بعدما تحوَّلت إلى ممر لتهريب الأسلحة الثقيلة والخمور والمخدرات، قرّر الجيش المصرى إعادة تدمير أنفاق غزة عن طريق التفجير، بعدما فشلت وسيلة غمر الأنفاق بالمياه فى ردع المهرّبين، حيث أكد شهود عيان بالمناطق الحدودية، أن دوى انفجارات متتالية سُمع الأيام الماضية، بعدما قام الفلسطينيون بغزة بتجليد الأنفاق بمواد خرسانية وعازلة واستخدام شفاطات للمياه لمنع تسرب المياه إلى الأنفاق وانهيارها. ورجّح بعض أهالى المناطق الحدودية أن الجيش عاد إلى استخدام التفجير كوسيلة لهدم الأنفاق، بعدما تسبّب إغراق الأنفاق فى المناطق السكنية والمأهولة فى حدوث انهيارات أرضية للتربة أضرّت بالمساكن المجاورة للأنفاق. وقال شهود عيان برفح المصرية، إن السلطات الأمنية كثَّفت من إجراءاتها الأمنية فى الفترة الأخيرة على الأنفاق الواصلة بين قطاع غزة والأراضى المصرية، والتى سبق للجيش المصرى تدمير العشرات منها على خلفية المجزرة التى وقعت للجنود المصريين برفح فى رمضان الماضى، حيث أعاد أصحاب تلك الأنفاق تطهيرها من جديد وإعادتها للعمل على الرغم من التحذيرات الأمنية لهم، وذلك فى إطار حملة يشنّها الجيش منذ الأسبوع الأول من فبراير الماضى لإغلاق تلك الممرات التى تستخدم للتهريب. وقام الجيش المصرى بغمر العشرات من تلك الأنفاق الحدودية، خصوصًا بمنطقتى الصرصورية والبرازيل بالمياه، وتعد عملية غمر الأنفاق بالمياه واحدة من طرق عدة تستخدمها السلطات المصرية فى تدمير الأنفاق، خلاف الردم وإغلاق الأنفاق بالتدبيش، وهى عملية يتم من خلالها وضع الحجارة والرمال داخل الأنفاق أو بالتفجير إذا كانت الأنفاق بعيدة عن الكتلة السكنية عبر زراعة متفجرات بداخلها.
وقال شهود عيان من حى النور برفح، إن الجيش قد نصب كمينًا، ظهر أول من أمس «الإثنين» بالحى، وشدَّد من إجراءات تفتيش السيارات والمارة، كما أكدوا أنه أمام مسجد حى النور برفح يوجد موقف لسيارات الأجرة والملاكى لخدمة ونقل القادمين إلى مصر والمسافرين إلى غزة عبر الأنفاق الحدودية. وقال مصدر أمنى، إن أحد المواطنين قد أطلعه على ورقة «استمارة السفر والوصول» عبر الأنفاق مدون فيها اسم المسافر واسم صاحب النفق وسبب الزيارة وتاريخ المرور، وممهورة بتوقيع ضابط من شرطة حماس، مشيرًا إلى أن حماس تبيح حفر الأنفاق مقابل حصولها على مبالغ مالية تصل إلى عشرة آلاف دولار، بالإضافة إلى 10% من دخل النفق.
وعلى الرغم من التشديدات الأمنية على الحدود، والتى تعلو وتيرتها حينًا وتفتر أحيانًا كثيرة، فإن عمليات التهريب ما زالت تتواصل ليل نهار، فالشاحنات المحملة بمواد البناء جعلت من الشارع العام برفح أشبه بطريق المحاجر، وخلّفت الغبار بطول الطريق، مما أدّى إلى إصابة العشرات من الأطفال وكبار السن بأمراض الجهاز التنفسى، خصوصًا الربو وضيق التنفس وأيضًا هروب عديد من السكان إلى أماكن إيواء أخرى. وتعد الأنفاق الأرضية المنتشرة بطول الشريط الحدودى بين مصر وقطاع غزة بطول 13 كيلومترًا مرتعًا خصبًا لأنفاق التهريب التى لجأ الفلسطينيون إليها عقب فرض إسرائيل حصارًا مشددًا على القطاع لتوفير احتياجاتهم غير المتوفرة بفعل الحصار بعد تمكّن حركة حماس وسيطرتها على غزة، فهى بمثابة المتنفّس الوحيد لأهالى القطاع البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة على العالم الخارجى، بل هى الرئة الوحيدة التى تمنح أهلها الحياة، ويعتمدون عليها بشكل رئيسى، فيتم من خلالها تهريب جميع السلع الرئيسية والبضائع، لسد احتياجات أهالى القطاع.