شاهدت إعلانا بالصدفة على إحدى قنوات النيل عن الأزمة المرورية وأسبابها وأن كل شخص ينقد غيره لفعل ما ارتكبه في الطريق وتسبب في تعطيل حركة سير المرور، نجد أن هذا الشخص المنتقد نفسه يفعل فعلا آخر، فتلك سيدة تنتقد من يتكلم في الموبايل أثناء القيادة ثم تقف هي صف ثاني، وهذا يشتم تلك السيدة لوقوفها المفاجئ، ثم يكسر الإشارة ويتسبب في حادثة وهكذا. ضحكت كثيرا لأن هذا ما يحدث بالفعل في شوارعنا فكلنا نخطئ لغياب القانون ولأن الدنيا "هيصة" ومفيش كبير يحكمنا، وأجد أن نفس الحال بالضبط ينطبق على توجهات الرئاسة لحل مشاكل الدولة وتوجهات المعارضة لحل نفس المشاكل.. فبداية وقبل وصول الإخوان للحكم صدعوا رؤوسنا بأن الإسلام هو الحل وأن أمريكا العدو الأكبر وإسرائيل الشيطان المريد وأن تطبيق الشريعة سيأتي بكل الحلول السحرية لكل مشاكلنا العصرية ثم تجدهم يمدون أيديهم للخارج بمسلميه ومسيحييه وبوذييه ثم لا يقبلون أي نقد للرئاسة على كل شيء يحدث في البلد متحججين دائما بأن التركة ثقيلة وبأن الرئيس لا يمكن أن يكون مسئولا عن كل شيء ويتجاهل المتغنون بالإسلام قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لو عثرت ناقة في بغداد لسئل عمر عنها" أي أن حاكم الأمة مسئول عن كل ما يدور في الأمة لأنه مسئول عن اختيار معاونيه وأصحاب المراكز وأصحاب القرار وإذا أجاد أجادوا وإذا أخطأ أخطئوا. لكني أندهش أكثر من استعانة المعارضة بالخارج فمن يناشد الخارجية الأمريكية ومن يناشد رئيس القضاء الدولي لحل الأزمات المختلفة والاستعانة بأمريكا والمنظمات الدولية على الإخوان ناسين أو متناسين أن تلك الدول والمنظمات لن تتدخل إلا إذا كان لديها مصلحة في هذا التدخل وأنه سيعود عليها بعشرة أضعاف ما ستقدمه. ثم تزداد الدهشة قوة من ردود الأفعال الأمريكية والغربية على الدعوات المتكررة التي توجه إليهم بالتدخل حيث لا أجدهم يهرعون للتنفيذ مثلما كنا نتوقع وأنهم يتدخلون في الصغيرة قبل الكبيرة حتى تكون مصر دائما في أيديهم بالطبع لمكانتها الاستراتيجية وحدودها مع إسرائيل وغيره من حجج سمعناها طوال سنوات فهل كانت الأوامر الأمريكية تملى على القيادة المصرية في زمن مبارك فقط ثم وبقدرة قادر ترفعوا عن التدخل أم أن هذا التدخل كان شيئا خياليا أوهمتنا به المعارضة حينذاك والتي كان الإخوان جزءا أصيلا منها.. حقيقة لا أعرف؟ لكن كل ما أعرفه وما أتأكد منه أننا لا نتعلم أبدا من الماضي وإذا جاءت المعارضة للحكم ستخطئ نفس الأخطاء التي نلوم الإخوان عليها الآن لأنه ببساطة لا يوجد كبير يحكمنا لا دين ولا قانون وكل واحد فاكر نفسه صح ومتفرغ تماما لنقد الباقين وتصيد أخطائهم واكتشاف عيوبهم فالرئاسة تصب غضبها على المعارضة وأنها لا تفعل شيئا سوى أن توقف الأمور السايرة والمعارضة تنقد الحكومة وتتهمها باضطهاد المعارضة مثل النظام السابق لكن اللوم كل اللوم دائما سيقع على رأس من يحكم لأن له الكلمة العليا وبيده مقاليد الأمور وهو المسئول وهو من سيحاسب على أي تقصير في البلاد وفي حقوق العباد. فيا إخوان يا من تقولون على أنفسكم مسلمين وترفعون الإسلام شعارا وتدّعون الدين منهجا فإما تنجحوا في تطبيق قواعد الشريعة يا إما تسعوا لوضع قانون مدني فعّال يطبق على الجميع وبهذا فقط سيكتب اسمكم بحروف من نور في التاريخ على اعتبار وضع قانون صارم يمشي على الجميع بمعارضيه وحكامه ولا يتغير وفقا للأهواء وإما استعدوا ليلقي التاريخ بكم في مزبلته مع من حكموا فظلموا فتم إعدامهم رميا بالرصاص.