والأصل أن شيخ الأزهر يصدر القرارات التي تتناسب مع منصبه دون أن يعود إلي أحد، ودون أن يخاف أحدا، أما شيخ الأزهر الذي يرضي أن يكون موظفا كما قال بعض شيوخ الأزهر قريبا: أنا موظف إذا أعطيت الضوء الأخضر أتصرف، وإذا أعطيت الضوء الأحمر أقف، الشيخ أحمد الطيب إن شاء الله ليس كذلك.
هناك من يقول إن المتطرفين قد خرجوا من عباءة الإخوان المسلمين، ما رأيكم في ذلك؟
- الإخوان المسلمون منذ أن وجدوا لم يكونوا أبدا حركة متطرفة، منذ بداية تأسيسها علي يد حسن البنا رحمه الله، والواقع أن الجماعات التي يعتريها ويشوب سلوكَها الغلوُ الديني، وأسميها الجماعات المغالية، ولا أسميها متطرفة، هذه الجماعات أظهرت نقمة علي منهج الإخوان المسلمين لأنهم رأوا أن منهج الإخوان المسلمين لم يقدم شيئا إلي الأمة الإسلامية، ولم يقدم نصراً مباشراً سريعاً، فقرروا أن يخوضوا المعركة بالسلاح وكانوا يظنون أنهم علي صواب ثم تبين لهم أنهم علي خطأ، وقد خرج هؤلاء بدافع النقمة وعدم الرضا عن الإخوان المسلمين، ومخالفة موقفهم الداعي إلي الدعوة إلي التغيير بالطرق السلمية.
هل يُعتبر الإخوان المسلمون نموذجاً للوسطية كما يقولون عن أنفسهم؟
- الوسطية عندي أكبر وأجل من اختصارها في جماعة، الوسطية هي المنهج الذي جاء به محمد صلي الله عليه وسلم، وقرر القرآن الكريم أننا أمة تمثله، فالوسطية صفة وخصيصة للأمة كلها بجميع ألوان الطيف فيها وبجميع اختلافات أبنائها، خصيصة أمة محمد أنهم أمة وسطا، والوسطية ملك للجميع، كل مسلم يعبر عن موقف الوسطية بطريقته، نبعد عنها أحيانا أو نقترب، فالوسطية ملك للأمة جمعاء.
ما حدود الاجتهاد، وما شروطه، وما الشروط الواجب توافرها في المجتهد؟
- الاجتهاد له شروط، أهمها عدم مخالفة أي نص قرآني، عدا ذلك ليس للاجتهاد قيد، ويسلك المجتهد طرق الاجتهاد التي استنها كبار الصحابة ومن جاء بعدهم وتعارف عليها الناس، وهي النظر في القرآن فالسنة ثم الإجماع ثم القياس وإتقان اللغة العربية، وهذه كلها علوم يجب علي المجتهد إدراكها، فالإسلام ليس اختراعاً، حتي إن افترضنا أن المجتهد قد تصادم اجتهاده مع نص ؛ فاجتهاده خاطئ ولكن لا يكفّر، ولا يخرج من ملة الإسلام، بالعكس له أجر، من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد، وهذه خاصية فريدة أعطيت لأمة محمد ولم تعط لأحد من قبله، في الإسلام فقط يقال للمخطئ شكراً، وهذ حث وحض علي الاجتهاد وإعمال العقل.
وما أدوات المجتهد؟
- أدوات الاجتهاد حُدِّدت منذ أيام الإمام الشافعي رحمه الله في رسالته الأصولية حيث قال: لا يقيس أي لا يجتهد إلا من يملك أدوات القياس، وهي العلم بالقرآن الكريم وناسخه ومنسوخه وأسباب نزوله، العلم بالسنة النبوية الشريفة، العلم بإجماع الأمة والقياس، والعلم بالعُرف، ثم أن يكون عالمًا بلغة العرب ويعرف مواضع كلامها، لأن القرآن نزل علي محمد صلي الله عليه وسلم بالعربية، ومن لا يتقن العربية لا يمكنه أن يجتهد، أو أن يفهم أصلاً ما يقرأ، إذا اجتمعت هذه المعطيات وتوفّرت يمكن للمسلم أن يجتهد، وقد تيسر أمر الاجتهاد كثيرًا بانتشار الكتب المطبوعة والأقراص المدمجة ونشر تفاسير القرآن.
