تستقبل وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية العام الجديد بالعمل على قدم وساق للانتهاء من مسودات لقوانين الجمعيات الأهلية والإعفاء من غرامات تأخير سداد الاشتراكات التأمينية بالاضافة إلى التأمينات ، ومن بين هذه القوانين ما أثار جدلا واسعا كالجمعيات الأهلية والتأمينات ومنها ما لم يحظ بنفس القدر من الاهتمام مثل الإعفاء من غرامات التأخير والذى مر دون تعليق عليه سوى من الوزارة. ويعد مشروع القانون الجديد للجمعيات لتعديل القانون رقم 84 لسنة 2002 هو الأكثر جدلا وزخما إعلاميا وانقسم المهتمون به إلى فريقين الأول يؤيد مشروع القانون وهم تيار الاسلام السياسى وعدد كبير من الجمعيات العاملة فى المجال التنموى ، فى حين ضم الفريق المعارض رؤساء والعاملين بمنظمات المجتمع المدني بالاضافة إلى بعض نواب مجلس الشعب المنحل وحاليا أعضاء بجبهة الانقاذ وبعض الاحزاب الليبرالية.
وأوضح الدكتور محمد الدمرداش نائب رئيس مجلس الدولة والمستشار القانونى للوزارة أن مشروع القانون يتضمن إنشاء الجمعيات والمؤسسات الاهلية بالإخطار ، وأن يكون القضاء الإدارى هو المختص بالفصل فى المنازعات بين جهة الإدارة والمنظمات ، وأن يراقب الجهاز المركزى للمحاسبات ميزانيات الجمعيات والمنظمات ، بالاضافة إلى عدم السماح بوجود فروع لمنظمات دولية في مصر دون حصولها على ترخيص للعمل، يسبق فتحها لفروع لها بمصر .
ويحسب لفريق المعارضين أنه كان الأعلى صوتا واستطاع بالفعل احداث ضجيج حول مشروع القانون ، الأمر الذى حدا بالوزارة إلى تنظيم عدة حلقات نقاشية حول مشروع القانون ، ودعوة العاملين بالمنظمات للحضور إلا أن أغلبهم رفض وأصر على حضور ممثل من الوزارة للندوات التى نظموها بمقر منظماتهم أو بالفنادق الكبرى ، وهو ما امتثلت إليه الوزارة رغبة فى إنهاء حالة من الجدل حول مشروع هذا القانون .
ورغم كل محاولات التقارب والاتفاق على مشروع موحد للوزارة والعاملين بالقطاع الاهلي إلا أن جميعها باءت بالفضل خاصة بعد إتجاه عدد من أشهر منظمات المجتمع المدنى المصرية إلى شكوى الحكومة المصرية المتمثلة فى وزارة الشئون الاجتماعية إلى المنظمات الدولية ومنها مفوض الاممالمتحدة لحقوق الانسان وعدد آخر وإرفاق الشكوى بنص من مشروع قانون الوزارة فى صورته الأولى قبل تعديله، ووصفته الوزارة بأنه متعمد ، وهو ما دفع بعض هذه المنظمات الى إصدار بيانات منددة بمصر وإرسالها خطابات بلهجة وصفتها وزارة الشئون بالتدخل السافر فى الشأن الداخلي خاصة بعد طلبهم عقد جلسات مع الوزارة للاستماع لوجهة نظرهم فى مشروع القانون والتحقيق فى شكوى المنظمات.
وتواجه الحكومة تحديا حقيقيا على طريق إقرار المشروع وهو إعلان الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء منذ أكثر من شهرين عن تكليفه لمركز العقد الاجتماعي بعقد 3 جلسات حوارية تضم جميع الاطراف لمناقشة مشروع القانون، وحتى الآن لم تعقد جلسة واحدة، وذلك فى الوقت الذى تضغط فيه القوى السياسية لسرعة إقرار مشروع القانون لتوفيق أوضاع جماعة الاخوان المسلمين والتى صرحت بذلك كثيرا .
