صرحت منظمة العفو الدولية إن الخطوة التي قامت الحكومة المصرية بها مؤخراً تمثل منحدراً جديداً لحرية تكوين الجمعيات، وذلك بعد أن حظرت الحكومة على المنظمات الوطنية غير الحكومية الاتصال مع المنظمات الأجنبية قبل الحصول على تصريح مسبق بهذا الخصوص من الجهات الأمنية. وكانت وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية قد أرسلت كتاباً رسمياً إلى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية، وأوضحت فيه أنه يُحظر على "الكيانات المحلية" إقامة علاقات مع "الكيانات الأجنبية " بأي وسيلة كانت قبل الحصول على تصريح مسبق من "الجهات الأمنية"، وأشارت الوزارة في كتابها إلى تعليمات صادرة بهذا الخصوص عن رئيس الوزراء.
ولقد حصلت منظمة العفو الدولية على نسخة من الكتاب الرسمي. ومن المرجح أن تشمل الصياغة المبهمة المستعملة في الكتاب، والتي تشير إلى "كيانات أجنبية"، كلاً من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، وهيئات الأممالمتحدة وبرامجها.
وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: "تواجه المنظمات غير الحكومية في مصر الكثير من القيود في الوقت الحالي، بيد أن هذه التعليمات الجديدة تشكل منحدراً جديداً".
وأردفت حاج صحراوي القول "إن ذلك يأتي ليكون بمثابة مؤشر مقلق ينذر بما هو أخطر بالنسبة لجماعات حقوق الإنسان في معرض قانون الحكومة الجديد المزمع".
وبموجب التشريعات الحالية، تتضمن العقبات العديدة التي تعاني المنظمات غير الحكومية منها فرض قيود على التسجيل والحصول على التمويل الخارجي. وتُظهر مسودات القوانين الجديدة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية أن القيود سوف تغدو أكثر صرامة – إلى درجة أنها تحد بشكل كبير في بعض الحالات من قدرة المنظمات غير الحكومية على القيام بزيارات لتقصي الحقائق، وغيرها من الأنشطة الضرورية، بالإضافة إلى فرض المزيد من القيود على مسألة التمويل".
وأضافت حسيبة حاج صحراوي قائلةً: "نخشى من أن السلطات تحاول مرة أخرى أن تدفع باتجاه تمرير قانون يخنق المجتمع المدني بغية وقف الانتقادات الموجهة إليها".
ومنذ اندلاع "ثورة 25 يناير" عام 2011، استمرت السلطات المصرية في قمع المنظمات الدولية، وجماعات حقوق الإنسان.
وفي يوليو 2011، أجرت الحكومة المصرية تحقيقاً في التمويل الخارجي الذي تتلقاه المنظمات غير الحكومية، وهو ما أدى إلى سلسلة من المداهمات غير المسبوقة إلى مقار منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية منها في ديسمبر من ذلك العام.
وفي أعقاب تلك المداهمات، أُحيل 43 من موظفي المنظمات الدولية إلى المحاكمة بتهم تتعلق بفتح المكاتب ومزاولة العمل والحصول على تمويل خارجي قبل الحصول على تصريح من السلطات. ولقد حثت منظمة العفو الدولية السلطات على إسقاط تلك التهم.
وتضيف حسيبة حاج صحراوي قائلةً: "يتعين على السلطات أن تتوقف عن استخدام منظمات المجتمع المدني المستقلة ككبش فداء لصرف الأنظار عما تعانيه مصر من متاعب". وأردفت القول: "إن حظر الاتصال بالكيانات الأجنبية يعيد إلى الأذهان ممارسات حقبة مبارك، التي تعهد الرئيس الحالي بالابتعاد عنها".
واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلةً: "نحث السلطات المصرية على ضمان أن يكون أي قانون يحل محل قانون المنظمات غير الحكومية متسقاً وأحكام القانون الدولي، ويحترم الحق في حرية التعبير عن الرأي، وحرية تكوين الجمعيات، وأن يكون نتاجاً لمشاورات شفافة مع منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية".
ولقد وُجهت انتقادات إلى الحكومة المصرية مؤخراً بسبب مسودة قانون جديد يحد من حرية التجمع، وسط تقارير تحدثت عن قرب صدور قوانين تحوي المزيد من القيود.
ولقد رفضت الحكومة في السنة الماضية أن تمنح المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تصريحاً للعمل على مشروع يُعنى بحرية تكوين الجمعيات.