كما كان متوقعا قرر الإخوان فى مجلس الشورى التحرك بسرعة للالتفاف على حكم القضاء الإدارى الصادر يوم الأربعاء الماضى 6 مارس. قرار «الإخوان» جاء بعد مشاورات مكثفة داخل الجماعة وحزبها الحرية والعدالة، انتهت فيه إلى أنه من الأفضل أن يتقدم أحد نوابها بمشروع قانون يعمل على تفادى ملاحظات المحكمة الدستورية التى كانت قد أبدتها على مشروع قانون الانتخابات الأول، والذى صدر يوم 21 فبراير الماضى، ولم يتم إعادته إليها، خصوصا فى ما يتعلق بموضوع الخدمة العسكرية وموضوع تقسيم الدوائر. قرار «الإخوان» جاء أيضا بعد أن رأت قيادتها أن تقديم مشروع قانون انتخابات جديد والموافقة عليه بسرعة ثم الدفع به إلى المحكمة الدستورية سوف يستغرق وقتا أقل مما لو تم الانتظار حتى تبت المحكمة الدستورية فى مدى دستورية القانون، وحسب المحال إليها من القضاء الإدارى. وطبعا يراهن الإخوان على أن مشروع القانون هذا، والذى سيتقدم به محمد طوسون رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، سيمر بسرعة ثم تبت فيه المحكمة فى خلال 45 يوما كأقصى حد، ثم يتم إرساله لرئيس الجمهورية «الإخوانجى» فيوافق عليه ويحيله لمجلس الوزراء بسرعة، لكى يوافق ويبصم عليه هو الآخر لتلافى الاعتراضات التى أبداها القضاء الإدارى فى هذا الصدد. ويراهن الإخوان على أن هذا المسار سوف يستغرق نحو 45 يوما فقط كأقصى حد، وأن هذا أفضل بكثير مما لو تم الانتظار لكى تبت الدستورية فى الحكم المحال إليها من القضاء الإدارى، والذى قد يستغرق 4 أشهر أو أكثر، وبالتالى تتأخر الانتخابات حتى نهاية العام وتفلت الأمور منهم. قرار الإخوان الدفع بمشروع قانون جاء رغم تصريحات عدد من قيادات الإخوان بأنهم يفضلون انتظار أن تبت المحكمة الدستورية فى قانون الانتخابات حسب طلب القضاء الإدارى، وأن الأمر خرج من أيدى مجلس الشورى، وأصبح أمرا خاصا بين القضاء الإدارى والمحكمة الدستورية. ومن قيادات الإخوان التى صرحت بهذا وكيل لجنة الشؤون الدستورية طاهر عبد المحسن. كما كان صبحى صالح ترزى القوانين الإخوانى قد ذكر فى تصريحات صحفية أول من أمس أن الاتجاه الغالب لدى الإخوان وحزبها الحرية والعدالة هو انتظار أن تقوم المحكمة الدستورية بالبت فى دستورية القانون، حسب طلب القضاء الإدارى. إلا أنه فى ما يبدو تم ترجيح كفة اتجاه آخر يدعمه الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى، والذى يرى ضرورة صياغة مشروع قانون جديد، يكون هو نفسه مشروع القانون الذى أحاله المجلس من قبل إلى المحكمة الدستورية، ولكن مع تلافى نقط معينة هى موضوع الخدمة العسكرية وتقسيم الدوائر، علاوة على ملاحظات القضاء الإدارى بضرورة عرض مشروع القانون على مجلس الوزراء، حسب مقتضيات المادة 141 من الدستور. ويرى هذا الفصيل أن هذا سيستغرق وقتا أقصر مما لو تم انتظار بت «الدستورية» فى دستورية القانون وأنه يمكن بعده بسرعة تحديد ميعاد جديد للانتخابات فى شهر أبريل القادم، لا يتأخر كثيرا عن الميعاد الذى كان قد تم تحديده من قبل.
الإخوان تحركوا بسرعة أيضا وقرروا الدفع بمشروع قانون للانتخابات، رغم اعتراضات نواب المعارضة من السلفيين والليبراليين الذين عبَّروا عن تخوفاتهم من لجوء المجلس لهذه السبيل. فمثلا قال محمد محيى الدين، من حزب غد الثورة، أنه يشتَم اتجاها للإسراع بتقديم مشروع قانون جديد للانتخابات، دون أن يكون هناك توافق وطنى عليه، وأن هذا سيثير الرأى العام من جديد، ويؤدى لمزيد من الانقسامات والإصرار على المقاطعة من المعارضة بدلا من انتهاز الوقت المتاح حتى تبت «الدستورية» فى القانون لخلق توافق وطنى جديد عليه.
كما أن هناك شكوكا فى موافقة حزب النور على هذا المسار، وهو الذى حذر من عدم إعادة القانون إلى المحكمة الدستورية وربط مشاركته فى الانتخابات بأن تعطى المحكمة الدستورية قولا فصلا ونهائيا فى دستورية القانون. ولكن السؤال: هل يسمع الإخوان وينصتون بدلا من التعجل وتمرير القوانين على طريقة «اخطف واجرى» مرة أخرى؟
وفى محاولة للالتفاف أحال الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، إلى لجنة الشؤون التشريعية والدستورية الاقتراح بمشروع القانون المقدم من النائب محمد طوسون، لتعديل بعض مواد قانونى مجلس النواب رقم 38 لسنة 1972 وتنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956.
من جانبه أكد المستشار عمر الشريف، مساعد وزير العدل لشؤون التشريع، أن المحكمة الدستورية استبعدت فى حكمها أى استثناءات من أداء الخدمة العسكرية حتى العسكريين، مطالبا بالالتزام بذلك حتى لا نعرض القانون مرة أخرى لعدم الدستورية، وهو الأمر الذى رفضه جانب من أعضاء اللجنة التشريعية، مشيرين إلى أن مُصْدِرى هذه الأحكام هم بشر معرضون للخطأ والصواب. ودعا النواب إلى إرسال المادة المقترحة بشأن الخدمة العسكرية بما اقترحته اللجنة بخصوص الاستثناء من الخدمة العسكرية كما هو، لتفصل فيه «الدستورية» كما ترى.
فى المقابل دعا الدكتور جمال جبريل، إلى إعادة النظر فى قانون الانتخابات بالتفصيل من خلال إعادة النظر فى تعديلات قانونى مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، إضافة إلى مراعاة إعادة تقسيم الدوائر بما يحقق مصلحة الرأى العام.
أما النائب رامى لكح فأكد أن الأنسب انتظار رأى المحكمة الدستورية، محذرا من تنامى ما يثار بالشارع، من أن مجلس الشورى يصدر قوانين معيبة. وقال إن ما يحدث الآن هو عملية «ترقيع» للقوانين.
ومن جانبه أكد الدكتور رمضان بطيخ أن المحكمة الدستورية قد تستغرق وقتا طويلا فى نظر الدعوى المحالة إليها ودعا- تجنبا لهذا الأمد الزمنى الذى قد يمتد طويلا- إلى إعادة النظر فى تعديل قانونى مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية بشكل كامل ليعرض على المحكمة الدستورية كمشروع قانون جديد، إعمالا للرقابة السابقة.