كما تواجه الحكومة تحديا آخر وهو ارتفاع سقف مطالب المنظمات ليصل إلى المطالبة بألا يقل قانون الجمعيات المصرى عن نظيره التونسى الذى وصفوه بأنه يتبع المعايير الدولية التى انتقدت مصر وتونس عالميا بسبب تجاهلها طوال السنوات الماضية لعدم التزامها بها .
ويقضى القانون التونسى باتباع الجمعيات والمنظمات والمؤسسات الحقوقية لنظام إخطار الحكومة فى كل ما يتعلق بشئونها سواء فى تلقى التمويل او ممارسة أنشطتها ، ولا يمنح للحكومة أي سلطة على الجمعيات ، ويطالبها فقط بالاعلان عن أنشطتها وميزانيتها من خلال موقعها الالكترونى ووسائل الاعلام دون أدنى تدخل من الحكومة ، ومنعها من ممارسة أى إجراء ضد الجمعية إلا عن طريق القضاء ، مع ممارسة الجمعيات لانشطتها بشكل عادى أثناء مراحل التقاضى .
وفيما يتعلق بالمنظمات الأجنبية العاملة داخل البلاد ، ينص القانون على الحق لهذه المنظمات بإخطار الحكومة برغبتها فى العمل على الاراضى التونسية ، وفى حالة عدم تلقيها ردا خلال 7 أيام ، تعتبر المنظمة مسجلة وفقا للقانون وتستطيع البدء فى ممارسة نشاطها .
وفيما يتعلق بتمويل المنظمات والاستثمار ، ينص على السماح للجمعيات بتلقى الدعم المادى من داخل او خارج تونس بدون قيود ، وتستطيع الجمعية الاستثمار بشرط عدم السعى للربح أو أن توزع عائدات الاستثمار على المؤسسين .
ووصف المستشار القانوني لوزارة التأمينات والشئون الإجتماعية الدكتور محمد الدمرداش مطالب الحقوقيين بأنها غير مناسبة للحالة المصرية خاصة أن التاريخ والوضع الحالى يثبت أن المتربصين بمصر كثيرون ، وهو ما جعل لزاما على الدولة أن تحصن المجتمع ضد أى محاولات لاختراق مصر قد تتم عن بعض المنظمات الدخيلة على المجتمع وتشوه صورة المجتمع المدنى المصرى .
وأشار إلى أن التحصين الذى يمكن ان تتخذه الحكومة هو إقرار قانون ينظم عمل الجمعيات الاهلية وكذلك المنظمات الاجنبية العاملة على الاراضى المصرية .
ومن مشروع قانون الجمعيات الأكثر جدلا إلى مشروع قانون الإعفاء من غرامات تأخير سداد الاشتراكات التأمينية، حيث أوضحت ثريا فتوح رئيس صندوق العاملين بقطاعي الأعمال العام والخاص إنه تم إحالة مشروع قانون الإعفاء الذي قدمته وزارة التأمينات والشئون الإجتماعية لإعفاء المنشآت والمؤمَّن عليهم من غرامات تأخير سداد الاشتراكات التأمينية إلى مجلس الشورى تمهيدا لإقراره، بعد أن تمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء بعد مناقشته على مدار الأسبوعين الماضيين.
وأضافت أنه تم تقديم مشروع القانون مراعاة للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد التي أثرت سلبيا على العديد من قطاعات الدولة فى مجالاتها المختلفة، خاصة قطاعا الأعمال العام والخاص .
ونص المشروع على أن "يعفى أصحاب الأعمال والمؤمَّن عليهم من المبالغ الإضافية المستحقة عليهم، وذلك عن الاشتراكات والأقساط خلال المدة من 1 فبراير 2011 حتى 30 نوفمبر 2012 وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وقانون التأمين الاجتماعى على أصحاب الأعمال ومن فى حكمهم الصادر بالقانون رقم 108 لسنة 1976، وقانون التأمين الاجتماعى على العاملين المصريين بالخارج الصادر بالقانون رقم 50 لسنة 1978، على أن يكون الإعفاء من هذه المبالغ وفقا لنسب محددة".
وجاءت تلك النسب كالتالى: 100% من قيمة المبالغ الإضافية إذا تم سداد أصل المبالغ المستحقة بالكامل فى موعد غايته 31 مايو 2013، و75% من قيمة المبالغ الإضافية إذا تم سداد أصل المبالغ المستحقة بالكامل خلال المدة من 1 يونيو 2013 حتى 31 أغسطس 2013، و50% من قيمة المبالغ الإضافية إذا تم سداد أصل المبالغ المستحقة بالكامل خلال المدة من 1 سبتمبر 2013 حتى 30 نوفمبر 2013".
وأخيرا .. مسودة قانون التأمينات الجديد لتعديل قانون التأمينات رقم 79 لسنة 1975 ، وتضمن توسيع نطاق سريان أحكام القانون بما يسمح بسريانه علي افراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلا ومد الحماية التأمينية للعاملين بالجهاز الاداري للدولة الذين يحصلون علي اجازات خاصة بدون أجر لغير العمل ثم يلتحقون بالعمل خلال تلك الاجازة في القطاع الخاص وذلك عن طريق تقدير ان العمل الذي يلتحقون به في حكم العمل الاصلي من جهة العمل الاصلية.
وتضمن أيضا منح الحق للمؤمن عليه أو المستحقين في تقسيم مدة اشتراكه في التأمين عن الاجر الاساسي الي مدد منفصلة في حالة تفاوت الاجور التي أديت عنها الاشتراكات خلال تلك المدد، بالاضافة إلى منح ميزة للحالات التي تبلغ سن التقاعد في حساب معاش الأجر المتغير علي اساس مدة الاشتراك في الاجر الاساسي والتي تزيد علي الاجر المتغير التي كان يتم الحساب عليها قبل ذلك .
كما نص على إتاحة الفرصة للمؤمن عليهم في طلب حساب أي مدد ضمن مدة اشتراكهم في نظام التأمين الاجتماعي وهو ما من شأنه تحسين معاشاتهم ، والحق في الجمع بين الحقوق المقررة في قانون التأمين والمعاشات للقوات المسلحة وقانون التأمين الاجتماعي بدون حد اقصي وذلك للمستحقين عن المجند أو المستبقي أو المستدعي أو المكلف الذي تنتهي خدمته العسكرية بالوفاة ، ويتم صرف مجموع المعاشين من ادارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة.
ومميزات كثيرة ضمنها مشروع القانون الجديد منها زيادة حدود الجمع بين المعاشات وحدود الجمع بين المعاش والدخل الي 200 جنيه بدلا من 100 جنيه وزيادة الحد الادني لقيمة المنحة التي تستحق في حالة زواج البنت أو الاخت أو قطع معاش الابن أو الاخ من 200 جنيه الي 500 جنيه واضفاء الحماية اللازمة علي المبالغ التي يقتطعها صاحب العمل من أجور المؤمن عليه وذلك باعتبارها مودعة لديه علي سبيل الأمانة.
ورفضت بعض روابط أصحاب المعاشات مشروع قانون الوزارة لانه لم يتضمن آلية محددة لاسترداد مديونيات التأمينات من وزارة المالية ، كما لم يتضمن زيادة عادلة للمعاشات ولم يحدد أيضا الجهة المنوط بها صرف الزيادة التى تقر على المعاشات .
وتعول الوزارة كثيرا على تفهم أعضاء مجلس الشورى لموقفها فى مشروعات القوانين التى ستقدمها ، بينما يعول المعارضون على عدم اعترافهم بحق المجلس فى التشريع وبالتالى مناهضتهم لكافة القوانين الصادرة عنه - على حد تصريحاتهم - .