وقع تحت تأثير الإخوان المسلمين دون الانخراط في صفوفهم، ومع تفتح وعيه قرر أن ينفصل بعيداً عنهم لتميل أفكاره إلي اليسار، وقتها انضم الدكتور جابر عصفور إلي مجموعة كبيرة من المثقفين الذين حملوا علي رءوسهم هزيمة 67 وكان من ضمنهم فاروق خورشيد، وأمل دنقل، وبهاء طاهر، وعبد القادر القط، الذين جمعتهم صداقة بعصفور، ورغم أن الواقع والظروف السياسية أجبرتهم وقتها علي السكوت فإن دورهم كمثقفين كان يرفض أن يتم تدجينهم داخل منظومة الصمت، فبدأت الأسئلة تلاحقهم وأسباب الهزيمة التي أرجعها عصفور إلي غياب الثقافة التي أصبحت كما كان يردد «عينيها في قفاها» تمشي إلي الأمام لكنها تنظر إلي الخلف وتمضي بعيدة عن كل ما يربطها بالمستقبل. «عصفور» يمتلك تلك الجرأة التي تجعله يعترف بعد 15 سنة من إنشاء المركز القومي للترجمة أن البيروقراطية مازالت تتحكم بشكل كبير في مسيرة الحركة الثقافية. اعترف «عصفور» أمام عدد كبير من المثقفين أنه سيواصل رغم هذا الاعتراف مشروعه لترجمة الأدب العربي حتي يكمل ألفي كتاب بحلول ديسمبر المقبل وهو يراهن علي المستقبل. مازال هذا الناقد رغم سنوات النضج الفكري والعمري متمسكاً بمساحات من نور، ويمشي دون أن ينظر إلي الوراء ودون أن يعترف بأن المهمة ثقيلة للغاية وسط واقع ثقافي يعاني أشكالا كبيرة من القمع، قمع من التراث، وقمع من التيارات السلفية، وقمع من نظام سياسي حمل المثقفين مسئولية تدهور الثقافة دون خجل، رغم أنه المسئول الأول عن إبعادهم كما أنه المسئول عن خلق شبح «الرقيب الداخلي» لعدد كبير منهم، ولكن «عصفور» رغم كل هذا الحصار مازال يراهن علي المستقبل لأنه يري أجيالاً شابة توقف غيره عن رؤيتهم واكتفوا فقط بنقدهم والسخرية منهم وعدم الاعتراف بوعيهم.