سارة عبد الخالق هل مشروع تنمية محور قناة السويس يُعدّ مشروعا إخوانيا؟! هل تُحاول الحكومة حفظ ماء وجهها أمام الشعب المصري؛ خصوصا بعد التردّي الاقتصادي الذي نعيشه الآن؟! هل هذا المشروع سيجعل من إقليم القناة منطقة خارج السيادة المصرية؟! وهل...؟! وهل...؟! أسئلة وانتقادات كثيرة مطروحة على الساحة الآن حول مشروع تنمية محور قناة السويس الذي تتبنّاه الحكومة المصرية في هذا التوقيت، لذلك حاولتً أن أطرح للقارئ العزيز بعضا من الانتقادات المثارة التي يتمّ تداولها في الوسائل الإعلامية المختلفة حول هذا المشروع؛ ولعل مِن أبرزها: أولا: يرى البعض أن حكومة الدكتور هشام قنديل -رئيس مجلس الوزراء- لا تُقدّم للشعب المصري إلا الوهم، وما يُثار حول هذا المشروع ما هو إلا تصوّرات، ولا توجد خطط ورؤى واضحة للتنفيذ على أرض الواقع. ثانيا: أن المشروع قديم وليس مشروعا نهضويا جديدا أو إنجازا يُضاف إلى رصيد الرئيس الحالي محمد مرسي؛ خصوصا أن كل الخرائط الخاصة بالمشروع هي خرائط قديمة تمّ طرحها في أثناء تولّي المهندس حسب الله الكفراوي حقيبة وزارة الإسكان في ظلّ عصر النظام السابق، وهذه الخرائط لم تكن كاملة لمحور القناة، بل هي خرائط منفصلة لكل جزء على حدة دون رؤية شاملة للمحور ككل. ثالثا: لا يوجد قانون محدّد واضح حول تنظيم عملية الاستثمار بالمنطقة، وهو ما يُهدّد الأمن القومي للبلاد في حالة إذا تملّك غير المصريين، وبالتالي سيجعل هذا المشروع من إقليم القناة منطقة خارج سيادة الدولة المصرية. رابعا: لم يُوضّح رئيس الحكومة في المؤتمر الدولي الأول لمشروع تنمية محور قناة السويس -الذي عُقِد منذ عدة أيام- الآليات التي سوف تُتبع مع المتعاقدين للعمل بالمشروع. خامسا: أبدى البعض قلقهم مِن مسوّدة القانون الخاصة بالمشروع، موجّهين انتقادات عديدة تتعلّق ببيع أراضي القناة لجهات محدّدة؛ منها دولة قطر. سادسا: مشروع القانون سيمنح الهيئة -التي تُدير المشروع- سلطات غير مسبوقة، وينصّ المشروع على أن يتمّ إنشاء هيئة تابعة لرئيس الجمهورية تُدير شئون الإقليم، وتحدّد نطاقه الجغرافي، ونظم الاستثمار والتملّك داخله، وهذا ما دفع إلى إقامة دعوى قضائية تُطالب بإصدار حكم قضائي بوقف عرض مشروع قانون تنمية محور قناة السويس على مجلس الشورى؛ نظرا لأن المجلس الحالي ما هو إلا مجلس استثنائي يقوم بشكل مؤقت بالتشريع لحين انعقاد مجلس النواب؛ فمجلس الشورى انتخب لأداء دور معيّن، وبالتالي هو غير مؤهّل للتشريع في موضوعات مهمة بحجم هذا المشروع. سابعا: يرى أبناء محافظة السويس أن هذا المشروع ما هو إلا إعادة لإنتاج مشروعات قديمة؛ كمشروع تنمية غرب القناة الذي تمّ الترويج له مِن قبل في النظام السابق، وتمّ الحديث -مرارا وتكرارا- عن فرص العمل الجديدة التي سيُتيحها هذا المشروع لأبناء المحافظة والعائد الاقتصادي.. إلخ، وفي الحقيقة أن العائد منه لم يتحقّق إلا على نطاق ضيّق جدا بالرغم من طول فترة العمل به. وإحقاقا