يوسف إدريس علي.. هو كاتب قصصي وروائي مصري كبير، وهو من أبرز كتّاب القصة القصيرة في الأدب الحديث، وُلِد في 18 مايو عام 1927 بقرية البيروم التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية. كان الابن الأكبر لوالده الذي كان يعمل متخصّصا في استصلاح الأراضي، وهو ما جعله يتأثّر بكثرة تنقّل والده، وعاش في بداية حياته مع جدته في القرية بعيدا عن المدينة، ثم انتقل إلى القاهرة بعد ذلك.
وتعلّم في المدارس الحكومية حتى المرحلة الثانوية حيث كانت أسرته متوسّطة الحال، وأكمل مشواره التعليمي في كلية الطب بجامعة القاهرة وتخصّص في الطب النفسي.
حاول نشر كتاباته أثناء دراسته الجامعية ونشر قصته القصيرة الأولى، والتي لاقت شهرة كبيرة بين زملائه، ومن بعدها بدأت قصصه القصيرة تظهر في جريدة المصري ومجلة روزاليوسف، وقد كان له نشاط طلابي في الجامعة واشترك في تظاهرات كثيرة ضد المستعمر البريطاني ونظام الملك فاروق، وصار السكرتير التنفيذي للجنة الدفاع عن الطلبة، ثم سكرتيرا للجنة الطلبة، وبهذه الصفة استطاع أن ينشر مجلات ثورية وهو ما تسبّب في سجنه وإبعاده عن الدراسة عدة أشهر.
بعد تخرّجه حاول ممارسة الطب النفسي ولكنه لم يلبث أن تخلّى عن هذا الموضوع فتركه وواصل ممارسته لمهنة الطب كمفتش للصحة حتى عام 1960، إلى أن انسحب من مهنة الطبيب إلى مهنة المحرر الصحفي وعُيّن بجريدة الجمهورية ومن بعدها جريدة الأهرام.
سافر يوسف إدريس إلى الجزائر، وانضّم إلى المناضلين الجزائريين عام 1961 وحارب معهم معارك استقلالهم لمدة 6 أشهر، وأصيب بجرح وأهدته الجزائر وساما تقديرا له ولجهوده في سبيلهم وعاد إلى مصر، وقد صار صحفيا معترفا به حيث نشر روايات وقصصا قصيرة ومسرحيات.
وقد سافر أيضا عدة مرات إلى دول العالم العربي، كما زار كلا من: فرنسا وإنجلترا وأمريكا واليابان وتايلاند وسنغافورة وبلاد جنوب شرق آسيا، وبعد رجوعه إلى مصر اعترف به ككاتب من أهم كتّاب عصره، وأصبح عضوا في كل من: نادي القصة وجمعية الأدباء، واتحاد الكتاب، ونادي القلم الدولي، وعلى الرغم من نجاحه هذا ظلّ منشغلا بالقضايا السياسية والتعبير عن رأيه بصراحة وحصل على وسام الجمهورية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
وقد عايش في مرحلة شبابه فترة حيوية من تاريخ مصر من جوانبه الثقافية والسياسية والاجتماعية؛ حيث الانتقال من الملكية بكل ما فيها من متناقضات إلى الثورة بكل ما حملته من آمال، ثم النكسة وما خلفته من هزائم نفسية وآلام، ثم النصر في حرب أكتوبر عام 1973 بكل ما كان ينطوي عليه من استرداد لعزة وكرامة الشخصية المصرية، ثم الانفتاح وما تبع ذلك من آثار على المجتمع المصري من تخبّط وتغيّر في بنيته الثقافية والنفسية والاجتماعية.
عاش كل هذه التقلبات ليس كما يعيشها الإنسان العادي، بل كما يعيشها الفنان المبدع الذي تؤثّر فيه تفاصيل الأحداث، ويعمل على أن يرصدها ليتعرّف على تأثيرها عليه، فجاء أدبه معبّرا عن كل مرحلة من هذه المراحل، ومعبرا عن رأيه عما يتغيّر ويحدث حوله طوال الوقت، وقد عرف عنه أنه كان متأثّرا في مرحلة شبابه بالفكر الماركسي بكل ما يحمله من هموم اجتماعية.
يصعب تحديد مصادر ثقافة كاتبنا الكبير؛ نظرا لأنه كان غزير الثقافة وواسع المعرفة بالشكل الذي لا تستطيع أن تقول إنه تأثّر بأحد الروافد الثقافية بشكل أكبر من الآخر؛ حيث اطّلع على الأدب العالمي خصوصا الروسي وقرأ لبعض الكتّاب الفرنسيين والإنجليز، كما كان له قراءاته في الأدب الآسيوي وقرأ لبعض الكتاب الصينيين والكوريين واليابانيين، وإن كان مما سجّله النقاد عليه أنه لم يحفل كثيرا بالتراث الأدبي العربي وإن كان قد اطّلع على بعض منه.
له العديد من المؤلفات القصصية والروائية والمسرحية؛ القصصية منها: "أرخص ليالي"، "جمهورية فرحات"، "النداهة"، "حادثة شرف"، "قاع المدينة"، "نظرة"، "أنا سلطان قانون الوجود"، "ليلة صيف"، والروائية منها: "الحرام"، "العيب"، "رجال وثيران"، "السيدة فيينا"، "البيضاء"، والمسرحية منها: "اللحظة الحرجة"، "الجنس الثالث"، "البهلوان"، "ملك القطن".
وتُوفّي يوسف إدريس في 1 أغسطس من عام 1991 عن عمر يناهز 64 عاما، بعد أن أثرى الأدب العربي والعالمي بأدبه وإبداعه.