بعض العرب يرون أن حل مشكلة فلسطين هو في حل الدولتين رغم خوف إسرائيل من هذا الحل ما رأيكم؟
- ليس هناك حل اسمه حل الدولتين ولا حل الدولة الواحدة، هناك حل واحد فقط للمشكلة الفلسطينية هو استمرار المقاومة حتي ينهزم المشروع الصهيوني وتنكسر شوكة إسرائيل، حينها نتحدث عن الحل، نحن الآن في حالة حرب مع إسرائيل، وفي حالة الحرب لا نتكلم عن احتمالات السلم أو أي حلول أخري، هذا تخريف، أي كلام عن حلول سلمية هو خرافة، الحل الصحيح هو المقاومة والجهاد، بغير ذلك لن تحل القضية ولا أمل في حل الدولتين ولا في ثلاث دول، ولن تقوم لنا قائمة طالما تركنا حقنا وواجبنا في الجهاد، الطريق الوحيد لحل مشكلة فلسطين هو المقاومة والحرب حتي تنكسر دولة إسرائيل.
أنتم ترون إذن أن الرئيس السادات قد أخطأ عندما قام بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل؟
- أنا أري أن السادات قد قام بتوقيع هذه المعاهدة كحل وقتي لمشكلة فلسطين أنه، والسادات كان من أذكي رؤساء العرب، ورأي في ذلك الوقت أن هذا هو الحل، لا باعتباره حلا نهائياً، بل بالعكس كانت له تطلعات أسماها مفاوضات الحل النهائي لم تجر حتي وقتنا الحالي، السادات وقع المعاهدة كحل وقتي، المشكلة فيمن اعتبروها حلا أو معاهدة دائمة.
لكن المعاهدة وبنودها ما زالت قائمة وتطبق حتي يومنا هذا ولا أحد يعترض؟
- لقد كتبت في حياة الراحل السادات خطابًا إليه آنذاك، وشكرني بنفسه رحمه الله، ولا يزال هذا الخطاب عندي، قلت فيه إن الاتفاقيات لم تبرم إلا لتنقَض، وما زلت أؤمن بهذا، وهذه الاتفاقية ستنقض يوماً ما، وإبرام الاتفاقيات ليس مشكلة ويمكن نقضها في أي وقت.
لكن قرار الجهاد قديمًا كان سهلاً متيسرًا، من سيف ورمح ومؤونة سفر، كيف ترون السبيل إلي الجهاد في سبيل الله الآن؟
- الجهاد يبدأ بكلمة حق عند سلطان جائر، وينتهي بحمل السلاح، وكل المجاهدين والمقاومين يحملون السلاح، ولا توجد وسيلة تمنع وصول الأسلحة إلي أيدي الراغبين في الجهاد، وليس الحصول علي السلاح هو ما يشكل أهمية، فتجار المخدرات وعصابات الرقيق التي تخطف البشر وقراصنة البحار، كل هؤلاء يمتلكون أعتي الأسلحة من طائرات حربية وقنابل وصواريخ، قضيتنا هي في الحصول علي الناس الذين يمتلكون الإرادة للحصول علي السلاح لاستخدامه في المقاومة والجهاد، وهذه هي القضية الأهم.
ظاهرة التوسل إلي الأتقياء والصالحين وسكان القبور أليس فيها شبهة الشرك بالله، وكيف نقضي علي هذه الظاهرة المرضية؟
- أنا أري أن ا فَلْيَسْتَجِيبُوا يجوز لأننا لا ندرك نية كل من يتوسل.
العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر علاقة تاريخية منذ فتح عمرو بن العاص لمصر عام 20 للهجرة، كيف نحافظ علي هذه العلاقة؟
- نحافظ عليها باحترام كل طرف للطرف الآخر احترامًا فعليًا، وليس احترامًا صوريًا يتمثل في تقبيل اللحي بين أطراف المؤسسة الكنسية والأزهرية، ولن تعود العلاقات المسيحية الإسلامية إلي سابق عهدها إلا بعد أن تفرج الكنيسة عن وفاء قسطنطين وماري عبد الله، اللتين اختطفتا من الدولة ولوي ذراع الدولة فيهما، وهما بالمناسبة ما زالتا حتي الآن رهن الحبس في دير من أديرة الكنيسة، وكأن الكنيسة سلطة فوق السلطة، ودولة فوق الدولة، لا يمكن لمسلم أن يقبل بخطف المسلمات واعتقالهن بعيدا عن سلطة الدولة، وكان ذنبهما أنهما أسلمتا، والكنيسة هي التي خلقت هذه المشكلة التي سببت التوتر، عدا عن أسباب أخري أدت لازدياد التوتر، منها مواقف الكنيسة من الأحكام القضائية، وموقفها من التمثيليات والمسرحيات التي في مضمونها تهين الإسلام والمسلمين.
برأيكم ما الحل الناجح لحل هذه المشكلة كي تعود المياه إلي مجاريها بين المسيحيين والمسلمين؟
- ما لم تحل قضية السيدتين وفاء قسطنطين وماري عبد الله ؛ فستظل العلاقة متوترة، حتي لو توفيت هاتان السيدتان وتوفي من اختطفهما، وحتي بعد وفاة الجيل كله، فهذه هي المرة الأولي في تاريخ الإسلام التي يتم فيها خطف لمسلمين من يد الدولة، ويجب للقضاء علي توتر العلاقات بيننا وبين المسيحيين فك أسر السيدتين والإفراج عنهما فوراً، والاعتذار لهما علنا، ربما تكون الحكومة عاجزة عن تنفيذ هذا الطلب لكننا نطالب به ونصمم عليه حتي يتم تحقيقه، أنا لا أعرف كيف تسلم الدولة مواطناً مصرياً مسلماً أو مسيحياً إلي الكنيسة هذا أمر يسبب غصة في قلب كل مسلم.
ما رأي جبهة علماء المسلمين بوصفكم تمثلونهم في الجدار العازل؟
- من حق مصر أن تحمي حدودها بكل الوسائل المتاحة لها، ولكن دون أن تكون طرفاً في حصار إخواننا في غزة، باستطاعة مصر أن تفك الحصار عن غزة بفتح المعابر وخاصة معبر رفح، ولا يجوز اللجوء إلي اتفاقية المعابر، لأننا لسنا طرفًا فيها، ومصر مسئولة مسئولية الأخ عن أخيه الذي يجاوره في الأرض والسكن، ويشاركه في الدم والتاريخ واللغة والحضارة والدين، ويجب علي مصر أن تفتح معبر رفح وأن تسمح بالدخول والخروج منه دون قيد أو شرط، للأشخاص والبضائع والمعدات، والمساهمة في حصارالفلسطينيين ولو بواحد في المليون خطيئة كبري ستدفع ثمنها الجهات التي ساهمت في الحصار ومن وراءهم، والتاريخ لا يرحم أحدا.
مارأيكم في توريث الحكم؟
- التوريث كلمة إسلامية لا يجوز امتهانها في العمل السياسي، ووراثة الحكم ليست من التوريث في شيء، ولكن هي تولية شخص علينا رغم أنوفنا أو بإرادتنا، ونحن في كلتا الحالتين مخطئون، ووراثة الحكم غير جائزة، فلا يجوز لحاكم أن ينقل الحكم لأحد بعده، ومهمة الحاكم أن يحكم بالعدل حتي تنقضي مدته فيغادر بالسلامة، أما أن يبقي حتي يهيمن علي مقدرات الحكم بعد وفاته فهذا لا يجوز، ولا أن ينقل الحاكم السلطة لأحد من بعده بإرادته المنفردة، وكل حاكم يأتي رغمًا عن إرادة الشعب سيكون مصيره الإخفاق التاريخي.
هل تؤمنون بحوار الأديان علي اختلافها؟
- أنا مع حوار أهل الأديان وعلمائهم، وليس مع حوار الأديان فحوار الأديان مستحيل، لأن الأديان مسلمات مطلقة لا يجوز المساس بها، أما حوار أهل الأديان الأخري فأنا أؤيده، فنتحاور حول الحياة لنحاول معرفة وفهم كيف نتعايش معًا..
ما رأيكم في تزايد ظاهرة النقاب وتزايد أعداد المنقبات؟
- النقاب حرية شخصية للمرأة، وسوء استغلاله لا يؤدي إلي منعه، وعلي النساء المنقبات أن يمتثلن للقانون الذي يلزمهن بالكشف عن وجوههن للمسئولين عن الأمن للتأكد من شخصياتهن، وأنا أري وجوب تعيين نساء مسئولات عن الأمن، ولا يمكن ولا يجوز أن يدخل شخصٌ غير محدد الهُوية أيَ هيئة دون معرفته معرفة واضحة، أما غير ذلك فالنقاب حرية شخصية وليس أمراً دينياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.