الحديث عن ثورة 25 يناير لا ينقطع ولا ينتهي، فربما تكون الأحداث قليلة، ولكنها ذات تفاصيل عديدة ومثيرة؛ فكثرة التفاصيل من كثرة مَن شاركوا بالثورة في ميادين مصر، وإثارة التفاصيل ترجع للطبيعة غير العادية لشعب احتار علماء النفس والتاريخ في توصيفه.. وربما أقصر وأبلغ وصف له بأنه "شعب مصر العظيم". ثورتنا ارتبطت بصورة قوية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك؛ فمفجّرو الثورة كانوا الشباب؛ ولذلك كانت أحداث الثورة تدوَّن بشكل يومي على صفحات هؤلاء الشباب في صورة تعليقات وفيديوهات.
وبعد تخلّي مبارك عن الحكم حدث شيء غريب لم يصبح موقع التواصل الاجتماعي خاص بالشباب والمواطنين العاديين؛ بل أصبح بوابة إلكترونية للهيئات والمؤسسات الحكومية، تصدر من خلاله بياناتها وتعليماتها وقراراتها للشعب المصري؛ لدرجة أن حكومة الفريق أحمد شفيق تمّ الإعلان عن قبول استقالتها على بيان على فيس بوك.
وكانت أبرز صفحتين رسميتين على فيس بوك؛ هما: الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وصفحة تواصل النيابة العامة مع أُسر الشهداء والمصابين والشهود.
ونتجوّل هنا في عجالة سريعة بين هاتين الصفحتين؛ لنستعيد الذكريات سويا عن بعض البيانات المهمة التي صدرت خلال الثورة.. دون تعليق أو حتى محاولة لتحليلها، تاركين ذلك للقارئ الذي نحترم عقله وتفكيره وقدرته على التحليل والتعليق.
يؤكّد المجلس العسكري أنه لن يؤجل انتخابات الرئاسة لعام 2012 المجلس العسكري ينفي إجراء الانتخابات الرئاسية في 2012 ونبدأ جولتنا القصيرة برسالة مهمة أرسلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الشعب المصري في 27 مارس 2011، والتي حملت رقم (28).. وجاء نصّها: "بسم الله الرحمن الرحيم.. المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. يُؤكّد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه لا صحة للأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن تأجيل انتخابات الرئاسة لعام 2012، كما يُؤكّد المجلس أن القوات المسلحة تسعى لإنهاء مهمتها في أسرع وقت ممكن، وتسليم الدولة إلى السلطة المدنية التي سيتمّ انتخابها بواسطة هذا الشعب العظيم.. والله الموفّق". اعتذار ورصيدنا لديكم يسمح "المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى شباب ثورة 25 يناير.. اعتذار ورصيدنا لديكم يسمح.. يُؤكّد المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشباب ثورة 25 يناير حرصه على تحقيق الأهداف النبيلة للثورة، وأن ما حدث خلال تظاهرات أمس الجمعة 25 فبراير نتيجة احتكاكات غير مقصودة بين الشرطة العسكرية وأبناء الثورة، وأنه لم ولن تصدر أي أوامر بالتعدّي على أبناء هذا الشعب العظيم، وأنه سيتمّ اتخاذ كل الاحتياطات التي مِن شأنها أن تراعي عدم تكرار ذلك مستقبلا".
آلاف من المتظاهرين احتشدوا يوم الجمعة 25 فبراير 2011 كان ذلك نص الرسالة (22) التي أصدرها المجلس العسكري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي صباح يوم السبت الموافق 26 فبراير، وترجع الأحداث التي كُتبت على أثرها تلك الرسالة إلى أن آلافا من المتظاهرين احتشدوا يوم الجمعة الموافق 25 فبراير 2011 في ميدان التحرير؛ للمطالبة بحكومة "تكنوقراط" بدلا من حكومة أحمد شفيق التي تتولّى الوزارة آنذاك، فضلا عن الاحتفال بنجاح ثورة 25 يناير، وبعد منتصف الليل طوّقت الشرطة العسكرية المئات الذين بقوا في الميدان، واستخدمت الهراوات والعصي الكهربائية لتفريقهم، الأمر الذي أدّى إلى سقوط العديد من المصابين، وهو ما اعتذر عنه المجلس العسكري بعد ذلك في الرسالة السابقة. المجلس العسكري يحمي المتظاهرين بميدان التحرير رسالة المجلس العسكري الأخرى التي نتناولها في عرضنا تلك التي حملت رقم (35) بتاريخ 13 إبريل 2011، ونصّت على: "يُؤكّد المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الآتي: 1- أن التحقيقات القانونية قد بدأت اليوم مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك وأسرته. 2- تمّ الإفراج عن كل المعتقلين في ميدان التحرير، وذلك بعد التحقق من شخصيتهم. 3- وجود عناصر من القوات المسلحة المصرية بميدان التحرير حتى الآن يهدف إلى حماية شباب الثورة من أي اعتداءات قد يتعرّضون لها".
