يمكن مفيش خناق كتير بين أمي وأبويا، بس على طول حاساها مش مبسوطة بسبب عيوب والدي اللي ظاهرة جدا، أو ظاهرة ليّ أنا على الأخص لأني بعيدة عنه كل البعد الفكري والعاطفي، حتى ممكن يمر اليوم من غير صباح الخير، غير إنه سلبي جدا برة البيت، وهنا في البيت عصبي جدا وبيفرض شخصيته، وبيتخانق معايا أنا وإخواتي حتى لو هو غلط.
بيفضل نفسه عننا وعن أمي وعنده لا مبالاة فظيعة، وينتقد نفسه كتير في تصرفاته، ومش بيبص لي أنا وإخواتي باهتمام، وسلبياته كتيرة بمواقف حازمة بالخارج، ويداري أفعاله السلبية وراء قول الله وأفعال الرسول، فهو في القرن الواحد والعشرين وتصرفه هذا المليء بالسلبية، وهدر حقي أنا وإخواتي أمام الناس ليس جيدا أبدا بنظري.
وبدل ما أفتخر به أمام الناس، فأنا أبرر فعله ورد فعله لأصدقائي وجيراني؛ فلهذا السبب وضعت لنفسي مقياسا لمن أريده زوجا، فتعددت ارتبطاتي وكلها لم تكمل، حتى لما اتخطبت وكان مختلف تماما عن أبي وبه مواصفاتي أنا التي أريدها، تخليت عنه قبل الزواج بحجة غير حقيقية، والآن لم أحب أحدا ولا أتخيل نفسي زوجة من الأساس لأي رجل، ولكني أريد الزواج ولكن ليس هذا الزواج الكامل وأن أعيش معه عمري كله، أريد فقط العلاقة.
أخاف من الزواج ولو تزوجت لهدف مثل هذا سأتركه فعلا من أقل كلمة، ولكن ليس المشكلة هنا؛ فأنا أعرف شخصا من 3 سنوات وهو صديقي، وأحسست بمشاعر من ناحيته وبادلني إياها، بالرغم من أنه أقرب صديق لي، لكنه تحدث عن الزواج بعد فترة وكان ردي بالمفاجأة إني مافكرتش في الموضوع كده، سايرني لأنه غير جاهز الآن، فصمت قليلا وكمّل معي، ولكني تصرفت بلا مبالاة مثل عادتي كأنه لم يهمني.
وفعلت خطأ يجرح كرامته كرجل وغضب عليّ كثيرا ولم يتحدث معي وكان الموضوع سهلا عليّ؛ لأني معتبره أن الرجال شيء ثانوي في حياتي، ولكني أحس بشيء غريب بداخلي ولا أعلم إن كان الأفضل أن أتكلم معه مرة ثانية أم أتركه لحاله حتى لا أكون أنانية وأجرحه أم أنا أحبه؟
لا أعلم ما هي مشاعري ولا أعلم ماذا سيحدث في المستقبل، وهل لو عاد ولم تحدث مشكلة هل سأجرحه أم أخرج منه العيوب لمقارنتي له بأبي؟ ماذا أفعل؟ وكيف أختبر مشاعري وأقارنها بالحقيقة؟
eswdora
أعرف جيدا يا صديقتي ما تمرّين به حق المعرفة، وأشعر بك تهتزين بداخلك بعدما ظلت صورة الأب لديكِ لسنوات طويلة غير سوية على الإطلاق؛ فهي ليست كصورة الآباء التي نسمع بها من أصدقائنا أو نراها في الأفلام، ذلك الصديق والحبيب الذي ربّى وأنجب لتكون ابنته صديقته وحبيبته وعزوته يراها تكبر أمامه، وتراه يرعاها طوال عمره ليزفها إلى عريسها يوم زفافها، ويكون بذلك أدى ما عليه أمام الله تعالى.. وهذا ما أخشاه عليه يا صديقتي، حساب الله له؛ لأنه لم يحفظ أبناءه وأهدر حقوقهم التي يجب عليه القيام بها، فقد أوصانا رسولنا الكريم بالأهل والبيت في قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله" وهذا ما لا يقوم به والدك وحسابه عند الله تعالى.
ولكن يا صديقتي.. ألم تسمعي قول الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، فصبرك على ما أصابك هو اختبار من الله وسيجازيكِ عنه خيرا أنتِ وإخوتك وسيعوضك عنه، ولكن ليس معنى هذا أن نكون أضعف تجاه ما يحدث، إنما علينا أن ندعو الله لوالدك بالهداية وصلاح الحال؛ لأن ما فيه غضب من الله وطريق خطأ يتبعه والدك بما يفعله، وهذا قدر فنحن لا نختار آباءنا ولا نفصّلهم كي يخرجوا بالشكل الذي نرغب فيه، وليس لأحد الحق أن يؤاخذنا بخطأ أهلنا، فإن كان أبوكِ هكذا فأنت لستِ بالضرورة النسخة المكررة منه، وليس معنى هذا أن الرجل الذي قد يحمل صفة والدك هو والدك نفسه، فربما عيب واحد يكون أمامه المميزات التي لا حصر لها ولا عد.
ولكن دعينا من كل هذا، فجل ما أريده هو أن تبعدي عن ذهنك أن كل رجل في هذه الحياة هو والدك؛ فلقد خلقنا الله مختلفين بعضنا عن بعض كبصمة اليد، واختيارك وشخصيتك وكيانك كامرأة ناضجة هو ما يحدد هويتك، فاسعي إلى الاختيار الصحيح ودعي الله ييسر لك الأمور كيفما يشاء، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد، فلا تقنطي من رحمته فرحمته وسعت كل شيء.
والأهم الآن هذا الشاب الذي بالطبع تعرفينه حق المعرفة وصارحك بمشاعره تجاهك، فما المانع لو صارحتيه بمخاوفك دون أن تخطئي في حق والدك، كأن تقولين له إن رفضك نابع من مخاوفك الداخلية بأن تتكرر قصة والدتك، والتي لا أعفيها من اللوم هنا، ولكني لن أزيد عليها، فهي مثلكم تعذبت في حياتها ولم تسعد يوما مع والدك، فليكفيها ما لاقته.
لكن الآن عليكِ التحدث معه والتعامل مع الأمر؛ لربما كان هو خلاصك وسعادتك في هذه الحياة، وإن لم يتفهم أو يصبر عليكِ حتى تتعافي من تلك التراكمات التي ملأت قلبك ولأنك تستحقين هذا، ويعوضك عما فقدتيه من حب وحنان، فيمكنك وقتها أن تقرري تركه ومصارحته بهذا، ولكني أطلب منكِ جلسة مع النفس تقررين فيها ماذا تريدين، وكيف ستخرجين من هذه التجربة بشيء جيد يسعد حياتك ويملؤها فرحة وتفاؤل مع من تحبينه بإذن الله.
سيدتي الصغيرة.. فلتدعي الماضي وتدعي لوالدك بالهداية، وتوجهي بمشاعرك لتعويض أهلك عما فقدوه واملئي نفسك بالثقة، والله تعالى سيكتب لكِ الخير.. تحياتي وتمنياتي لكِ بالتوفيق والسعادة.