خسائر بمنازل قرية شطورة بسوهاج بسبب ضعف الكهرباء.. والأهالي يستغيثون    ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق المحلية اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولًا بأول عقب العملية العسكرية الإسرائيلية على إيران    التلفزيون الإيراني: طهران لن تشارك في المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة    "الجارديان": الهجوم الإسرائيلي على إيران يضع الشرق الأوسط على منزلق الفوضى    أول فيديو ل«مسيرات إيران» قبل وصولها إلى إسرائيل    الأهلي يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    وكالة إيرانية: وفاة علي شمخاني مستشار خامنئي متأثرا بإصابته في الهجوم الإسرائيلي    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    زيادة تجاوزت 800 جنيه.. قفزة كبيرة في أسعار الحديد والأسمنت الجمعة 13 يونيو 2025    مونديال الأندية 2025.. 26 بطلًا للعالم يتألقون في سماء أمريكا    مجلس النواب يناقش الموازنة العامة للدولة (2025/ 2026) الأسبوع المقبل    بعد مقتله.. من هو الجنرال غلام علي رشيد نائب رئيس الأركان الإيراني؟    طقس اليوم: شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمى في القاهرة 38    هشام ماجد يهنئ محمد دياب وصنّاع «هابي بيرث داي» بعد فوزه في مهرجان تريبيكا    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 13-6-2025 بعد الانخفاض الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    «جدتي كانت بتولع جنبي».. نص أقوال طالبة طب في حادث طريق الواحات قبل وفاتها (خاص)    توك شو المونديال... أبرز تصريحات محمد هاني قبل مباراة إنتر ميامي    نجوم الفن في حفل زفاف منة القيعي ويوسف حشيش وأحمد سعد يشعل الأجواء (صور)    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    النفط يقفز بأكثر من 5% بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران    هيونداي تشوق محبيها بسيارة أيونيك 6 N موديل 2026.. دفع رباعي بقوة 641 حصانًا    «الاتفاق أفوت لك ماتش».. العدل ينتقد القرار المنتظر بشأن بيراميدز    محمد شريف يصدم بيراميدز بهذا القرار (تفاصيل)    وكالة أنباء تسنيم الإيرانية: فرض قيود على حركة الطائرات في مطار العاصمة    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    تغطية خاصة| إسرائيل تبدأ الحرب على إيران    تسريب أسطوانة أكسجين.. الكشف عن سبب حريق مركز طبي بالمنيا (تفاصيل)    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو التحرش بالأطفال في بورسعيد    مصرع شابين دهسًا أسفل عجلات قطار في قنا    وزير: فحوصات الحمض النووي ضرورية لتحديد ضحايا تحطم الطائرة الهندية    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    محمود الليثي يواصل تصدره للمشهد الغنائي.. ويحتفل بعيد ميلاده برسائل حب من النجوم    الاستماع لشكاوى المواطنين بقرى بئر العبد بشأن انتظام وصول المياه    الأرجنتين تحقق في 38 حالة وفاة مرتبطة بالعلاج بمادة الفنتانيل الملوثة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    100% ل 3 طلاب.. إعلان أوائل الابتدائية الأزهرية بأسيوط    طريقة عمل الكوارع، بمذاق مميز ولا يقاوم    رحلة ساحرة في تاريخ روسيا تكشف تراثها الإبداعي على المسرح الكبير    محامي عروسين الشرقية يكشف مفاجأة    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    «بيطلع عيني».. تعليق مثير من كوكا بشأن مشاركته بدلاً من علي معلول    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تدريب على الإنعاش القلبي الرئوي الأساسي (BLS) وفقًا لمعايير جمعية القلب الأمريكية AHA    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    الآلاف يشيعون جثمان تاجر الذهب أحمد المسلماني ضحية غدر الصحاب في البحيرة (فيديو وصور)    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن في بداية تعاملات الجمعة 13 يونيو 2025    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    شاهد، لحظة تتويج سيراميكا كلوباترا ببطولة كأس الرابطة للمرة الثالثة    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 برقم الجلوس محافظة الغربية (فور إعلان الرابط)    «غدروا بيه».. جنازة «أحمد المسلماني» تاجر الذهب في البحيرة (صور)    قمة شباب بريكس للطاقة: دعوة لتحول عادل وشامل بقيادة الأجيال الشابة    محافظ قنا يناقش تحديات القطاع الصحي ويضع آليات للنهوض بالخدمات الطبية    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    ملك زاهر توجه رسالة مؤثرة من داخل المستشفى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريج وليس معك واسطة؟ الحل في "البلّاعة"
نشر في بص وطل يوم 08 - 03 - 2010

شاب بسيط من محافظة قنا، درس واجتهد والتحق بكلية الآثار، قسم آثار إسلامية، لم يكتفِ بهذا بل تفوّق، وكان من أوائل دفعته، وخرج إلى الحياة العملية ليبدأ حياته، بالتأكيد كان يحلم بوظيفة جيدة، ربما بإحدى هيئات الآثار، أو كمفتش للآثار الإسلامية، بل ربما حالفه الحظ فيعين في الجامعة معيدا يُدرّس المواد التي اجتهد وتوفق فيها.. ولكن وجد كافة الأبواب موصدة في طريقه، بينما أسرته بانتظاره كي يعولها يومًا بعد أن أنفقت عليه أقصى ما بوسعها لتعلمه، ولكن ها هو لا يستطيع حتى أن يعول نفسه..
ولكن الشاب لم يستسلم عند هذا الحد، فخلع بدلة مفتش الآثار التي لم يرتدِها، وارتدى بدلا منها أفرول العمل، ليس أي أفرول، إنه أفرول عامل المجاري، لقد دار الشاب على بالوعات المدينة المنسدّة، ليقوم بتسليكها، هبط في الماء المليء بالقاذورات، وغاص بين الروائح الكريهة، ونسي أنه يحمل شهادة جامعية، مزّقها في قلبه وعقله كي يعيش.. حتى مر عليه مصادفة صحفي ومقدم برنامج اجتماعي شهير ليرى هذا الحال المُزري الذي يعيش فيه، وسأله مندهشًا: كيف لحامل شهادة عُليا وطالب مجتهد ألا يجد عملا سوى هذا العمل؟!
هنا فقط ظهر المسئولون فجأة، هنا فقط ظهر ذوو القلوب الرحيمة، هنا فقط اكتشفت هيئة الآثار أن هناك وظائف خالية يمكن لإحداها أن تستوعب ذاك الشاب المجتهد، هنا فقط تدخل السيد زاهي حواس شخصيًا حتى وضع الشاب في مكانه الطبيعي الذي يستحقه..
إن ما حصل عليه ذاك الشاب كان يستحق الحصول عليه بدون كاميرات البرامج التليفزيونية، كان يستحقه بشكل روتيني ودون تدخل من أحد.
حال ذاك الشاب هو حال أغلب شباب مصر الذي يدخل الجامعة ليدرس، فيتخرج، ويحلُم بأن يكمل المسار الطبيعي المفترض لحياة أي شاب، أن يعمل ليطبق ما درسه ويبدأ حياته.. ولكن لا شيء من الأحلام يتحقق، قد لا يعمل في بالوعات المجاري، ولكنه لا يعمل في ذات المجال الذي درسه..
رغم عدم وجود إحصائيات موثقة لدى مركز التعبئة والإحصاء عن الشباب العاملين في وظائف لا علاقة لها بتخصصهم، فإن المركز قام بدراسة محدودة لتكون عينة ممثلة عن باقي التخصصات، أحصى بها نسبة الشباب الخريجين من كليات عملية تؤهلهم للعمل في المجال البحثي، ولكنهم يعملون في تخصصات بعيدة تمامًا عن تخصصهم حتى لو كان هذا التخصص نادراً ومطلوباً عالميًا، فوجد أن نسبة 49% من الباحثين الشباب يعملون في أعمال أخرى ليس لها أدنى علاقة بمجال تخصصهم، ووجد أن هؤلاء الشباب يقبلون بمثل هذه الوظائف وبالتخلي على أحلامهم بتطبيق ما درسوه، لسبب من اثنين: إما توفير التمويل اللازم لأبحاثهم، أو للحاجة والعوز المادي كي يستطيعوا أن يكفوا حاجات أنفسهم وأسرهم.
وليس شباب الباحثين ولا طلاب الآثار بكل تأكيد استثناءً، بل الاستثناء الحقيقي هو أن تجد شابا يعمل في مجال تخصصه.. والأمثلة أكثر من أن تُعد..
لمياء.. (26 عاماً)، خريجة كلية آداب قسم لغة فرنسية، تخرجت وهي تتوقع أن اللغة ستفتح لها أفاقا واسعة، فاكتشفت أن دارسي اللغات "مافيش أكثر منهم" كما كان تعبيرها، تنقلت لمياء على الأعمال المختلفة واحدا تلو الآخر، فمرة بائعة في محل ملابس، وأخرى نادلة في أحد الفنادق، وثالثة تغسل شعور النساء من الطبقات الراقية في أحد محال الكوافير الشهيرة، حتى استقر بها الحال في أحد مطاعم الوجبات السريعة، تتساءل لمياء: "لماذا درست كل هذا السنوات؟ لماذا حَملت أسرتي مصاريف دراسة وجامعة ودروس خصوصية، من أجل العمل في مطعم؟ وهل يحتاج العمل في مطعم ليسانس في اللغة الفرنسية؟؟".