للحقّ، ولعرض كل وجهات النظر المختلفة للمشروع، عليّ أن أُقدّم وجهة نظر الحكومة؛ حيث قال الدكتور قنديل إن هذا المشروع يمثّل نقلة غير مسبوقة في الاقتصاد المصري، ويضع مصر ضمن أقوى الدول اقتصاديا على مستوى العالم، وإن الحكومة تخطّط لمشروع عملاق يضع مصر على الخريطة الاستثمارية، ويفتح فرص عمل جديدة. وردا على الانتقادات الموجّهة لمشروع القانون؛ أكّد قنديل أن القانون يضع في الاعتبار الأمن القومي والحفاظ على الأراضي المصرية، كما أن الاستثمار في المنطقة سيكون بحقّ الانتفاع وليس بالتمليك، وما يُثار حول تفصيل القانون لصالح جهة بعينها غير صحيح، أو أن القناة ستكون منفصلة عن الدولة أيضا غير صحيح، والقانون الخاص بشكل عام لم يتمّ صياغته بصورة نهائية، بل كل ما يُنشر ما هو إلا مسوّدات أوّلية يتمّ التشاور حولها حتى الآن. أعتذر عن الإطالة في عرض الانتقادات والردّ عليها، ولكني حاولت أن أقدّم الرأي والرأي الآخر الخاص بالمشروع، ولفت انتباهي معلومة نُشِرت في خبر على موقع "أخبار مصر" تقول إن السيد حمدين صباحي -مؤسّس التيار الشعبي- يرى أن المشروع سوف يُغيّر حياة المصريين، وإن التيار الشعبي سينظّم ندوة لتقديم رؤية متكاملة لتطوير وتنمية محور قناة السويس بجهود مصرية خالصة تُسهم في زيادة إيرادات الدولة وتوفير فرص عمل جديدة. بصراحة.. عند قراءة هذا الخبر شعرت أن هناك أملا أن يحدث نوع مِن التعاون والتبادل للخبرات والآراء للمرور بمصر من عنق الزجاجة، ولكن المهم فعلا التقريب بين وجهات النظر المختلفة، والتوصّل إلى الحلول التي تخدم الصالح العام. عزيزي القارئ.. دعني أقول لك إن أهمية هذا المشروع -في وجهة نظري المتواضعة- أكبر بكثير من محاولة الاهتمام بتوجيه الانتقادات لهذا المشروع لمجرّد أن الرئيس الحالي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين؛ لأنني أجد كثيرين الآن يرفضون أي شيء قد يكون إيجابيا لمجرد أن مَن يتبنّاه الآن ينتمي لتيار معيّن؛ فالمشروع ليس إخوانيا ولا ليبراليا ولا علمانيا، بل هو مشروع مصري (مائة في المائة). قد يكون مشروعا قديما فعلا، ولكن ما المشكلة أن يتمّ إحياؤه من جديد؟ قد يتفق البعض معي وقد يختلف آخرون، ولكنني أرى أننا في مصر نعاني مشكلة ألا وهي (عندما يأتي وزير جديد أو مدير أو موظف في شركة، يُحاول أن يمحو كل إنجازات مَن سبقه، ويبدأ مِن أوّل السطر؛ أقصد أنه لا يستكمل ما توصّل إليه مَن جاء قبله من إنجازات وأفكار وأعمال، ولا يعتبرها بداية ينطلق منها قد توفّر له الكثير والكثير من الجهد والوقت!!). ليس معنى هذا أن نسير بمبدأ السمع والطاعة لأي حاكم أو رئيس ولا نوجّه الانتقادات، بل بالعكس نقدّم الانتقادات البنّاءة التي تُساعد على تحسين الواقع، عذرا -عزيزي القارئ- أنا أُحاول فقط أن أتلمّس أي بارقة أمل تعمل على خروجنا من هذا الوضع المتأزّم!! وأخيرا.. شارك قرّاء "بص وطل" رأيك حول هذا المشروع؟ وهل تشعر معي بأي أمل أم إنها مجرّد أوهام؟!