رصدت صحيفتان أمريكيتان الأحد العبر والدروس المستفاده من الغزو الأمريكي للعراق , وكشفتا مدى تأثيره على الدور الأمريكي في المنطقة والذي لم يعد قويا كما كان في السابقعلى حد وصفهما. فمن جانبها , رأت صحيفة (جلوبال بوست) أن الغزو الأمريكي للعراق قبل عشرة أعوام تسبب في زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط , كما يرى البعض ذلك , كاشفا حدود القوة العسكرية بنحو نجم عنه أن الولاياتالمتحدة لم تعد قوية كما كانت في السابق.
واستهلت الصحيفة - تقريرها الذي بثته على موقعها الإلكتروني بمناسبة مرور 10 أعوام على الغزو بذكر أنه مع سحب القوات الأمريكية من هناك عقب مقتل 4500 جندي , وإنفاق نحو تريليون دولار أمريكي , لم يعد هناك اليوم في واشنطن جدل واسع النطاق فيما يختص بدوافع وأسباب حرب تلاشت من ذاكرة الوعي العام.
وذكرت :"إنه بعد مرور عشرة أعوام على عملية الصدمة والرعب التى أطلقت بهدف " تحرير العراق" للإطاحة بنظام حكم الرئيس صدام حسين , يرى معظم المحللين والدبلوماسيين أن الحرب على العراق لم تقدم شيئا لتعزيز وضع الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط".
من جانبه , قال رامزي مارديني الزميل في معهد العراق للدراسات الاستراتيجية في بيروت في تصريحات للصحيفة - " بغض النظر عما إذا كانت الديمقراطية الحقيقية أصبحت مفهوما قابلا للتطبيق أو حتى الاستدامه , فإن حرب العراق لم تخدم أي مكسب استراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة".
وأضاف:" إنه على النقيض , فإن اكتشاف قدرة القوات الأمريكية في أداء هذه المهمة بجانب غياب الدور الذي كان صدام حسين يقوم به على اعتباره القوة العربية الموازية لإيران قد أضرتا بالفعل بالمصالح الأمريكية".
واعتبر مارديني أن سقوط صدام حسين لم يخلق فقط فراغا في السلطة في بغداد لكنه خلق أيضا فراغا في السلطة بالمنطقة , التي أغرقت العديد من دول الجوار في بيئة متوترة من التداعيات الأمنية المستمرة حتى اليوم.
وأوضحت (جلوبال بوست) أن أوباما استخدم في السابق معارضته للحرب على العراق كوسيلة للتفوق على منافسته في ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2008 هيلاري كلينتون , وهو ما جعله ينفذ رأيه عندما أصبح رئيسا من خلال إنهاء التواجد الأمريكي هناك عام 2011.
بدورها, رأت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) أنه رغم محاولات الاستفادة من تجربة غزو العراق, إلا أن الصراع مع إيران على سبيل المثال يختلف عن المواجهة مع العراق في عدة نقاط بيد أنه يدور في أروقه الأجهزة الاستخباراتية التي جمعت في السابق المعلومات حول العراق.
وأوضحت في تقرير لها أوردته على موقعها الإلكتروني - أن هناك ثلاثة أخطاء فادحة ارتكبها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش خلال تعامله مع أزمة العراق , الأولى منها تمثلت في الغطرسة والاعتقاد بأن الغزو الأمريكي لن يساعد فقط في إسقاط نظام صدام حسين بطريقة سريعة (وهو ما تم بالفعل) لكنه سوف يؤدي أيضا إلى تحقيق فترة انتقالية ديمقراطية سلسة ويسيرة (وهو ما لم يحدث).
أما الخطأ الثاني فتمثل في الاعتماد على أجهزة استخبارات معيبة أعلنت أن صدام حسين يعمل على تطوير أسلحة دمار شامل , بينما يكمن الخطأ الثالت في إساءة استخدام الاستخبارات من خلال التصعيد المستمر للقضية ضد صدام حسين من قبل دعاة الحرب.
وبينت الصحيفة أن الرئيس أوباما اتعظ من تجربة العراق , وهو ما تجلى في تردده الحالي وتفكيره العميق حيال قضية دعم أي تدخل عسكري حتى وإن كان غير مباشر في الأزمة السورية.
و أشارت الصحيفة إلى أنه ما من دروس وعبر تستمر إلى الأبد ; حيث احتاجت هذه العبر إلى 15 عاما عقب النهاية المفجعة لحرب فيتنام وقبل شن تدخل عسكري واسع النطاق في حرب الخليج ضد العراق عام 1991.
وفيما يخص الأجهزة الاستخباراتية , ذكرت (لوس أنجلوس تايمز) أنه منذ حرب العراق أصبحت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ال-(سي آي إيه) وغيرها من الأجهزة الأخرى تتطلب الضمانات الكافية من قبل المسئولين البارزين لنوعية المعلومات التي يتلقونها , حيث أصبحت أكثر وضوحا حول مصداقية أو عدم مصداقية مصادرها.