استيقظت في هذا اليوم السابع من فبراير وأنا أتابع حال ثورتنا، وكنت وقتها أتابع قناة الجزيرة والتي تفضّلت شاكرة لتوافينا بالأخبار السيئ منها قبل الأفضل، فبالطبع لم أكن أفكر مجرد التفكير حتى أن أتابع التليفزيون المصري بأي وقت، وعلى كل حال فأنا لم أتوقع شيئا وقتها سوى الأسوأ؛ فلم يسقط النظام بل من سقط هم شبابنا ونساؤنا غارقين في دمائهم على أرض الميدان. شاهدت المظاهرات الحاشدة في ميدان التحرير والمدن المصرية، والتي استمرت تطالب بإسقاط نظام مبارك، والمتظاهرون يمنعون قوات الجيش من فتح مجمع التحرير؛ للضغط على السلطات ولكن دون جدوى، وتملكني وقتها شعور غريب بأن هذه الثورة ستستمر لسنوات حتى نأخذ حقوقنا التي اعتدنا التغاضي عنها مع الوقت. حاولت ألا أتابع قناة الجزيرة؛ لأنها ارتبطت معي بساعات الصباح المبكرة التي شاهدت فيها الجثث ملقاة، ويتم جرّها على الأرض، أو مجموعة المؤيدين للنظام يلقون بالحجارة والمولوتوف على المتظاهرين، مع وجود القوات المسلحة على الجانب تلقي القبض على من يقع تحت يدها، دون أن تكلف نفسها عناء إيقاف تلك المجزرة.. توجهت إلى موقعي المفضل فيس بوك؛ لأتابع الوضع بصورة مختلفة، ومشاركة الأخبار مع أصدقائي، وعرفت وقتها أنه تم رفع حظر التجول حتى الثامنة مساء، وقد كان هذا شيئا جيدا بالنسبة للكثيرين، وخاصة لأصحاب المحال التي تعمل حتى ساعات متأخرة أن تباشر عملها وتفتح حتى المساء بدلا من الساعة الثانية ظهرا، وكأننا في فترة حرب وليست ثورة!! تلقيت وقتها اتصالا من أحد أصدقائي وهو يعمل وكيل نيابة، وأعلم جيدا أنه صادق في أخباره التي أتلقاها منه وأصدق عليها، وأبلغني بأن النيابة بدأت بالتحقيق حول المسئول عن تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، وأن العادلي اتهم كبار مساعديه بالتسبب في انهيار الشرطة، وظل يردد: "هو الناس دي فاهمة إننا شعب غبي، ويعني هما الناس اللي تحت إيديه عملوا حاجة من وراه؟!!".. لم يتلقّ صديقي إجابة مني؛ لأنه كان على حق، ولكن ما كان يشغلني هو استمرار مبارك في اجتماعاته مع الحكومة الجديدة، وكأنه لا يلقي بالا عن حق بما يحدث بالميدان والشارع المصري، ويستمر في زيادة غضب الشعب كأنه يوجه رسالة مباشرة يقول فيها ما زلت الرئيس، وأنا من يقرر متى ينتهي الوضع. كان هذا الوضع يزيد من حنقي، وفكرت في لو أنه يهتم لهذا الشعب عن حق فليتخلى عن السلطة؛ حقنا للدماء وحتى تنتهي تلك الأيام وتستمر حياة هذا الشعب ليبدأ بداية جديدة ويلتئم الجرح المفتوح طوال 30 عاما، وتساءلت: ألم يكتفِ بعدُ بكل هذه المدة؟! لأن الوضع أصبح كالكابوس الذي كلما أغفلت عيني أراه يتكرر يوما بعد يوم، هذا إلى جانب وجود اللجان الشعبية التي كلما اقترب أحد غريب من المنطقة يصرخون قائلين: "اصحوا واقفلوا أبوابكم"، وكأننا لم نفعل هذا قبل النوم من الأساس!! أحداث هذا اليوم وحدها كانت كفيلة بزيادة سخطي وضيقي على الحال التي وصلنا إليها، ولكن وكعادتي تلك الفترة كنت أتابع البرامج الحوارية وعلمت أنه تم الإفراج عن الناشط وائل غنيم والذي وجّه رسالة حال خروجه لكل أب وكل أم مصرية ممن فقدوا أبناءهم، قائلا إن ما حدث ليس خطأ المتظاهرين، ولكنه خطأ كل شخص متمسك بالسلطة ولا يريد أن يتركها. نعم لقد كان وائل على حق، ولو كنت مكانه لما تحملت ما مرّ به هو وغيره، رغم أنه لم يشارك إلا يوم 25 يناير فقط، ولكن هذا اليوم ظل محفورا بداخلي جعلني أتساءل.. إلى متى سيستمر الوضع؟ ومع الأسف ما زلت أتساءل إلى الآن.. إلى متى سيستمر الوضع؟ سؤال أتركه لقرائنا لعل وعسى أن أجد إجابة لديهم، وأن كنت أعلم أنني لن أحصل عليها.
7 فبراير: يبقى الحال كما هو عليه وعلى المضطر اللجوء للميدان * خمسة جد اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: