أصبح وضع الاقتصاد في مصر حديث الأخبار واجتماعات مجلس الوزراء يوما بعد يوم، وتزايدت الاجتهادات والرؤى لأجل الخروج الآمن من الأزمة، في ظل الخلافات القائمة على مقاعد البرلمان أو النزول إلى ميدان التحرير من عدمه.. ولأن الوضع الاقتصادي في تردّ مستمر منذ ثورة 25 يناير -إضافة إلى التوترات المتتالية بسبب الإضرابات- كان لزاما على الحكومة الحالية أن تنتهج دروبا تُبقي فيها الاقتصاد متماسكا.. وبدأ ذلك بخطة تقشفية تم خلالها رفع أسعار الوقود على الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، ثم انتقل الأمر إلى ما نشرته جريدة "المصري اليوم" حول قائمة السلع الاستفزازية التي نقوم باستيرادها؛ لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من استيرادها حتى نوقف استنزاف العملة الأجنبية. وضمت القائمة: أطعمة القطط والكلاب، والخس الكوري، واللبان، والبونبون، والخمور، والسجائر، ولحوم الخنازير، إضافة إلى ورق العنب، ولحم الطاووس، وأسماك الكافيار الأحمر، والجمبري الجامبو، والاستاكوزا؛ حيث تصل قيمة الواردات من السلع الترفيهية -طبقا لبيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات- إلى نحو 4 مليارات دولار سنويا. ولأن الملف أصبح أهم أولويات المرحلة الحالية تصدّرت رؤية الدكتور محمد البرادعي -المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية- وبرنامجه قصير المدى للعبور من الأزمة الاقتصادية صفحات "جريدة الشروق"، الذي وضعه -بحسب ما نشرته الجريدة- بناء على دراسات وأبحاث اقتصادية، واستشارات لآراء المتخصصين في التنمية والاقتصاد. وتضمّن برنامج البرادعي -قصير الأجل- تنفيذ برنامج وطني لتنشيط قطاع الإنشاءات كثيف العمالة، إضافة للمساهمة في تمويل الصناعات المصرية، بالتعاون مع البنوك العامة؛ لإعادة تشغيل المصانع المتوسطة المتوقفة والمتعثرة أو المهددة بالتوقف، والتي يُقدّر عددها بما يزيد على 500 مصنع، إضافة إلى تقديم إعفاءات وحوافز ضريبية مؤقتة، ولمدة لا تزيد على سنتين للاستثمارات الجديدة في المشروعات كثيفة العمالة. ودعا البرنامج إلى الاهتمام بالتدريب والدعم الفني للشباب لتنمية مشروعاتهم الصغيرة؛ فضلا عن ضرورة تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور في جميع الجهات الحكومية فورا؛ مشيرا إلى ضرورة إعادة جدولة الديون الزراعية متوسطة الحجم، وإعفاء القروض متناهية الصغر لصغار الفلاحين، وشدد البرنامج على ضرورة تفعيل المجلس الأعلى للاستثمار؛ لتنفيذ المشاريع الكبيرة المعطلة حاليا؛ حيث يزيد حجم استثماراتها على المليار جنيه. وتطرق برنامج البرادعي إلى قطاع السياحة؛ حيث طالب بفتح أسواق غير تقليدية للسياحة المصرية؛ واضعا عددا من الأُسس التي يقوم عليها ذلك، كما شمل البرنامج تنشيط قطاع صناعة وسائل النقل وتحسين المواصلات العامة وتصنيعها محليا، وتحسين مناخ الاستثمار في البلاد. وحول زيادة موارد الدولة على المدى القصير والإسهام في توفير الموارد المالية لتمويل هذه الاستثمارات وغيرها، يجب إعادة النظر في أولويات الإنفاق الحكومي لإعادة التوازن لصالح الفئات المهمشة، وتخفيض دعم الطاقة بداية بالصناعات كثيفة الاستهلاك، وتحويل جميع حافلات النقل الجماعي والسيارات الحكومية إلى العمل بالغاز الطبيعي بما يوفر من تكلفة دعم البنزين. ومن الموارد الأخرى: الاستعانة بالدول والمؤسسات الدولية والعربية، التي تسعى إلى مساندة الاقتصاد المصري في هذه الفترة الانتقالية، وأوضح تصور البرادعي ضرورة تفعيل الضرائب العقارية على المساكن المغلقة، وليس على السكن الأول. ومن العوامل التي ستُسهم في زيادة الموارد: تشجيع الاستثمار والتبادل التجاري مع البلاد الصاعدة اقتصاديا مثل: الصين، والهند، والبرازيل، وروسيا، وكوريا، وإندونيسيا. ووفقا لما نشرته الشروق؛ فإن البرادعي قد قدّم برنامجه الاقتصادي إلى الدكتور كمال الجنزوري -رئيس الوزراء- منتصف الشهر الماضي؛ لدراسته كخطوات عملية ومدروسة للعبور بالاقتصاد المصري من أزمة مُحدقة خلال المرحلة الانتقالية.