اتخذت القوات المسلحة قرارا بعدم التواجد في مناطق التظاهرات نهائيا بعد ذلك اتخذت القوات المسلحة قرارا بعدم التواجد في مناطق التظاهرات نهائيا، وترك مهمة التأمين وحماية المتظاهرين لأولئك الذين دعوا إلى التظاهر والحشد في الميادين، وكان ذلك نصّ ما حملته الرسالة (58) للمجلس الأعلى للقوات المسلحة التي أوردها على صفحته بتاريخ 28 مايو 2011. وبعد هذا الانسحاب بدأت تتوالى أحداث العنف التي تحدث بين المتظاهرين وطرف آخر، أو طرف ثالث -على حد وصف المسئولين- لا يعلمه إلا الله؛ مثل: أحداث مسرح البالون التي اعتدى فيها مجهولون على أُسر الشهداء التي كانت تتظاهر هناك، وأحداث السفارة الإسرائيلية، وأحداث ماسبيرو، وأحداث شارع محمد محمود... وآخرها كانت أحداث مجلس الوزراء، وشارع قصر العيني. وبعد كل حادثة يُعلن المجلس العسكري في رسالة على صفحته أسفه على وقوع تلك الأحداث، وتشكيل لجنة قضائية لبحث ملابساتها، وإحالة ملف الأحداث إلى النيابة العامة للتحقيق، ثم ندب قضاء للتحقيق في الأحداث، والتي لم تخرج نتائج لأي من تلك التحقيقات وحتى إعداد هذا التقرير. 6 إبريل تسعى للوقيعة بين الجيش والشعب إحدى رسائل المجلس العسكري التي أحدثت جدلا على الساحة؛ تلك التي حددت فصيلا بعينه، واتهمته بالسعي للوقيعة بين الجيش والشعب، وهي الرسالة التي حملت رقم (69) بتاريخ 23 يوليو 2011، والتي نصّت على: "... يُرجى العلم بالآتي: 1- لا صحة مطلقا لما تردّد عن قيام القوات المسلحة باستخدام العنف ضد المتظاهرين في الإسماعيلية أو السويس أو أي مدينة أخرى. 2- إن الفتنة التي تسعى إليها حركة شباب 6 إبريل للوقيعة بين الجيش والشعب ما هي إلا هدف من الأهداف التي تسعى إليها منذ فترة، وقد فشلت بسبب الخطوات التي اتخذت أخيرا. يدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة كل فئات الشعب منذ فترة، وقد فشلت بسبب الخطوات التي اتخذت أخيرا.
الفتنة التي تسعى إليها حركة شباب 6 إبريل للوقيعة بين الجيش والشعب يدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة كل فئات الشعب إلى الحذر وعدم الانقياد وراء هذا المخطط المشبوه الذي يسعى إلى تقويض استمرار مصر والعمل على التصدّي له بكل قوة. وبعد مرورنا السريع على بعض من رسائل المجلس الأعلى للقوات المسلحة على فيس بوك؛ نعرج إلى صفحة تواصل "النيابة العامة مع أسر الشهداء والمصابين والشهود".. والتي مثّل ظهورها مفاجأة لدى الرأي العام؛ حيث تعوّدنا من الجهات القضائية عدم الظهور على أي من وسائل الإعلام. حبس الرئيس المخلوع 15 يوما على ذمة التحقيقات كان البيان الأبرز والمفاجئ لجميع المصريين ذلك الذي نشرته النيابة على صفحتها صباح يوم الأربعاء الموافق 13 إبريل 2011، والذي جاء نصه كالتالي: "صرّح المتحدث الرسمي للنيابة العامة أن النائب العام أمر بحبس كل من الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجلَيه علاء وجمال مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات، بعد أن واجهتهم النيابة العامة بما توصّلت إليه المرحلة التي قطعتها التحقيقات من اتهامات، وتمّ تسليم قرارات الحبس إلى جهة الشرطة المختصة". حريق مستندات أمن الدولة المنحل.. وعدم ظهور نتائج التحقيقات إلى الآن نشرت النيابة العامة بيانا في 7 مارس 2011 يُفيد بأنها تقوم بالتحقيق في وقائع حريق مستندات بمقار مباحث أمن الدولة، وإتلاف بعض أجهزة الحاسب الآلي بها، وحبس 47 من ضباط وأفراد مباحث أمن الدولة الذين ثبت من التحقيقات اتصالهم بهذه الوقائع.
حبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات
ولم تصدر أو تُنشر إلى الآن أي نتائج لتلك التحقيقات
وكانت أولى القضايا التي أحالتها النيابة إلى محكمة الجنايات بعد الثورة وتمّ إصدار حكم بالسجن فيها؛ تلك التي كانت ضد حبيب إبراهيم العادلي -وزير الداخلية الأسبق- بتهمتَي التربّح وغسيل الأموال؛ حيث قضت المحكمة بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد 7 سنوات، وتغريمه مبلغ 4853027 جنيها (أربعة ملايين وثمانمائة وثلاثة وخمسون ألفا وسبعة وعشرون جنيها) في التهمة الأولى، وبمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه 9026200 جنيه (تسعة ملايين وستة وعشرون ألفا ومائتا جنيه)، وبمصادرة مبلغ 4513100 جنيه (أربعة ملايين وخمسمائة وثلاثة عشر ألفا ومائة جنيه)؛ بما أسند إليه في التهمة الثانية، وإلزامه بمصاريف الدعوى.
ومن الأحداث المهمة التي أحدثت جدلا وتهكّما من الرأي العام بعد الثورة؛ ذلك الجاسوس الإسرائيلي الذي تظاهر في ميدان التحرير ورفع لافتات تطالب بإسقاط النظام، ونشر صوره على موقع التواصل الاجتماعي في الأزهر وعدد من الأماكن السياحية، وقامت النيابة العامة بالأمر بإلقاء القبض عليه يوم الثلاثاء الموافق 12/ 6/ 2011 في أحد الفنادق بالقاهرة.
وتتوالى البيانات والرسائل ولم تنتهِ وتتوالى البيانات والرسائل ولم تنتهِ، كما تتوالى أحداث الثورة التي يبدو أنها أيضا لم تنتهِ، وما بين رسائل وبيانات المسئولين وأحداث الثورة يقف المواطن المصري ينظر إلى الأمام لعله يستشرف نهاية الطريق الذي يريده لبلاده مصر بعد الثورة.