أ ش أ تباينت الآراء في الأوساط السياسية بشأن الاستقالة التي تقدم بها اليوم (السبت) المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية. وقال المهندس جلال مرة -أمين عام حزب النور- إن المستشار محمود مكي قال أكثر من مرة إنه ليس له دور سياسي بعد إقرار الدستور، موضحا أنه لا يعلم إذا ما كان ذلك هو السبب أم إن هناك رؤية شخصية دفعته إلى اتخاذ هذا القرار. وأبدى جلال مرة استياءه من الاستقالة، مؤكدا أن المستشار مكي كان إيجابيا ويتحرك مع كل القوى السياسية ويجمع الناس على الحوار؛ للخروج من حالة الاحتقان التي كانت تمر بها البلاد. وأضاف: "على أي حال فإن مكي شخصية منكرة للذات، وله مميزات عظيمة، ووجوده في مؤسسة الرئاسة كان إيجابيا جدا، وكان يفعل دوره كنائب وأتمنى أن يتراجع عن ذلك، ولو حادثته سأطلب منه ذلك، وكلنا في الوقت الحالي نريد خدمة بلدنا، ونريد إخراج البلد من أنياب الفساد والديكتاتورية والاستبداد". من جهته، تساءل خالد تليمة -عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي المصري- عن سبب استقالة محمود مكي في هذا التوقيت بالذات رغم كل هذه الظروف التي تمر بها البلاد. وقال تليمة إن الاستفتاء الذي لا ينال رضا كثير من القوى السياسية مر بالفعل، وبالتالي فإن وجوده كنائب لرئيس الجمهورية يجعله يتحمل الكثير من المسئولية، وأضاف: "لا أقبل من المستشار مكي أية أسباب للاستقالة بعد الإعلان الدستوري المجحف الذي يتحمل جزءا من مسئوليته". وأكد أن "المستشار مكي أهدر تاريخا مشرفا بكل أسف بالانخراط في مؤسسة الرئاسة وانتمى إلى نفس خانة التيار السياسي المنفرد بالبلاد". على جانب آخر، عزا عاصم عبد الماجد -عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية- استقالة المستشار مكي إلى أن الدستور الجديد ليس فيه منصب نائب الرئيس، مؤكدا أنه استبق نتيجة الاستفتاء بإعلان استقالته، وتعجل أو أراد أن تبدو استقالته مبكرة بعض الشيء لإبداء أسفه على الوضع السياسي المؤسف في مصر. وأوضح عبد الماجد أن الفوضى والبلطجة السياسية منتشرة، إضافة إلى محاولات هدم البلاد في ظل عدم أخذ مؤسسة الرئاسة الأمور بالحسم اللازم؛ حسب قوله. وأشار إلى وجود أسباب للاستقالة في تقديره، وقد يكون من بينها أنه لم يستطع جذب ما أسماه "المجموعات الفوضوية" التي يديرها البرادعي وحمدين إلى طاولة الحوار؛ على حد وصفه. من جانبه، رأى أحمد بهاء الدين شعبان -وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري (تحت التأسيس) أن المستشار محمود مكي أنقذ نفسه في اللحظة الأخيرة، وإن كان لن ينجو تماما مما لحق بتاريخه من "وصمة"؛ حسب وصفه، بسبب مشاركته في واحد من الدساتير التي ستسبب كوارث كبرى لمصر. وقال شعبان إن هذا الدستور الذي ضلع فيه المستشار مكي تجاهل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري وحريات المجتمع ووضع المرأة والطفل، ووضع سلطات كبيرة في يد رئيس الدولة وتجاهل حقوق المصريين بعد الثورة. وأكد أن محاولة الاستقالة الآن هي للحفاظ على تاريخ مكي نظيفا وتبرئة ساحته من تلك الجريمة، معربا عن أسفه؛ لأن من كان يُعتبر واحدا من رموز القضاء الشامخ تلوثت يداه بالاصطدام مع أحد أهم المؤسسات القضائية في العالم وهي المحكمة الدستورية العليا، وكذلك السلطة القضائية برمتها.. ودعا مكي إلى أن يكفر عن آثامه تلك بالدفاع عن الحرية التي استشهد من أجلها آلاف؛ حسب قوله.