ولاء مصطفى (29 عاماً) خريجة كلية زراعة وتخصصت في الكيمياء الحيوية وأجرت دراسات عُليا في تخصص دقيق في الكيمياء، تخرجت من أوائل دفعتها، لذا قررت الحكومة مكافأتها وتعيينها طبقًا لخطة تعيين العشرين الأوائل.
أين عينت ولاء؟! في هيئة نظافة وتجميل القاهرة..
تسأل ولاء غاضبة: "هل هذا هو التكريم الذي حظيت عليه لتفوقي؟! هل هذا هو حلمي الذي عشته سنوات بأن أعمل في تخصص كهذا أعشقه، فأجد نفسي أقف في حديقة عامة بالشارع 8 ساعات يوميًا، ومعي عدة عمال بالأجرة، وبدون أي وسائل مساعدة حتى من الآلات وأجهزة، سوى عربة جمع القمامة، لأقوم بتجميل القاهرة؟!!".
مالك عبد الله (25 عاماً) كان أكثر جموحًا، حصل على مجموع كبير في الثانوية العامة والتحق بكلية الطب، وبعد عامين اكتشف أن مصاريف الكلية ومتطلباتها كي يتخرج طبيبا ناجحا تفوق قدراته كثيرًا، وكما يقول مالك:
"قمت بعمل حسبة بسيطة على ما سوف أنفقه لأحصل على شهادة الطب، ثم ما سأنفقه لأحصل على الدراسات العُليا لأستطيع أن أفتتح عيادة خاصة بي -هذا لو وجدت ما أستطيع فتحها به- وخلال هذا الوقت سأحظى بتكليف في أبعد بقاع الأرض بالتأكيد -لأنني لا أملك واسطة مناسبة- سأنفق به هو أيضًا أكثر مما سأحصل عليه من راتب، كي أستطيع أن أعيش حياة آدمية، فوجدت أن هذه حسبة خاسرة، فبمبلغ بسيط مما كنت سأدفعه في كل ذلك افتتحت محلا لبيع إكسسوارات المحمول، وأعيش حياتي كأفضل ما يكون، وهو غالبًا ما كنت سأضطر لفعله أيضًا في النهاية بعدما تضيق بي السبل بسبب الراتب الحكومي الضعيف الذي كنت سأحصل عليه بعد طول معاناة، لذا لقد اختصرت الطريق، واختصرت المصاريف، وسلكت الطريق الأكثر واقعية منذ البداية".
أما مروة محمد فهمي (28 عاماً) خريجة كلية تربية قسم رياضيات، فتقول..
"أشعر إنني خُدعت، فلقد تنازلت عن المجموع الكبير الذي يتيح لي إحدى كليات القمة؛ كي أدخل كلية التربية؛ وذلك كي أعمل في تخصصي وفيما أحب، ثم صدر قرار بوقف تعيينات طلبة التربية، فتخرجت لأجد نفسي بلا عمل، أدور على المدارس لأستجدي وظيفة فأُرفض تارة، وأُقبل أخرى كمدرسة مؤقتة، بلا عقد، ليتم الاستغناء عني بعد عدة فصول دراسية، لأكتشف أنني كنت أعيش وهما عندما تخيلت أنه يمكن أن أعمل فيما أحب، أو أن أصدق وعدا أو خطة قدمتها الحكومة، فكل شيء في بلدنا قابل للإلغاء والتغيير بلا أي مبرر".
وتعمل مروة الآن في مكتب نسخ كومبيوتر، بدلاً من البقاء في المنزل بلا أي عمل أو تسلية، ولتحصل على مصروف يدها على الأقل كما أكدت هي.

والحقيقة أنها ليست فقط كليات التربية التي أوقف تعيين خريجيها، بل إن الشائعات تدور حول وقف تعيينات المعيدين في الجامعات الحكومية، وحتى تعيين الأطباء تحوم حوله الأقاويل من شد وجذب، لتكتمل الحلقة حول الشباب، وتنتهي حتى المهن القليلة التي كان أصحابها يضمنون عملهم في تخصصهم بعد التخرج..
والمشكلة أن كل هؤلاء الشباب عبر طول مصر وعرضها لا يضمنون أن يصادفوا مذيعا متحمسا يستطيع أن يجد لهم واسطة، يخرجهم بها من بالوعات المجاري ليضعهم في أماكنهم المناسبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.