على الشاطئ الرائع في مدينتي الحبيبة المصطافون يتزاحمون كلهم بهجة وفرح صياح الأطفال وصراخهم والمياه الزرقاء تلامس أقدامهم الصغيرة فيجرون في هلع ضاحك ويعودون يلامسونها من بعيد بشغف خائف وضحكاتهم لا تنقطع ثنائيات تمشي على الشاطئ شاب وفتاة يمسك كل منهما يد الآخر في حب ولهفة يختلسان النظر إلى بعضهما في خجل أن يلاحظهما أحد من رواد الشاطئ بينما يشيعهما الكل بابتسامات خبيثة البحر ... بجماله... بجلاله... ملكوت آخر يضيق ويتسع .... ليضم العابثين فيه يدغدغهم برقة أو يلقي عليهم بأمواجه العالية في قسوة ولكن بالرغم من ذلك الجميع يحبوه يغرق ملابسهم يجعلهم يبتلعون من مياهه المالحة... ليصيروا جزء منه البحر عشقي وملاذي إذا ضاقت بي سبل الحياة إذا أظلمت كل طاقات النور وانطفأت شموع أملي وأغرقتني الأحزان أتيت إلى البحر كي أغرقها هي فيه كريم هو... كل الناس ترمي أحزانها وأوجاعها وأشلاء جثث حبها فيه صبور هو.... فلا يشكو ولا يتذمر بل يقول هل من مزيد أسير نحوه في هدوء أبلل قدمي وأنتظر قليلا كي أملأ صدري بعطر هوائه الشجي المياه تدغدغ أقدامي أنظر إلى الأسفل وأبتسم أكمل سيري سوف يأخذني البحر في أحضانه وتربت أمواجه على ظهري في رقه تمسح دموعي لتضيف قطراتها إلى مياه البحر تحتويها تحتضنها الشمس تميل نحو الغروب وألوانها البديعة تمتزج به في روعة وشموخ مازال البحر يحتفي بي أولست حبيبته وهو حبيبي؟ أنفاسي تهرب مني وصياح الآخرين كأنه حلم في أذني لا تخافوا ما من حبيب يؤذي حبيبه أنه فقط يريد أن يريحني مما أنا فيه يريد أن يحمل عن عاتقي شقاء السنين أمواجه تلتف حولي... ترقص في جنون وعيي يهرب مني هل سأموت أخيرا الموت ليس صعبا ... ليس مؤلما هل سأرى أمي؟ ضحكتها الصافية قلبها الحنون رائحتها العطرة؟ هل سيحزن أبي ؟ طيبته الخالصة وجدالنا الذي لا ينتهي؟ هل يبكيني أصدقائي؟ ضحكاتنا مغامراتنا جلسات سمرنا؟ أترك نفسي للبحر استسلم لإرادته الحرة يفعل بي ما يشاء هل سيجعل مني حورية ؟ أتمنى ذلك كي أظل معه أبد الآبدين ولا نفارق أحدنا الآخر أبدا أمواجه تمد يدا لي وتمسك بيدي أصواتها ناعمة رقيقه صرتي منا ولن نتركك أبدا البحر لا يتخلى عن أحبابه كما في عالمكم عالم البشر أغمض عيني وأحلم أودع الدنيا وابتسامه رضا على شفتي إيمان التعليق: قصة ايمان قصة جميلة تقوم على علاقة حميمة وتلقائية مع البحر بكل دلالاته لتقودنا الى المأساة دون ميلودراما لتوحى برغبة الراوى فى الهروب من عالمنا.. اللغة سليمة وجميلة تحتاج فقط الى مراجعة التقديم والتأخير لمزيد من التأثير.. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة