أ ش أ أيّدت محكمة النقض مساء اليوم (الإثنين) الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بالسجن المشدّد لمدة 15 عاما، وضابط الشرطة السابق محسن السكري بالسجن المؤبّد، في قضية إدانتهما بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، عمدا مع سبق الإصرار. ويعدّ الحكم الصادر عن محكمة النقض نهائيا وباتا، ولا مجال للطعن عليه مجددا بأي صورة من صور التقاضي؛ حيث استنفد المدانان طلعت مصطفى ومحسن السكري كل أوجه التقاضي والطعون المقررة قانونا. وكان دفاع طلعت مصطفى والسكري قد طالب اليوم في مرافعته -التي استمرّت ما يقرب من 10 ساعات- ببراءتهما من الاتهامات المنسوبة إليهما، والمتعلّقة بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم. وأنكر هشام والسكري ارتكابهما للجريمة، فيما دفع عاطف المناوي -المحامي عن السكري- ببطلان إجراءات القبض على موكله، وعدم مشروعيتها، وبطلان الأدلة القولية (أقوال الشهود) والفنية والعلمية في القضية، استنادا إلى ما اعتبره تناقضا في أقوال الشهود؛ وفي مقدّمتهم الضابط الذي قام بإلقاء القبض على موكله، وكذلك الطبيبة التي قامت بتشريح الجثة وفحص البصمة الوراثية بدبي. ووجّه الدفاع للطبيبة الإماراتية فريدة الشمالي اتهاما صريحا بإتلاف الأدلة في القضية، وإضاعتها، وتضليل العدالة، وتزييف الحقائق العلمية، معتبرا أنها خالفت الأسس العلمية الصحيحة في فحص الأدلة، وأنها أقرّت بأن العيّنة التي أخذتها وقامت بإكثارها (زيادتها) إلى ملايين الخلايا قد تلاشت بعد ذلك. ودفع المناوي بتعرّض لقطات الفيديو المصوّرة والمستخرجة من كاميرات المراقبة بدبي -والتي استندت إليها النيابة العامة ضمن أدلة الاتهام- إلى العبث والتزييف الذي أدّى إلى عدم معرفة الحقيقة، مشيرا إلى أنه لدى تكبير تلك الصور باللقطات المصوّرة اختفت معالم الصورة تماما، على نحو يُشير إلى وجود عبث بمحتويات تلك اللقطات. وقالت هيئة الدفاع عن طلعت مصطفى إن أكثر من شخص كان يريد قتل سوزان تميم والتخلّص منها، وإن هناك ثلاثة أشخاص كانوا يتنازعون على أنها زوجة كل منهم، وهم: علي مزين، وعادل معتوق، ورياض العزاوي، معتبرا أن الأدلة التي قدّمتها النيابة العامة لا تعدو أن تكون مجرّد شبهات لا ترقى لمرتبة الدليل القاطع. واعتبروا أن أقوال السكري التي حملت اعترافا منه بارتكاب الجريمة بتحريض باشر من طلعت مصطفى، إنما جاءت على ضوء عملية توقيف باطلة، وأنه لم يكن بصحبته محامٍ للدفاع عنه وحضور التحقيقات، فضلا عن تناقض الروايات بها، وأن أحد التواريخ التي ذَكَرها السكري في أقواله من كونه التقى هشام طلعت في منطقة الزمالك للاتفاق على تفاصيل الجريمة، تبيّن أن هذا التاريخ كان طلعت مصطفى وقتها في زيارة لإحدى الدول الأوروبية. وكانت هيئة الدفاع عن المتهمين هشام طلعت والسكري قد تقدّمت بطعون أمام محكمة النقض طالبت فيها بنقض (إلغاء) الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة، والذي كان قد قضى بمعاقبة مصطفى بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، والسكري بالسجن المؤبّد 25 عاما؛ حيث طالب الدفاع عنهما في تلك الطعون ببراءتهما، مما هو منسوب إليهما من اتهامات. وسبق وأن قضت إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة طلعت مصطفى والسكري بالإعدام شنقا؛ إثر إدانتهما بقتل سوزان تميم عمدا مع سبق الإصرار، غير أنهما قاما بالطعن على الحكم أمام محكمة النقض، والتي قضت بنقض (إلغاء) الحكم، وأمرت بإعادة محاكمتهما من جديد أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات القاهرة غير التي أصدرت الحكم بالإعدام، وقامت أسرة سوزان تميم خلال المحاكمة الثانية بالتنازل عن الدعوى المدنية ضد طلعت مصطفى، وقالوا إنهم تسرّعوا من جانبهم في اتهام طلعت مصطفى بالوقوف وراء جريمة مقتل ابنتهم؛ فقضت المحكمة بتخفيف الحكم، ومعاقبة هشام طلعت مصطفى بالسجن المشدد لمدة 15 عاما عن تُهم التحريض والاتفاق والمساعدة التي أسندتها إليه النيابة العامة، بينما عاقبت المحكمة السكري بالسجن المؤبّد عن تُهمة قتل المطربة اللبنانية. وكانت النيابة العامة قد نسبت إلى السكري أنه قتل سوزان تميم عمدا مع سبق الإصرار والترصد؛ نظير حصوله على مبلغ مليونَي دولار من هشام طلعت مصطفى لارتكابه تلك الجريمة، وكذا حيازته سلاحا ناريا وذخائر دون ترخيص، فيما أسندت إلى هشام طلعت الاشتراك مع السكري في ارتكاب الجريمة، وتحريضه والاتفاق معه ومساعدته في قتل تميم بأن اتفق معه على قتلها واستأجره لتلك المهمة، وأمدّه بالبيانات الخاصة بها، والمبالغ النقدية اللازمة للتخطيط للجريمة وتنفيذها، وسهّل له تنقلاته بالحصول على تأشيرات دخول دولة الإمارات العربية المتحدة لتتبعها وقتلها هناك؛ فتمّت الجريمة بناء على ذلك. وطلبت النيابة العامة في قرار إحالتها للمتهمين للمحاكمة بتوقيع أقصى العقوبة على المتهمين، وهي الإعدام شنقا؛ حيث قضت محكمة جنايات القاهرة في المحاكمة الأولى لهما (برئاسة المستشار محمدي قنصوه) بمعاقبتهما بالإعدام شنقا بعد موافقة مفتي الديار المصرية؛ حيث طعن المتهمان على الحكم أمام محكمة النقض التي نقضت (ألغت) حكم الإعدام؛ فأعيدت محاكمتهما أمام محكمة جنايات القاهرة بهيئة مغايرة (برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة)، وطلبت النيابة العامة مجددا توقيع أقصى العقوبة على المتهمين. غير أن محكمة الإعادة قضت في سبتمبر من العام قبل الماضي 2010 بتخفيف العقوبة بأن عاقبت السكري بالسجن المؤبّد عن واقعة القتل بجانب عقوبة السجن المشدد لمدة 3 سنوات عن واقعة حيازته سلاحا ناريا وذخيرة دون ترخيص، فيما عاقبت هشام طلعت بالسجن المشدّد لمدة 15 عاما عن واقعة التحريض والاشتراك في القتل، ومصادرة مبلغ مليونَي دولار الذي سلّم إلى السكري والسلاح والذخيرة المضبوطة، وهو الحكم الذي أيّدته بجلسة اليوم محكمة النقض لتسدل الستار على القضية برمتها.