هناك ألفاظ كثيرة موجودة بالقرآن الكريم نقرأها ولا نفهم معناها ولا المقصود منها، ونحن هنا قرّاء "بص وطل" الأعزاء نريد أن نعي ما نقرأ من القرآن ونتدبّر ونفهم معانيه؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}؛ فتعالوا معنا مع هذه الآية القرآنية الكريمة: يقول الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39] في هذه الآية الكريمة يُبيّن الله سبحانه وتعالى كمال قدرته وإرادته، وأنه القادر على كل شيء، والمقدّر لكل شيء والعليم به؛ حيث يقول: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} "منازل القمر": هي المدارات التي يدور فيها القمر حول الأرض؛ حيث يدور كلّ ليلة في أحدها لا يتخطّاه ولا يتقاصر عنه، وهي ثمانية وعشرون، لكلٍّ منها اسم مُعيّن منها مراحل ودرجات وأزمان؛ فالقمر يبتدئ هلالا ثم يكبر إلى أن يُصبح قمرا، ثم يتراجع بعد ذلك حتى يُصبح كما كان، والمعنى أن الله سبحانه وتعالى جعل للقمر قدرا ووقتا وزمنا لا يتخطّاه ولا ينقص ولا يزداد، إلى أن ينتهي وينتهي معه العالم كله. وقوله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}؛ "العرجون القديم" هو العود الأصفر الذي يحمل العنقود من التمر إذا بلي وأصبح قديما؛ حيث يُقطع من نخلته ويُترك فتجده قد التوى واستدار، وأصبح كهيئة الهلال. والمعنى أن الله تعالى يُبيّن كمال قدرته وعزته وحكمته ورحمته بعباده؛ حيث قدّر هذا القمر منازل كل يومٍ له منزلة غير المنزلة الأخرى فيعود في آخر الشهر كما هو في أوّله كالعرجون القديم الذي هو العود الأصفر الذي يحمل العنقود؛ لأنه إذا قَدِم يلتوي ويضعف وهكذا القمر؛ فإنه يبدو في أوّل الشهر هلالا ضعيفا، ثم ينمو شيئا فشيئا حتى يمتلئ نورا في منتصف الشهر، ثم يعود في النقص شيئا فشيئا حتى يعود كعرجون النخل القديم ملتويا ضعيفا. والله سبحانه وتعالى قدّره هذه المنازل لنعلم بذلك عدد السنين والحساب، ويتضح لنا الأمر كما قال الله عز وجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}، وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}. في النهاية عزيزي القارئ.. عليك عند قراءة هذه الآية أن تضع معانيها أمامك.. لتعي ما تقرأ..