أنا أعمل مدرّسة للصف الرابع الابتدائي وأعاني من مشكلة.. هي حبي الشديد لطفل عندي بالصف، فأنا أحب هذا الطفل بشدة ومتعلقة به جدا، وهو أيضا متعلق بي؛ فهو طفل حساس جدا ومهذب ومطيع وخفيف وكل من يراه يحبه.. ولكني أعاني من تعلقي به؛ وذلك لأن جميع زملائي معترضون على علاقتي به؛ فهو دائما يجلس معي ويحب مرافقتي في كل مكان، ووالدته كذلك لطيفة معي، ولكنها أحيانا تتضايق من إخباره لي بأسراره وعدم إخبارها هي بذلك، وأصبح هو متحيرا بين إرضائي وإرضائها..
لكن المشكلة الآن هي في اعتراض الجميع علي علاقتي به وتعليقاتهم غير اللائقة ولا أعرف لماذا؟! فهل أنا أفعل شيئا خطأ؟؟ أرجو النصيحة.
novalife
تعلّقك بطفل واحد صديقة "بص وطل" العزيزة يعني مواصفات خاصة في هذا الطفل تجذبك إليه.. وهذه المواصفات الخاصة لا يملكها باقي الأطفال، مما يعني أن تمييزك لواحد على حساب الباقي دليل على نقص الآخرين لهذا التميز، وهذا يصيب باقي الأطفال بإحساس عدم التميز، وبإحساس التفرقة الذي تمارسينه دون أن تدري.
وإعجابك بالطفل ليس بدعة ولا شيء فيه، فكلنا يحدث معنا هذا، ولكن تتوقف المسألة عند حد حتى لا تتحول لمشكلة كما حدث معك.. وسأذكر لك قصة تشبه قصتك انتهت -عفاك الله وحفظك- نهاية مؤلمة، وتبدأ القصة بمدرّسة قصدتها صديقتها أن ترعى ابنها التلميذ عندها في المدرسة أثناء سفرها، ولم تمانع المدرّسة فقد كان في سنّ ابنتها وابنها واحتضنته الصديقة في البيت والمدرسة؛ حتى تعلقت به مثل أولادها الذين بدأت الغيرة تأكل قلوبهم منه لتعلق أمهم به..
وعادت الصديقة بعد فترة لتأخذ ابنها لتفاجأ بالمدرّسة ترفض رجوعه لأمه؛ لأنها ارتبطت به ولأنه ارتبط بها.. ولكنه ولأن هذا هو الطبيعي فقد عاد الطفل لأمه لترقد المدرّسة -صاحبة الالتزام تجاه أولادها وتلاميذها في المدرسة- مريضة، ليكتشف الأطباء مرضها بالسكر المرتفع مع الضغط العالي.. ولم يكن المرض إلا نتيجة لفقدها للطفل الذي تعلقت به وعاد لأمه!! أضيفي إلى المرض الجسدي المرض النفسي الذي أصابها من جمود عواطف أولادها تجاهها وهي مريضة، وكأنهم ينتقمون منها لارتباطها بغيرهم.
صديقتي.. خير الأمور الوسط وعليك وفورا أن تحجّمي علاقتك بهذا الطفل بأن تحصلي على إجازة تبتعدين فيها لفترة، ثم تعودين والأطفال كلهم في نظرك واحد لا يتميز أحدهم على الآخر، أو تنتقلين إلى مدرسة أخرى، فتعلقك بالطفل ليس من مصلحتك؛ فهو ليس لك ولن يكون لك، فلماذا التعلق بأبناء الغير وأهلهم أحق بهم منك؟؟
ثانيا: لا أدري صديقتي حجم أو شكل طفل السنة الرابعة ابتدائي حتى يقول زملاؤك عن علاقتك به ما لا يليق، ومع ذلك اعملي بالحديث الشريف الذي يقول: "اتقوا الشبهات".. ولا تجعلي من نفسك قصة على لسان الزملاء والزميلات لغير ما سبب يستلزم ذلك.
اسألي الله صديقتي إن كنت زوجة أن يرزقك بطفل فيه ما تحبين في هذا الطفل، وإن لم تتزوجي بعد فاسألي الله أن يعجّل لك برزقك في الزواج ويرزقك ذرية طيبة صالحة إن شاء الله.
بقي أن أقول لك إن الشاطر هو الذي ينظر أين تذهب قدماه، والعواقب التي تنجم عن هذا الطريق.. فتصوري مثلا أن هذا الطفل غادر المدرسة لسبب أو لآخر، وتصوري حرمانك منه ومشاعرك تجاه هذا الحرمان وقول لنفسك بيدي لا بيد غيري.. وابتعدي قبل أن يبتعد هو... وفقك الله إلى صالح الأمور.