عزة أبو الأنوار كانت إسبانيا أكبر مركز غربي لنشر الإسلام في تلك المنطقة، فلما سقطت مرة أخرى من حكم العرب وانتهكوا مساجدها ولم يحترموا المعاهدات الدينية، أطلق عليها العرب اسم الفردوس المفقود، حيث كانوا يرونها جنة الإسلام على الأرض.
إسبانيا على الخريطة تقع مدينة "شروق الشمس" جنوب غرب أوروبا في شبة جزيرة أيبيريا، يحدها من الجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال فرنسا وفي الغرب والشمال الغربي المحيط الأطلسي والبرتغال.
المسلمون في إسبانيا انتشر الإسلام سريعا في إسبانيا للتشابه الطبيعي بين الجزيرة الأيبيرية والجزيرة العربية، فقد غزا المسلمون شبه الجزيرة سنة 711 ميلادية ولم يمض 30 عاما إلا وقد انتشر الإسلام في جميع ربوع أيبيريا، واستوطن المسلمون العرب البلاد، ونطقت إسبانيا وخصوصا إقليم الأندلس بالحضارة العربية.
سقطت غرناطة سنة 1492 ميلادية وتوالى بعدها سقوط المدن الإسبانية، ونقض الأسبان معاهداتهم مع المسلمين باحترام الأديان، فحاكموا المسلمين وأعدموا الكثير منهم حرقا، مما اضطرهم إلى إخفاء عقيدتهم، واستمر ذلك ثلاثة قرون، حتى أمرت السلطة بطردهم من البلاد سنة 1610 ميلادية، ولم يبق هناك غير نسبة قليلة منهم لم تصل إلى 4% من السكان، أي قرابة 1.2 مليون نسمة.
إسبانيا في رمضان لشهر رمضان طابع خاص في إسبانيا، فقد اعتاد المسلمون هناك -وخصوصا في المدن ذات الطابع العربي مثل مدريد وجزر الكناري وغيرهما- على الحلقات العلمية والاجتماعية في المساجد والمراكز الإسلامية العربية مثل "المركز الإسباني المغربي"، الذي اشتهر هناك بتنظيم الليالي الرمضانية وحفلات الإفطار الجماعي ومحاضرات حول الصوم.
بدأت مؤخرا السلطات الإسبانية تنتبه لأحوال المسلمين الأسبان وتوليهم شيئا من الاهتمام، فاهتم الإعلام الإسباني بالاحتفالات الرمضانية، وبدأت التقارير الإخبارية والتحقيقات الصحفية تتناول استقبال المسلمين للشهر الكريم، وطرق الاحتفال والطقوس الخاصة بكل مدينة.
وبعد أن عقدت اتفاقية بين الحكومة واللجنة الإسلامية الإسبانية لمنح المسلمين إجازة يوم الجمعة من كل أسبوع لتأدية شعائرهم الدينية، تقدموا الآن بطلب لإنهاء العمل في شهر رمضان قبل الغروب بساعة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه كان هناك ارتباك ولغط في إعلان رؤية شهر رمضان لعدم تنسيق الهيئات الإسلامية في استطلاع الهلال وإعلان الرؤية، ما أدى إلى تخبط ملحوظ بين المواطنين في بدء الصيام، ولكن قبل ثلاث سنوات مضت بدأت الهيئات الإسلامية التنسيق بينها في هذا الأمر وتوحيد إعلان رؤية هلال الشهر المعظّم.
ولعدم توافر مساحات واسعة لإقامة الصلوات خصصت بعض البلديات مثل بلدية "لريدا" مكانا يُغلَق للمسلمين لتأدية صلاة التراويح فيه، نظرا لازدياد عدد المصلين. كما أن بلدية "فيجيراس" قد سلّمت الجالية الإسلامية ثكنة عسكرية فترة الشهر الكريم، لإقامة شعائرهم الدينية فيه وخصوصا صلاة التراويح.
يعاني الأسبان نوعا ما في ساعات الصيام لجفاف الجو، فرغم أن درجات الحرارة قد لا تتجاوز 25 درجة سيليزية، لكن جفاف الجو قد يصل إلى اندلاع الحرائق في الغابات صيفا، كما أن ساعات الصيام ربما تصل إلى 17 ساعة.
لا ريب في أن إسبانيا هي بوابة الإسلام في أوروبا، وهي أمل التعايش مع الآخر وتعريف الغرب بالإسلام، فيكفي أن بها الفردوس المفقود "الأندلس"، وذلك على الرغم من أن تعداد المسلمين فيها لم يصل إلى 4% من السكان.